هل تعرف كم يبلغ سمك قشرة البيضة، مقارنة بالبيضة نفسها!؟ أنا شخصياً لا أعرف، ولكن ما أعرفه جيداً أنها أسمك بكثير من قشرة الأرض الخارجية مقارنة بباطنها الملتهب.. فالإنسان والنبات والحيوان يعيشون ويتكاثرون ويموتون على قشرة أرضية أرق بكثير من قشرة البيضة مقارنة بحجمها. فكوكب الأرض تشكل منذ البداية من سديم (أو دخان كوني) تجمع في بؤرة مركزية صغيرة. هذه البؤرة انضغطت باستمرار (بفعل قوى الجاذبية) حتى شكلت نواة كثيفة جذبت إليها المزيد من السّدم والأجرام الكونية. وخلال هذه المرحلة كانت الأرض أشبه بكرة نارية ملتهبة تغلي بالمعادن الذائبة من قلبها حتى سطحها. وخلال ملايين السنين غاصت المعادن الثقيلة (كالحديد والنيكل) إلى أعماق الأرض (حيث النواة) في حين صعدت العناصر الخفيفة (كالسيلكون والأوكسجين) إلى سطحها الخارجي. وفي حين ظل باطنها يغلي بالحمم والمعادن - حتى اليوم - برد سطحها الخارجي بالتدريج مشكلاً القشرة الصلبة التي نعيش فوقها.. وهذه القشرة الصلبة رقيقة جداً وتمتد حوالي 40كلم تحت اليابسة و8كلم تحت المحيطات فقط.. أما تحت هذه القشرة فتأتي ثلاث طبقات داخلية ساخنة وملتهبة (ترتفع حرارتها كلما نزلنا للأسفل) حتى نصل إلى نواة الكوكب التي تتجاوز حرارتها 7000درجة مئوية. وأول طبقة منها تدعى الوشاح ويبلغ سمكها 3000كلم تقريباً، في حين يبلغ سمك الطبقة الثانية (وتدعى اللب الخارجي) 2250كلم تقريباً، ثم تأتي النواة التي يبلغ نصف قطرها 1300كلم تقريباً - وهذه النواة تتكون من حديد مصهر يولد بفضل دورانه الدائم حول المجال المغناطيسي للأرض - !! .. وكل هذا يعني أن كوكب الأرض (باستثناء طبقته الخارجية) ما زال جحيماً يغلي بالحمم التي تتصارع بشكل انفجارات وتصادمات لا تهدأ. وهي من القوة والزخم بحيث يمكنها نسف القشرة الخارجية لولا وجود شقوق وصدوع تشكل متنفساً للحمم الغاضبة (يمكن تشبيهها بصمام الأمان في قدر الضغط). وتعد البراكين أنموذجاً لتلك المتنفسات (والشقوق) التي تقوم بمهمة تخفيف ضغط الصهارة في الداخل. ولكن رغم وجود كل هذه "المتنفسات" يظل انفجار الأرض من الداخل احتمالاً وارداً - خصوصاً في حال ارتفاع حرارته الداخلية بشكل مفاجئ ووجود بعض اليورانيوم في نواته المركزية - .. ورغم أن انفجاراً كهذا يتطلب قوة غير عادية (بحيث تعجز كل البراكين والصدوع عن تسريبه بالسرعة الكافية) يعتقد أن كوارث مشابهة وقعت مرات عديدة في السابق حين تصدعت قشرة الأرض بشكل جماعي وشامل.. أضف لهذا هناك كواكب ثبت انفجارها (من الداخل إلى الخارج) أقربها كوكب قديم في مجموعتنا الشمسية انفجر ذاتياً قبل 4ملايين عام وتبعثرت أشلاؤه في أرجاء الكون! . وحين شبهتُ قشرة الأرض - في بداية المقال - بقشرة البيضة أتى هذا بعد مقارنة سمك القشرة الخارجية ( 40كلم فقط) بمجموع سماكة الطبقات الداخلية الملتهبة التي يصل مجموعها إلى 6550كيلو متراً!! وبناء عليه لا أتردد في تشبيه الأرض ببيضة كبيرة ساخنة معلقة في الفضاء من يفقس على سطحها لا يرغب بالعودة لباطنها!!