سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
استخدام الليزر في عمليات الجيوب الأنفية لم يقدم أي فائدة إضافية وما تروج له المراكز الخاصة غير صحيح!! لحمية الأطفال الأكثر انتشاراً والتأخر في العلاج يخلف العديد من المضاعفات
يتسابق بعض الأطباء في حفظ المصطلحات الطبية بجميع لغاتها الأجنبية بينما يتقاعسون عن معرفة لغتنا العربية والترجمة الصحيحة لهذه المصطلحات، مما يؤدي الى اختلاط الامر والتباسه على المرضى في معرفة التشخيص الصحيح والدقيق لمرضهم، ولعل أبرز المشكلات التي تثار في هذا النطاق هي مشكلة اللحمية كمصطلح علمي طبي متداول بين المرضى والأطباء ويتم اطلاقه على التهابات عديدة... اسئلة كثيرة تدور في رؤوس المرضى حول هذا المرض اختلف الأطباء في تفسيرهم لها ربما بسبب عدم تأكدهم من فهم المريض لها. السؤال الذي يبحث عن اجابة عند العديد من المرضى ماهي اللحمية؟ وهل هي وراثية؟ أو حساسية؟ ولماذا ترجع عند بعض المرضى؟ وهل ازالتها يسبب رجوعها بشكل اسرع؟ المريض له الحق في التعرف على مرضه.. ماهو التعريف العلمي الصحيح لمصطلح اللحمية؟ اللحمية تطلق بشكل عام على أي بروز أو نتوء لنسيج حي فوق سطح الأغشية المبطنة للجهاز التنفسي أو الهضمي، هذه النتوءات قد توجد على الجلد إلا أنها ذات أسماء لأمراض يعرفها اغلب المرضى، وتطلق على هذه النتوءات أو البروز في داخل أجسامنا "لحميات" وهو مايعتبر تقصيرا منا نحن الأطباء في إعطاء كل مرض اسمه العربي مع إعطاء المريض نبذة مبسطة عن هذا المرض بحجة انشغالنا بكثرة المرضى أو عدم حرص المريض على معرفة مرضه أو صعوبة الكلمات العربية، لكن جميع هذه الأعذار غير مبررة وغير مقبولة من قبل العديد من المرضى. اللحميات تنقسم الى انواع كثيرة ومتعددة والتي قد اجهلها أكثر مما يجهلها بعض المرضى، لهذا سأتحدث عما أعرف وهي لحمية الأنف التي لها ثلاثة أنواع هي: الناميات (لحمية الأطفال) Adenoid، السليلات (لحمية الجيوب) Nasal polyps، المحارات ( لحمية الأنف) Turbinate. الناميات (لحمية الأطفال) Adenoid الناميات هي نسيج لمفاوي يوجد في الجدار الخلفي للبلعوم الأنفي. و قد تملأ الناميات معظم هذا التجويف عند الأطفال الصغار لكنها تبدأ بالضمور عند سن 6- 7سنوات، وكقاعدة عامة لا يبقى من الناميات إلا جزء ضئيل أو تختفي تماماً عند سن 51سنة، الا انه بسبب الالتهاب المتكرر للطريق التنفسي العلوي عند بعض الأطفال بين 1- 4سنوات فإن الناميات تتضخم وتسبب الأعراض التالية: انسداد الأنف الذي ينتج عنه اضطرار المريض للتنفس عن طريق الفم مما يفقده جميع وظائف الأنف والتي تشمل خلال الاستنشاق تبريد الهواء وترطيبه وتنقيته من الأجسام الغريبة والجراثيم وتمييز الروائح، أما عند الزفير فيقوم الأنف بانتزاع البرودة وانتزاع الرطوبة وتحميل الهواء بجميع ما علق به من أتربة وأجسام ضارة لم يسمح لها بالدخول إلى مجرى الهواء. بسبب انسداد الأنف ايضاً يقوم المريض