ارتفعت أسعار كل شيء تقريباً ومع هذا لم يتغيّر سلوكنا الاستهلاكي: @ مازال البعض يسرف في استهلاك الضروري وغير الضروري. @ مازال البعض يصرف الكثير من دخلهم على هذا الاستهلاك. @ مازال استهلاك الطاقة بكافة اشكالها على أشدّه رغم ارتفاع الفواتير. @ مازال صرفنا على "الكلام في الهواء" في الهاتف الجوال الأعلى. @ مازلنا نعتمد وبشكل كبير على استيراد كل شيء تقريباً. إذاً لم يتغير أسلوب حياتنا رغم الضائقة المالية التي يمر بها البعض ورغم انتكاسة سوق المال (الأسهم)، بل قيل إن البعض مازال يستجدي القروض من أجل اقتناء كماليات أو الصرف على متطلبات السفر من أجل. السياحة والوناسة، وكنت أتمنى لو سأل كل منّا نفسه سؤالاً قبل أن يُقدم على شراء سلعة كمالية هل أنا بحاجة ماسّة إليها؟ وهل يمكنني أو يُمكن من سأشتريها من أجله الاستغناء عنها؟ وهل ستقف الحياة فيما لو لم اشترِها؟ أجزم بأننا لو واجهنا الحقائق بكل صدق وتجرّد لتخلينا عن كثير من ممارساتنا السلبية ولوفرنا على أنفسنا الجهد والمال ونعمنا براحة البال. لنتخيّل ما الذي سيحدث لو توقفنا عن شراء واستهلاك السلع غير الضرورية أو على أقل تقدير أجّلناها الى أجل غير مُسمّى؟ أكيد ستتكدّس تلك الكماليات والاجهزة على رفوف التجّار وستغص بها مستودعاتهم وستتوقف البواخر المحمّلة بالبضائع الهامشية عن الابحار تجاه بلادنا وسيبقى (الريال) يدور بين أيدينا، فالمشتري يعطيه للخباز والخباز يعطيه لتاجر الدقيق وهذا بدوره يعطيه للمُزارع والمزارع يعطيه لبائع البذور وهكذا يتراكم الريال مع الريال داخل حدود الوطن لينمو الاقتصاد ويزدهر.. عندها كم من عصفور يمكن اصطياده بمجرّد تخلينا عن استهلاك أشياء غير ضروريّة؟ إليكم هذه القصّة التي أوردها الدكتور محمّد عبدالقادر حاتم في كتابه "الإدارة في اليابان" تقول الحكاية إن الرئيس الأمريكي السابق جيمي كارتر انزعج من الحد الذي وصل إليه الاقتصاد الياباني، وخلال لقاء مع رئيس الوزراء الياباني آنذاك ناكاسوني طلب الرئيس الأمريكي وقف الاجتياح الياباني للسوق الأمريكي، وعرض كارتر قائمة بتصدير سلع قرأها ناكاسوني وأخرج آلة حاسبة من حقيبته وراح يضرب ويطرح ويقسم وأخيراً قال للرئيس كارتر: إن معدة الانسان الياباني لها سعة معينة من البرتقال الذي تقترح تصديره لنا، لكن بهذه الصورة سيشرب الياباني برميل برتقال يومياً، ولهذا عرضك مرفوض سيادة الرئيس".