هل من أمل لمن انشغل بالمسلسلات والتسوق وكثرة النوم في أن ينافس من قاموا الليل وقرأوا القرآن وسالت دموعهم وتضرعوا لربهم طوال هذا الشهر الكريم؟ نبينا صلى الله عليه وسلم يبشرنا بالكثير، ويعدنا بالأكثر، فالإسلام دين الفرص التي لا تنتهي، والعروض التي لا تتوقف.. بأشياء يسيرة ودون تعب يعدنا هذا الدين بالكنوز والهبات، فيقول: (إن المؤمن ليدرك بحسن خلقه درجة الصائم القائم - أبوداود 2- 668) وذلك لأنه (ماشيء أثقل في ميزان المؤمن يوم القيامة من خلق حسن - الترمذي 4-362) وحسن الخلق أمر غير شاق، إنه: الابتسام وإفشاء السلام وبذل المعروف وكف الأذى، وهو ما يجعل المسلم أقرب الناس مجلساً من نبيه القائل لأصحابه: (ألا أخبركم بأحبكم إلي وأقربكم مني مجلساً يوم القيامة؟ فسكت القوم، فأعادها مرتين أو ثلاثا. قال القوم: نعم يا رسول الله. قال أحسنكم خلقاً - أحمد 2-185) شيء آخر أبهى وأجمل، ننافس به أولياء الرحمن هو قوله عليه السلام: (ألا أخبركم بأفضل من درجة الصيام والصلاة والصدقة؟ قالوا: بلى يا رسول الله. قال: إصلاح ذات البين - أبوداود 2- 697) أما الأثرياء ذوو القلوب الرحيمة.. المتعففون عن أموال الفقراء والمنكسرين فلهم هذه البشرى: (حوسب رجل ممن كان قبلكم فلم يوجد له من الخير شيء، إلا أنه كان يخالط الناس وكان موسراً، فكان يأمر غلمانه أن يتجاوزوا عن المعسر. قال: قال الله عز وجل: نحن أحق بذلك منه تجاوزوا عنه - مسلم). ولذا شرع الإسلام زكاة الفطر لتكفير ما يشاهده المسلم ويسمعه ويقوله من الصغائر، وهي زكاة تدفع قبل صلاة العيد، فمن دفعها بعد صلاة العيد فلا تعتبر زكاة فطر بل هي مجرد صدقة، حيث (أمر بزكاة الفطر قبل خروج الناس إلى الصلاة - البخاري 2- 548) وقال أيضاً: (زكاة الفطر طهرة للصائم من اللغو والرفث، وطعمة للمساكين، من أداها قبل الصلاة فهي زكاة مقبولة، ومن أداها بعد الصلاة فهي صدقة من الصدقات - أبوداود 2- 111حسن) والأفضل أن تكون من الأطعمة التالية: البر والتمر والشعير والزبيب والأقط، حيث (فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر: صاعاً من تمر، أو صاعاً من شعير، على العبد والحر، والذكر والأنثى، والصغير والكبير من المسلمين - البخاري 2- 457) وتجب زكاة الفطر على كل مسلم ومسلمة بشرط أن تكون زكاته زائدة على حاجته وحاجة عائلته، كما تدفع عن الجنين لأن النبي صلى الله عليه وسلم: (فرض زكاة الفطر من رمضان، على كل نفس من المسلمين - مسلم 7- 678). لكن ماذا ينتج عن سوء الخلق في رمضان؟ انه الإفلاس حتى لو كان الإنسان صواماً قواماً متصدقاً. فقد قال عليه السلام لأصحابه: (أتدرون ما المفلس؟ قالوا: المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع. فقال: ان المفلس من أمتي يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة، ويأتي قد شتم هذا وقذف هذا وأكل مال هذا وسفك دم هذا وضرب هذا، فيعطى هذا من حسناته وهذا من حسناته، فإن فنيت حسناته قبل أن يقضي ما عليه أخذ من خطاياهم فطرحت عليه ثم طرح في النار - صحيح مسلم 4- 1997) أعاده الله علينا بالأمن والايمان والغفران. وكل عام وأنتم بخير.