بالتنفس عن طريق فمه الذي لم يخلق لهذه الوظيفة مما يؤدي إلى جفاف الفم من اللعاب وينتج عنه مرض الأسنان و التهاب البلعوم والحنجرة المتكرر، بالإضافة إلى الالتهابات الرئوية المتكررة والنزلات الشعبية وصعوبة علاج حالات الربو، وقد يعاني الطفل من الشخير وفي الحالات الشديدة قد يصاحبها اضطرابات النوم مثل نوبات الاختناق أثناء النوم وصعوبة الاستيقاظ والتبول اللاإرادي والصداع المزمن وكثرة النعاس وقلة التحصيل العلمي بالإضافة إلى العديد من المشاكل الصحية، كما قد يؤدي تجاهل هذه المشكلة إلى تأثر نمو الجيوب الأنفية مما يسبب تغيرا في ملامح وجه الطفل وهو مايعرف عند المتخصصين بوجه النامية ( Adenoid face) . كما أن تضخم الناميات عن الأطفال يؤدي الى اضطرابات في قناة النفير (قناة استيكيوس) التي تصل الأذن الوسطى بسقف الحلق وتقوم بدور مهم تجاه الأذن، حيث تعادل ضغط الأذن الوسطى مع الضغط الخارجي مما يمكن طبلة الأذن من نقل الصوت بأفضل صورة، كما تقوم هذه القناة بتسريب السوائل من الأذن الوسطى إلى الحلق بالإضافة إلى دورها المهم في حماية الأذن الوسطى من صعود التلوث والجراثيم الموجودة في البلعوم الأنفي الى الأذن الوسطى، ومن المهم معرفة أن فتحة قناة النفير في سقف الحلق توجد بالقرب من الناميات التي قد يعيق تضخمها قناة النفير عن العمل بشكل جيد، مما يؤدي إلى التهابات الأذن الوسطى المتكررة وتجمع السوائل في الأذن الوسطى ومن ثم ضعف السمع. بالاضافة الى اعراض وعلامات المرض يمكن التأكد من تشخيص الناميات المتضخمة عن طريق الفحص بالمنظار أو بواسطة الأشعة السينية الجانبية للرأس، ويمكن علاج الناميات بالأدوية مثل المضادات الحيوية والكورتيزون الموضعي في الحالات البسيطة بينما يكون استئصال الناميات هو الحل الشافي والسريع للعديد من المرضى بحول الله وقوته، ويتم استئصال الناميات تحت التخدير العام بالكحت أو استخدام الأجهزة الحديثة التي تقوم بشفط النامية بعد كويها لتصبح هذه العملية في غاية السهولة والسرعة حيث لا تستغرق أكثر من خمس دقائق ويتم من خلالها الإزالة الكلية لهذه الناميات مما يندر معه تكرار نموها . يندر أن يصاحب هذه العملية اي مضاعفات. ومن هذه المضاعفات ان تندي منطقة النامية فتظهر افرازات من الانف محمرة بالدم ومن النادرة جداً هو النزيف خاصة مع الأجهزة الحديثة وعند حصول النزيف قد يحتاج المريض إلى المحلول الوريدي وأخذ عينة الدم الا أنه يندر جداً الحاجة إلى إعادة الطفل لغرفة العمليات لإيقاف النزيف. من النادر جداً أن يكون هنالك تغير في الصوت بعد العملية وهذا قد يحدث عن ازالة النامية الكبيرة جداً أو عند الأطفال الذين لديهم قصر في الحنك الرخو، وغالباً ما يشفى المريض مع مرور الوقت ولكن إذا لم يتم ذلك فمن المفضل مراجعة أخصائيي التأهيل الصوتي، وتندر الحاجة إلى عملية تصحيح البلعوم. قد ترجع هذه الناميات في حالات نادرة ومن المتوقع أن الاسباب التي تؤدي الى ذلك هي