لم يرشح من الدراما الرمضانية العربية هذا العام أي مسلسل كبير يمكن أن نقول عنه انه مسلسل الموسم سوى مسلسل اسمهان،الذي تميز على صعيد السيناريو والاخراج والتمثيل والعناصر الفنية الأخرى مثل الموسيقى التصويرية والاضاءة وغيرها. قدم هذا المسلسل مشهدية بصرية جميلة وصورة معبرة وراقية جدا وأداء ذكي من قبل معظم الممثلين فيه، وهو جانب غالبا ما يغفل عن الاهتمام به المخرجون العرب الذين ما زالوا يقدمون لنا الدراما التلفزيونية باسلوب الحدوتة فقط، فلا نعرف الليل من النهار ولا الصيف من الشتاء ولا سوريا من مصر مثلا في مشاهد متلاحقة تستهتر بالزمان وتحولاته والمكان وخصوصيته عبر اضاءة ثابتة على حالها وجمود للكاميرا ومن يقف وراءها حتى لو قامت الدنيا أمامهم!. لست هنا بصدد الحديث عن فتنة الغناء العربي الحرون، وغوايته الجميلة، ونزقه الاجمل.. اسمهان.. صوتا ووجودا وأنوثة وتاريخا ومعنى ملتبسا ما بين الحكاية والتاريخ وتداعياتهما في زمن ملتبس ما بين الخيانة والوطنية وتداعياتهما.. فهذا حديث يطول الى ما وراء حدود المقال، ولكنني أريد ان اتحدث عن المسلسل كعمل فنى أعاد بعض القيمة الى الدراما العربية هذا الموسم تحديدا. ففي الوقت الذي اصبحت فيه الدراما تقاس بالدقيقة وبحجم النجومية في سوق الفضائيات الجائعة لكل ما يملأ فراغها المستمر والمستعر تحت ضغط الاعلانات الرهيب، يأتي هذا العمل ليترك اسئلة التاريخ تتوارى وراء الحرفة، وليحتفي بالاضاءة على سبيل المثال كعنصر من عناصر الدراما لا تقل عن جودة التمثيل وحجم النجم في سياق البطولات، وليزرع الاسئلة في ذهن المشاهد المتحفز بدلا من مساهمته في تخدير ذلك الذهن كسلا عن المتابعة، وليرتقي بالذائقة النوعية حلقة وراء حلقة. لا أدعي، كمشاهدة، ان العمل متكامل فنيا، ولكنني أقول انه العمل الذي استحق المشاهدة بغض النظر عن هناته هنا وهناك.. فهو للاسف ما زال خاضعا لاشتراطات دراما السير الحقيقية في ظروف تخاف من الحقيقة!!.