يستقبل سكان جمهورية باكستان الإسلامية بجميع فصائلهم وعرقياتهم شهر رمضان الكريم بروح إيمانية كباقي إخوانهم المسلمين لنيل الحظ الأكبر من الأجر والثواب بصيامه وقيامه، وتزدحم أسواق باكستان لإقبال الناس على شراء مستلزمات الإفطار. وفي مقدمة هذه المستلزمات أو المأكولات الشهيرة التي يكثر الازدحام عليها هي الكشوري المصنوعة من الطحين المحشو باللحم والخضروات والتي تعد في شكل بيضوي بحجم بيضة النعامة. تمتلئ الأسواق الباكستانية ما بعد صلاة العصر بعربات محملة بمختلف أنواع الأطعمة التي لا تظهر إلا في شهر رمضان المبارك وفي مقدمتها الكشوري والشعرية المجففة، ويقول محمد عامر وهو أحد بائعي الكشوري في سوق "راجه بازار" في مدينة راولبندي المجاورة للعاصمة إسلام آباد، ان الناس يقبلون على شراء الكشوري بكثرة ويزداد الازدحام على محله مع اقتراب موعد الإفطار، ويقول انه يعد أنواعا متعددة من الكشوري، ومنها الكشوري بالدجاج، والكشوري بلحم البقر ولحم الخرفان وأخرى بالبيض. ويقول محمد عامر وهو من أشهر محضري الكشوري بمدينة راولبندي بأن طريقة إعداد الكشوري سهلة إلا أنها تتطلب بعض الوقت، بحيث يتم إعداد محتواها أولاً، بحيث يتم سلق اللحم سواء أكان لحم الدجاج أو الأنواع الأخرى من اللحوم، وبعد نضجه يتم قطعه إلى قطع صغيرة أضخم من المفروم بقليل، أو بحجم المفروم الذي يتم قطعه يدوياً، ومن ثم يتم إعداد الخضروات. اعتاد الرجال في باكستان تناول وجبة السحور في المساجد في الأيام العشر الأخيرة من رمضان، وقبل ذلك يتلون القرآن الكريم طوال الليل ومن وقفة لأخرى أو استراحة لأخرى يتناولون وجبات خفيفة ومن أشهرها الشعرية بالحليب و"البكوله" وهي قطع خفيفة وهشة تصنع بعجين الحمص محشوة بالبطاطس والبصل المحمر كي لا يشعروا بالإرهاق عند تلاوة القرآن الكريم وأداء النوافل لساعات متواصلة في ساعات الليل. تختلف الشعرية الباكستانية المخصصة لشهر رمضان وأيام العيد عن بقية أنواع الشعرية المعروفة، والتي لا يزيد سمكها عن سمك أربع من شعرات الرأس، والتي تصنع بدقيق القمح الأبيض المصفى، بحيث يتم عجنه بالسمن البري بدلاً من الماء، وبعد صناعتها في مكنة مخصصة لها يتم تجفيفها في شكل دائري، وتبدو في شكلها الجاف وكأنها لفة من الأسلاك الرقيقة أو الشعر الرقيق، ويتم بيعها حسب اللفة. تختلف طرق تناول الشعرية الباكستانية حسب الرغبة، إلا أنه في جميع الحالات يضاف إليها الحليب، بحيث يتم تسخين الحليب ووضعه في إناء لتضاف إليه الشعرية الجافة وبعد الانتظار للحظات حتى تلين الشعرية، ثم يضاف إليها القليل من السكر، ويتم تناولها بالملعقة بالطريقة المشرقية، وهناك طرق أخرى لإعداد هذا النوع من الشعرية بحيث يتم وضع كمية من الحليب في إناء ليتم تسخينه مع إضافة الهيل وجوز الهند، وبعد إطفاء النار تضاف إليه الشعرية الجافة، ويكثر تناول هذا النوع من الشعرية في ساعات السحور لأنها خفيفة ولا تترتب عليها مضاعفات صحية كالحموضة والتعقيدات الهضمية الأخرى التي تنجم عن تناول الوجبات الثقيلة وقت السحور. تتميز الشعرية الباكستانية المؤلفة من الدقيق والسمن والحليب والسكر والكشوري المعدة من اللحم والخضروات بطعمها البلدي المميز. وقبل الإفطار يتبادل الباكستانيون الوجبات والحلويات التي يعدونها وتعتبر الشعرية من أهم هذه الحلويات وخصوصاً في أيام العيد والتي تعبر في نفسها عن الروح الدينية والمحبة والأخوة التي تربط الباكستانيين بعضهم ببعض في هذا الشهر الفضيل.