صغر سن الطفل عند اجراء العملية وعند المرضى الذين يعانون من الحساسية أو الحموضة أو الالتهابات المتكررة لمجرى الهواء العلوي أو الذين لم يتم استئصال الناميات لهم بالكلية . السليلات (لحميات الجيوب) السليلات هي عبارة عن انسلال أي (خروج) الأنسجة المخاطية من الجيوب الأنفية والتي غالباً ما تنسل من الجيوب الأنفية الغربالية. وتنتج السليلات المتواجدة في سقف الأنف عن التهابات الأنف المزمنة وهي تصيب كبار السن وتسبب انسدادا للأنف مشابها للناميات، وأحياناً تعمل مثل الصمام الذي يسمح بدخول الهواء عن طريق الأنف بينما يمنعه من الخروج فيتم خروج الهواء عن طريق الفم، وربما تسبب هذه السليلات انسداد الجيوب الأنفية مما يؤدي إلى التهابات الجيوب الأنفية المزمنة مع الإفرازات الكثيفة، وقد عجز الطب عن معرفة أسباب هذه السليلات ولكن وجد أن بعض المرضى لديهم حساسية مفرطة تجاه بعض الفطريات. يتم التشخيص بفحص الأنف المباشر أو عن طريق المنظار، وقد يكون العلاج باستخدام الكورتيزون الموضعي الذي يجعل سليلات الأنف تنكمش ولكنها لن تختفي، كما يمكن أن تخف الأعراض باستخدام حقن أو حبوب الكورتزون الا أنه بسبب كون هذا المرض مزمن فان استخدام المريض للكورتيزون لفترة طويلة لا يخلو من العديد من المضاعفات الخطيرة، في المقابل فان العملية الجراحية أصبحت سهلة ودقيقة بفضل توفر الأشعة المقطعية التي توضح جميع الجيوب الأنفية بالإضافة إلى توفر المناظير المتطورة في العمليات والتي اغنت عن اجراء أي جروح خارجية، وعندما يحتاج المريض إلى إجراء عملية يتم استئصال السليلات الأنفية غالباً تحت التخدير العام بعد إجراء أشعة مقطعية ليتم التعرف على الجيوب الأنفية المصابة وطرق الوصول إليها. أود أن أوضح أن الليزر لم يتضح أن له أي فائدة اضافية في عمليات الجيوب الأنفية وما يوجد في المراكز الخاصة من دعاية لليزر في عمليات الجيوب الأنفية غير صحيح، وتزال السليلات باستخدام الأجهزة الحديثة وأهمها الشفط بالمنظف الكهربائي الدقيق (المايكروديبرايدر) وبالاستعانة بالمناظير كما يتم استئصال الخلايا الغربالية وفتح بقية الجيوب الأنفية المصابة، ومن الممكن أن يكون من المفيد استخدام الكورتيزون لفترة قصيرة بعد العملية في الحالات الشديدة . المحار لحمية الأنف Turbinate يوجد في داخل الأنف قرون عظمية صغيرة بارزة في التجويف الأنفي تعرف بالقرينات (Concha) وهي مبطنة بأنسجة مخاطية تعرف بالمحار Turbinateحيث أنها تشبه محار البحر بشكل كبير جداً. و توجد ثلاثة محارات للأنف في كل جهة تقوم بزيادة مسطح النسيج المخاطي في الأنف مما يعطي قدرة أكبر للأنف للقيام بعمله بشكل أفضل، وتحوي هذه المحارات العديد من الأوعية الدموية التي تساعد الأنف بالقيام بعمله المهم من تبريد للهواء وترطيبه وتنظيفه، ويقوم الجهاز العصبي اللاإرادي بالتحكم بمقدار الدم في كل جهة حيث أن جهتي الأنف تتبادلان الامتلاء بالدم كل ساعتين تقريبا، ويعتقد