في مقال قديم بعنوان: (دعوهم يمضغون اللبان) نصحتُ وزارة التربية والتعليم بأن تستبدل حصة التربية البدنية بحصة خاصة لمضغ اللبان.. فقد اتضح ان لمضغ اللبان فوائد ذهنية واضحة ليس اقلها تنشيط المخ وزيادة الذكاء وتحفيز الذاكرة (والأهم في مدارسنا ، مقاومة نوم الطلاب).. وحسب الدراسة التي أجراها العالم الألماني يجفرد يرل اتضح ان القدرة على الحفظ تزيد لدى الطلاب بنسبة 20% وقدرتهم على الاستيعاب بنسبة 23% أثناء مضغ اللبان.. فالمضغ يوفر حركة رتيبة تتزامن مع المعلومات المدخلة للذاكرة - ناهيك عن قرب عضلات الفكين من الدماغ الأمر الذي ينشط تدفق الدم إليه - !! .. وكنت شخصيا قد حفظت سورة الكهف في سن مبكرة وكنت أتلوها غيبا أيام الجمع بالذات.. وبمرور الأيام لاحظت أنني حين اقرأها سراً أنسى وأخطئ كثيرا / في حين لا يحدث هذا حين أقرأها جهراً وبصوت مرتفع.. وبعد التفكير والملاحظة اكتشفت ان لتحريك الفكين علاقة بتحسين الذاكرة وتنظيم خروج المعلومات - وجرب بنفسك.. فالنسيان بمثابة عجز عن استرداد معلومة موجودة برأسك أصلا ولكنها تاهت بين أرشيف الذكريات الهائل.. وهذا يعني أن قدرتك على التذكر سترتفع بنسب مضاعفة في حال اكتشفت وسيلة تصنف بها معلوماتك بطريقة منطقية مترابطة (بحيث تستطيع الوصول اليها بسرعة مثل دليل الهاتف)!. ومن التقنيات التي تساعد على عملية التذكر ربط المعلومة بلحن معين (وهذا سر حفظنا للأغاني وعجزنا عن حفظ بيتين من الشعر) أو ربطها بايقاع عضلي رتيب (كما يحدث أثناء المشي ومضغ اللبان وتأدية الحركات التمثيلية).. ونحن بتحريكنا للفكين نستظهر ذكرياتنا بشكل أفضل لاننا ربطناها بقالب إيقاعي مُلحن في حين يُؤمن تحريك عضلات الفكين إيقاعاً عضلياً رتيباً ومنتظماً (خصوصا في ظل تزامنها مع مخارج الحروف المختلفة)!!. .. وبوجه عام اتضح ان حركة الجسم أثناء الاطلاع والقراءة (وليس ثباته على مقعد دراسي لساعات) تساعد على تثبيت الحفظ واستدعاء المعلومة.. والعديد من الطلاب يدركون هذه الحقيقة بلا وعي منهم فغدت مذاكرتهم بطريقة البندول (رايح جاي).. وهذه الطريقة "البندولية" اعتمدها فلاسفة الإغريق أيضا لرفع مستوى التفكير وتنظيم الذاكرة.. فأرسطو مثلا كان لا يفكر إلا متسكعا على غير هدى في شوارع المدينة.وسكان اثينا كانوا يطلقون على افلاطون وطلبته اسم "المشائين" لأنهم كانوا يناقشون القضايا العويصه وهم يمشون لساعات. وفي السبعينيات اكتشف العالم الامريكي ج. دايفي أن المستوى الذهني للاعبي السلة يرتفع بحدة اثناء المباريات الحامية. وفي فرنسا لوحظ ان حالات الخرف لدى كبار السن تخف اثناء تريضهم اليومي.. وفي جامعة كولون بألمانيا ثبت ان حركة الرجلين على الدراجة ترفع مستوى الانتباه وتحسن الذاكرة بشكل مؤقت.. أما الجيش الأمريكي فيوزع على جنوده في العراق وأفغانستان "علكاً" يبعث مضغه على التركيز وكبح جماح التهور. واليوم اصبح مؤكدا ان منطقة المهاد السريري في الدماغ تفرز اثناء الحركة مواد طبيعية مهدئة تجعل الانسان في "مزاج رايق" وحالة ذهنية صافية (ولعلك لاحظت مشاعر الحبور والاسترخاء التي تنتابك بعد المشي لمسافة طويلة).. كما ان الحركه ذاتها تنشط الدورة الدموية ككل فيحصل المخ على المزيد من الغذاء والاوكسجين ويصبح مهيأً بشكل أفضل للتعامل مع مدخلات الحياة اليومية!. .. فقط.. جرّب بنفسك..