عادت الحياة من جديد يوم أمس داخل المدارس في المملكة وبدأت تستعيد تدريجياً ما فقدته طيلة الأشهر الأربعة الماضية التي استمتع خلالها الطلاب بأطول إجازة سنوية يتمتعون بها، حيث جاءت عودة الحياة مع جلوس أكثر من 5ملايين طالب وطالبة على مقاعد الدراسة مستهلين عاماً دراسياً جديداً مفعماً بالحيوية والنشاط والاجتهاد. وبعودة الروح إلى المدارس عادت معها الحياة الى طبيعتها، وعادت عجلة العمل تدور من جديد، وأثبت الطلاب والطالبات أنهم هم من يمنحون الحياة في المجتمع برمته، وهم من يصيبون الحياة بالركود. ومع ساعات الصباح الباكر ليوم أمس السبت شهدنا كيف اكتظت شوارعنا بالسيارات التي تحمل "فلذة الأكباد" إلى مدارسهم، وتحمل معهم الآمال والطموح في أن يكون هذا العام أفضل من سابقه، ومع هذا التدفق الهادر من البشر والسيارات بدا وكأن الجميع نفض سريعاً عن نفسه غبار الكسل والتقاعس الذي لازمه طيلة الإجازة، وراح يعيد إلى حياته عنفوانها، وانعكست الحيوية على جميع الموظفين والموظفات وحتى على ربات البيوت، فشعر الجميع وكأن الدماء للتو بدأت تسري في شرايينهم. المنظر الجميل لزحف أبنائنا وبناتنا صوب مدارسهم كان بمثابة بعث الروح في نفوس الجميع، فأسرع الفلاح والتاجر والطبيب والضابط الى مقر عمله بأكثر همة وأكثر عزيمة ونشاط، ما يعطي قناعة حقيقية بأن أحباب الله "الأطفال" هم سر وجود الحياة على هذه البسيطة بأرواحهم المليئة براءة.. وحب.. وعلى الرغم من عودة الحياة الى مدارسنا، إلا أنها سجلت مع أول يوم حالات غياب كثيرة، حيث لا يزال الكثير من الطلاب والطالبات يتمتعون بإجازتهم التي قد تستمر حتى نهاية الأسبوع الحالي!! كما شهدت المدارس حضوراً مميزاً للمعلمين والمعلمات واستعداداً مكثفاً لاستقبال الطلاب وبدء عام دراسي جديد، كما شكل الجدول الدراسي حديثاً لم ينتبه بين المعلمين، إلى جانب توزيع النصاب بالتساوي بين الجميع. وفي المقابل قامت ادارات المدارس بتوزيع الكتب في جميع المراحل، باستثناء الطلاب والطالبات الذين يعيشون اسبوعهم التمهيدي. كما لاحظت "الرياض" سباقاً مثيراً بين أولياء أمور الطلاب والطالبات لاستكمال تسجيل أبنائهم في المدارس، لاسيما في المدارس الأهلية التي شهد بعضها ازدحاماً كبيراً في عمليات القبول.. بداية جادة.. والنظافة مفقودة! وعلى صعيد الصيانة والنظافة داخل المدارس يبدو أن المدارس الأهلية كانت أفضل حالاً من "الحكومية" حيث بدا واضحاً تأثر عودة الأساتذة والطلاب في يوم واحد، وتأخر أعمال النظافة لبعض المدارس، إلى جانب تنظيم الكراسي والطاولات وتوزيعها على الفصول. وعلى الرغم من أن وزارة التربية والتعليم لم تمهل المدارس يوماً أو يومين لإعداد المدارس وتجهيزها لاستقبال الطلاب إلا أن كثيرا من مديري المدارس قاموا بتجهيز مدارسهم منذ أيام كاجتهاد منهم. "الرياض" قامت صباح أمس بجولة على عدد من المدارس حيث لاحظت الفوضى في كثير منها في حين أن هناك مدارس كانت الجدية منذ الحصة الأولى. ويقول الأستاذ احمد محمد الشهري