بعد أن كنا "أبطالا" أيام وليالي "العيد".. أصبحنا نحل ضيوفاً عليها كان هذا لسان حالنا عندما التقينا آخر مرة. "إمبارح وقع وشي بوجه إنسان.. رفيقي بأيام الدراسة كان. بس شفته بلعت بريقي! ولوو.. شو متغير رفيقي رفيقي كبر.. يعني أنا كبران". هكذا اختصر المعنى موال المغني اللبناني نصري شمس الدين.. الذي سقط وقضى نحبه على أحد مسارح "ملاهي الشام" إبان الحرب اللبنانية.. وحينها ربما كان يغني بصوته الشجي.. مثل هذا الموال.. غير أن لقاءاتنا ليست "ناحبة" مثلما يريد أن يوحي الكلام الذي "فرط" .. لكنها مليئة بالبهيج من الذكريات.. وأحدنا لا يتفقد الآخر ليرى حجم كثافة غزو البياض لسواد شعر الرأس واللحية.. بل يتأمله مليئاً بحثاً عن ما تبقى فيه من سماته السابقة: مرحه.. حس النكتة لديه.. سرعة غضبه.. دهاؤه.. مكامن حكمته.. أسباب صمته.. ومبررات شروده.. واشراق وجهه.. أو مسحة الحزن التي أصبحت تعلوه.. كان هذا مقياس ضيافة العيد لنا.. أو ضيافتنا له.. وحين تبحث في أسباب البعد والغياب تجد من يلخصها بالقول: - الله يجازي الأولاد.. كانوا يتبعوننا.. لكنهم كبروا وأصبحنا نحن نتبعهم..!! ولن يمر هذا مرور الكرام.. فسوف تجد من يتصدى له ساخرا ويقول: - يعني على طريقة اخواننا المصريين "سلمت نمر العربية" وبطلت السواقة!! وسوف يمرر "النكتة" باستسلام وهو يقول: - سلمت السيارة والرخصة والاستمارة ويالله حسن الختام!! وبعد السؤال عن الصحة والأحوال والأولاد.. من تزوج ومن خلف.. ومن سافر.. ومن انتقل لابد ان يتساءل أحدهم: - الا ياعيال المقيطن اش أخباره.. وقبل الاجابة لابد أن يحتج أحدهم قائلا: - يارجل استح عيالنا كبرك وتقول علينا عيال!! غير أن الآخر يهون الأمر ضاحكا وهو يقول: - نفس طريقة الوالدة.. كل الدنيا في عينها كبرت الا أنا.. وقدام عيالي تسأل فين أبوكم واذا جيت قالت.. فين كنت ياواد؟؟! نعود للمقيطن.. يقول آخر من رآه. - شفته قريب.. كبر.. وطاحت سنونه.. وابشر؛ يتعكز على عصا..!! اما الذي يريد ان يؤكد انه باق على شقاوة مرحه.. فتجده يسأل..: - وقيطانه... اللين دحين مربط وجهه ولا فكة. يضحك الذي اجاب ويقول: - فك "القردنه" من زمان.. سبل دقنه واتمطوع.. بس لسه عقله "كورة"!! - اش يشجع..! - يقولك اعتزل الأندية بعد الاحتراف.. وما يدور الا المنتخب..! - والله خسرت الأندية مشجع عنيد..!! تنطلق الضحكات.. ولمزيد من الايضاح نسمعه يقول: - يقول المقيطن الاحتراف خرب الكورة.. كنا زمان نفرح لما يلعب عيال الطايف في الأندية الكبيرة.. عبدالرحمن الجعيد.. كريم المسفر.. غريب.. محمد سعد العبدي.. حسن ابوعيد.. سلطان البيشي.. محمد فايز.. وغيرهم.. لكن سعيد غراب والنور موسى خربوا الكورة.. يوم في الاتحاد ويوم في النصر ويوم في الأهلي.. وضاعت الطاسة.. وبرضة قلنا ماشي.. لكن حكاية الاحتراف جابت قرار الكورة.. اليوم يلعب معاك وبكرة يلعب ضدك..! ونضحك .. بعضنا على مفاهيم القيطن البائدة.. وبعضنا مؤيدا لها.. وتسمع من يقول: - شباب ما عندهم الا أنفسهم خليهم يسترزقوا .. - لكن فين راح الولاء للشعار "ولا هي كورة وبس"..! - ياعمي اللي تغلب به العبه.. - أووف والله فكرتني بشعاراتنا زمان..! ولابد ان تسمع من يقول مصححاً. - ماهي شعارات.. طول عمرنا نلعب و"الصعوة" ورا القول..! نضحك.. نضحك.. نضحك.. ومن يستطيع ان يوقف بهجة العيد.