حتى في خضم هزيمة مريرة انضم الجمهوريون إلى الديمقراطيين في الاحتفال بإنجاز باراك اوباما التاريخي حيث أصبح أول رئيس أمريكي من أصل إفريقي. ولم يستطع الرئيس جورج بوش الذي تضافرت عوامل تدني شعبيته بشدة مع تهاوي الاقتصاد لدفع الناخبين لمعاقبة الجمهوريين الأمر الذي كلف جون ماكين الانتخابات في اغلب الظن، لم يستطع إلا أن يشيد بأوباما الأربعاء لتحطيمه الموانع العرقية والتغلب على تمييز أمتد لأكثر من قرنين من الزمان. وقال بوش عن هزيمة أوباما الصاعقة لماكين "أيا كانت الكيفية التي أدلوا بها بأصواتهم فلابد للأمريكيين أن يشعروا بالزهو للتاريخ الذي صنعوه أمس. لقد كان قسم كبير من مواطنينا لا يصدق أنه سيعيش ليرى هذا اليوم". تقضي قواعد البروتوكول غير المكتوب أن يقدم المهزوم في الانتخابات تهانيه وكلماته الرقيقة لخصمه المنتصر بيد أن فيض العواطف والإشادة الذي انهال على اوباما كان غير مسبوق. وظهرت عميدة الدبلوماسية في إدارة بوش، كوندوليزا رايس بشكل مفاجئ في المؤتمر الصحفي المقتضب اليومي لوزارتها لتعرب عن حماسها للانتصار التاريخي لأوباما وقالت "إنها لخطوة استثنائية" للأمام للولايات المتحدة. وقالت كوندوليزا التي كانت أيضا أول سيدة سوداء تشغل منصب وزيرة الخارجية وقد تهلل وجهها فرحا "إن من أعظم الأشياء التي تميز هذا البلد هو قدرته الدائمة على إثارة الدهشة. قدرته الدائمة على تجديد نفسه، وعلى أن يهزم كافة التوقعات والمسلمات". أما كولين باول وزير الخارجية الأمريكي الذي شغل المنصب قبل رايس والذي صنع تاريخا أيضا عندما صار أول أمريكي من أصل أفريقي يشغل منصب رئيس الأركان بالجيش الأمريكي عام 1989قبل أن يعينه بوش وزيرا للخارجية عام 2000ليصبح أول أسود يشغل هذا المنصب فقد اختنق بالدموع عندما سألته شبكة ( سي إن إن ) الإخبارية عن نتيجة انتخابات الثلاثاء . وقال باول الذي نادرا ما يعبر عن عواطفه "إنني أشارك جميع الأمريكيين ما يشعرون به من زهو الآن" معترفا بأن الدموع طفرت من عينيه بعد فوز اوباما وقال "لا اخجل من اعترافي هذا". وكان باول قد خرج عن صفوف حزبه قبل الانتخابات بأسبوعين وأعلن عن دعمه لأوباما معللا ذلك بغياب بوصلة التوجيه عن حملة ماكين وحاجة البلاد إلى التغيير. لكنه أكد جازما أنه لا يزال يعتبر نفسه جمهوريا. وقال باول "إن الرئيس المنتخب لم يطرح نفسه كرئيس أمريكي من أصل إفريقي. بل كأمريكي تصادف أنه اسود وتصادف أنه أمريكي من اصل إفريقي- وان هذا يتعين أن يأتي بعد اللقب". وجاءت بعض أجمل التعليقات من جانب ماكين الذي اقر صراحة بالهزيمة بعد سباق انتخابي مرير ضد مرشح شاب أسرت رسالته عن التغيير الولاياتالمتحدة والعالم. وقال ماكين "أقر بالدلالة الخاصة لهذا الحدث بالنسبة للأمريكيين من اصل إفريقي والفخر الخاص الذي لابد وأنهم يشعرون به الليلة" في إشارة إلى الكفاح من أجل الحقوق المدنية. وأردف ماكين "ما ابعد أمريكا اليوم عن ذاك الزمن الذي كانت تسود فيه الوحشية والتعصب المقيت. وليس ثمة دليل أصدق على ذلك من انتخاب أمريكي من أصل إفريقي لرئاسة الولاياتالمتحدة".