مدير مدرسة سعيد بن زيد بن نفيل الابتدائية بمدينة الرياض انه رغم أن المباشرة كانت يوم السبت إلا أننا أثرنا العودة منذ يوم الاثنين الماضي، وذلك لتجهيز المدرسة والكتب المدرسية وتوزيع جداول المعلمين لتبدأ الدراسة مع اليوم الأول لأن الانتظار حتى يوم السبت كان سيكلفنا كثيراً، مشيراً الى ان اليوم الأول شهد استقبال طلاباً جدد أو توديع آخرين وكذلك توزيع الجداول على الطلاب وتوزيعهم على الفصول. وتوجهنا الى احد المدارس الأخرى فوجدنا أن هناك تكدسا لأولياء الأمور الذين حضروا لتسجيل أبنائهم مما أحدث ربكة داخل المدرسة. وعن البداية الجادة من بعض المدارس يقول محمد المطيري انني لم أتوقع هذه البداية الجيدة نظراً لأن عودة المعلمين كانت مع الطلاب إلا أن مديري بعض المدارس أثروا الإجازة وجهزوا مدارسهم. الأسبوع التمهيدي كما شهدت المدارس الابتدائية في المملكة كرنفالا ترفيهيا للطلاب المستجدين في الصفوف الأولى، حيث سعت هذه المدارس على تنظيم برامج ومسابقات وألعاب مسلية للطلاب. وأكد المدير العام للتربية والتعليم بمنطقة مكةالمكرمة الأستاذ بكر بن إبراهيم بصفر ان برنامج استقبال التلاميذ المستجدين بالصف الأول يهدف إلى مساعدة الطفل على الانتقال من محيط الأسرة الذي ألفه إلى محيط المدرسة الأكثر رحابة وسعة، وذلك وفق برنامج تربوي تدريجي مشوق ومحبب للنفس. وقال عقب رعايته يوم أمس الأسبوع التمهيدي لاستقبال الطلاب المستجدين بمدرسة البراء بن مالك الابتدائية بحي الاسكان بالرصيفة ان البرنامج يهدف أيضاً لتكوين اتجاه نفسي ايجابي لدى الطفل نحو الدراسة واكتساب خبرات مدرسية تسرع بعملية التكيف المدرسي، وتوفير فرصة تربوية مبكرة للمعلم، ليتعرف من خلالها على شخصية كل طفل ومسارات نموه وأنماط سلوكه المختلفة في جو مفعم بالحرية والتسامح يتصرف فيه الطفل بطواعية وفقاً لدرجة فكره ونمط شخصيته، وكذلك بث الطمأنينة في نفوس الآباء على أبنائهم وتعميق الشعور لديهم بأن أبناءهم محل الاهتمام والرعاية بطرق ملموسة والعمل على استثمار وتوظيف ذلك في تدعيم العلاقة بين البيت والمدرسة. من جهته أكد مدير إدارة التوجيه والإرشاد بالإدارة العامة للتربية والتعليم بمنطقة مكةالمكرمة الأستاذ ابراهيم بن سعيد الثبيتي فعاليات الأسبوع التمهيدي في مدارس المملكة تشمل توزيع كتيبات ومطبوعات تم اعدادها هذا العام حول التنشئة الاجتماعية في مرحلة الطفولة وخصائص نمو المرحلة الابتدائية من الصفوف الأولية، وكذلك استمارة تقييم لبرامج الأسبوع التمهيدي. وأضاف انه في اليوم الثاني يحضر الطلاب المستجدون إلى المدرسة مع بداية اليوم الدراسي ويلتقون في مكان مناسب مع المرشد الطلابي ومعلمي الصف الأول لمشاهدة طابور الصباح ويصطحبهم المعلمون في جولة بين أرجاء المدرسة ليتعرفوا على بعض مرافقها وكيفية استخدامها والمحافظة عليها ومزاولة بعض الألعاب المسلية، مشيراً إلى أن حضور أولياء أمور الطلاب المستجدين خلال الأسبوع التمهيدي يعد عاملاً من عوامل تحقيق البرنامج لأهدافه.