أن هذه الدورة الدموية المتبادلة بين تجويفي الأنف هي التي تؤدي إلى تقلبنا من جهة إلى أخرى كل ساعتين عند النوم لتمنع وجود التقرحات السريرية فسبحان الخالق، وقد تصاب هذه المحارات بالعديد من الأمراض مما يؤدي إلى انسداد الأنف واحتقانه عند تضخمها، وتعد المحارات من الأمراض الواسعة الانتشار. يرجع تضخم المحار إلى العديد من الأمراض المتداخلة مع بعضها البعض ويعد التهاب الأنف التحسسي أكثرها انتشاراً، بالإضافة إلى التهاب الأنف الوعائي الحركي ( vasomotor rhinitis) الراجع إلى الاضطراب في النظام العصبي اللاإرادي والذي يتحكم بمقدار الدم الواصل إلى هذه المحارات بالإضافة إلى تحكمه بإفرازات الأنف، ومما قد يؤدي إلى هذا الاختلال العصبي استخدام بعض الأدوية الخافضة لضغط الدم وبعض الهرمونات مثل موانع الحمل (خاصة التي تحوي كميات عالية من هرمون البروجسترون)، وقد يعاني بعض النساء قبل الدورة من هذا المرض، كما أن التعرض إلى التغير السريع لدرجة الحرارة قد يؤدي إلى اضطراب وظيفة هذه المحارات. تشبه الأعراض السابقة الذكر عن تضخم الناميات وخروج السليلات بالإضافة إلى إفرازات الأنف المائية وانسداد الأنف الذي يتفاوت من جهة إلى أخرى ويسوء عند الاستلقاء بالاضافة الى موجات العطاس، وغالباً ما تشتد الأعراض عند تغير درجة الحرارة والتعرض لأشعة الشمس الساطعة والمثيرات (مثل الروائح النفاذة للمنظفات والعطورات و دخان السجائر). غالباً الأعراض تكون بسيطة ولا يكون هناك شيء غريب عند الفحص سوى تضخم المحار الذي لا يحتاج إلى علاج أكثر مما يحتاج إلى تثقيف المريض ونصحه بتجنب ما يثير هذه الانسدادات لديه كما أن الرياضة بشكل عام غالباً ما تساعد على الشفاء، أما إذا كان هنالك التهاب حاد في الجيوب فان أدوية الاحتقان غالباً ما تكون مفيدة، وإذا حدث تضخم شديد للأنسجة المخاطية للمحارات الأنفية والتي لا تستجيب للعلاجات فقد يكون من المفيد إجراء جراحة تصغير لهذه المحارات باستخدام الكي الحراري أو الكي بالتبريد أو تصغيرها ويفضل عدم استئصالها بالكلية حيث أن هذا قد يؤدي الى العديد من اضطرابات الأنف، ومن المهم لفت النظر الى ضرورة منع استخدام قطرات الأنف القابضة للأوعية في علاج تضخم المحارات المزمن، فعلى الرغم من أن هذه الأدوية تعطي بعض التحسن إلا أن الإدمان عليها يؤدي إلى الحاجة إلى المزيد من الجرعات فيما بعد. مما يصعب علاج مثل هذه الحالات. والتي تتطلب إقناع المريض بضرورة الإقلاع عن هذه الأدوية أولاً، ومن المؤسف أن سوء استخدام القطرات القابضة للأوعية واسع الانتشار حيث أنه غالباً ما يبدأ بنصيحة أحد الأصدقاء اوالصيادلة أو حتى الأطباء غير المدركين لخطورة الاستمرار عليها، إلا أن هذا الدواء يجب أن يقتصر على الحالات الحادة لانسداد الأنف ومن الضروري الإقلاع عن هذا الدواء بعد مدة أقصاها أسبوع. د. عبدالرحمن بن عبدالله حجر استشاري أنف وأذن وحنجرة عضو هيئة التدريس في جامعة الملك سعود