@@ إذا كان الروائي والأديب الكبير الأستاذ عبدالله عبدالرحمن جفري قد رحل عن دنيانا بعد معاناة طويلة مع المرض.. فإن اسم الجفري وسجاياه وأعماله الأدبية المتميزة لن تجعلنا ننساه مدى العمر. @@ لقد أعطانا الجفري كل نفسه.. @@ وأصدق مشاعره.. @@ وأنبل أحاسيسه.. @@ وأروع حروفه.. ومواهبه.. @@ كان أديباً وفناناً وصحفياً وروائياً. @@ كان "مجموعة إنسان" كما يقول الأمير خالد الفيصل.. @@ فكيف يمكن لإنسان ترك فينا كل هذا ان يغيب - في يوم من الأيام - عن ذاكرتنا؟! @@ ومع ذلك "فإن أعماله الأدبية" وتجربته الصحفية لابد وان تدرس بعمق وان توثق بصورة علمية لتكون بمثابة مصدر نتركه للأجيال القادمة. @@ ليس هذا فقط هو الذي يجب ان نفعله لهذه القامة الثقافية الشامخة.. بل ان علينا ان ندرك ان هذا الأديب الإنسان قد عاش عمره مستوراً.. يعيش من وراء الحرف عيشة بسيطة ومتواضعة أشد التواضع كما هي حال أكثر الأدباء والمثقفين الذين لم ترق لهم الوظيفة العامة.. أو أنهم تركوها في أوقات مبكرة من حياتهم.. فعاشوا على الكفاف. @@ وعندما ينتقل أحدهم إلى الرفيق الأعلى.. فإنه يترك وراءه أناساً كراماً.. تعوزهم الكثير من أسباب العيش الهانئ والحياة المستورة. @@ إن هؤلاء وفي مقدمتهم هذا الإنسان الإنسان عبدالله جفري يحتاجون من المجتمع قبل الدولة ومن الدولة قبل أثرياء البلد.. ومن الأثرياء قبل العامة والبسطاء.. ان يدركوا ان هذه الشموع المضيئة لم تأخذ حقها ولم تنل التقدير الكافي على عطائها.. وأنه إذا كنا قد قصرنا في التعامل معها في حياتها، فإن علينا ان نكرم أهلهم وذويهم ومن يلوذون بهم بعد مماتهم.. وان كان علينا ان نفعل ذلك في وجودهم لنشعرهم بأن البلد يدين لهم بالعرفان وان الجميع يقدر مواهبهم ويحترم عطاءاتهم. @@ لقد عاش الجفري حياة مترفة الاحساس.. ثرية العطاء والفكر والمشاعر.. وان لم يجد من دنياه ما يستحقه فقد عاش جل حياته وحتى وفاته يرحمه الله في شقة. @@ عاش حياة بسيطة.. بانفة الكبار وكبرياء العظماء والأباطرة وعزة نفوسهم. @@ عاش بالحب.. @@ ومات بفعل الحب.. @@ فهل نرعى هذا الحب بعد وفاته؟! @@ ذلك ما أتمنى وأرجو.. @@ كما أتمنى ان تنشأ هيئة للأدباء والمثقفين شأنها في ذلك شأن هيئة الصحفيين.. على ان تتكفل الهيئتان بحياة الأدباء والصحفيين ولاسيما المعوزين منهم.. وان تتعهدهم وتتولى شؤون تكريمهم ورعاية حقوقهم والدفاع عن مصالحهم، وتتبنى أسرهم وعوائلهم بعد رحيلهم. فذلك أقل ما يجب ان نقدمه لهم في حياتهم وبعد مماتهم. @@ ولست بحاجة إلى استعراض مستويات حياة الكثيرين منهم فهي إلى البؤس والشقاء والكفاف أقرب منها إلى الرفاه.. والطمأنينة والاستقرار @@ ولا يليق بنا كمجتمع مسلم.. @@ ولا يليق بنا كبلد أنعم الله عليه بخيرات كثيرة.. ان نغفل عن هؤلاء.. أو ان نقصر تجاههم. @@ رحم الله الجفري رحمة الأبرار.. وأسكنه فسيح جناته.. وألهم أهله وذويه الصبر والسلوان.. وجعلنا أوفياء له.. ولأمثاله من المبدعين.. والله مع العبد ما كان العبد مع أخيه. @@ ضمير مستتر @@ مؤلم ان تعطي الكثير ولا تأخذ شيئاً في حياتك.. والأكثر إيلاماً الا يتذكر أحد أبناءك من بعدك.