الثالث والعشرون من شهر رمضان الكريم 1429ه، الموافق ل 23سبتمبر 2008م، وفي هذه الأيام المباركة، صادفت ذكرى عزيزة على أفئدتنا جميعاً، ذكرى لا تغيب عن كل مواطن سعودي ومواطنة، ألا وهي الذكرى الثامنة والسبعون لجمع شمل البلاد والعباد في مملكتنا الغالية وتوحيدها كثمرة لملحمة طويلة خالدة سطر في صفحاتها الملك المؤسس عبد العزيز آل سعود - طيب الله ثراه - أروع أمثلة الحكمة والبصيرة في تأسيس الوحدة الوطنية طوال ثلاثين عاماً توجت بإقامة المملكة العربية السعودية كياناً واحداً موحداً يمتد على مساحة مليونين ومائتين وخمسين ألف كيلو متر مربع، تحت راية التوحيد (لا إله إلا الله محمد رسول الله) وتُحكم بشرع الله تعالى المستمد من معين كتابه العظيم وسنة نبيه المصطفى صلى الله عليه وسلم. ومنذ ذلك التاريخ ومملكتنا تسير إلى الأمام بخطى حثيثة وواثقة ونهج مستقيم نحو التطوير والتقدم والإزدهار فاستخرج النفط وازدهرت الزراعة وأنشئت المعامل والصناعات الثقيلة ومدت شبكات الطرق والخطوط الحديدية والطيران المدني والمستشفيات والمراكز الصحية والمدارس والجامعات وأزدهرت وتطورت المؤسسات الصحفية والإعلامية وكل ما أهل المملكة الصاعدة لتبوء مكانتها المرموقة في مصاف الدول المتقدمة. وقد سار أبناء الملك المؤسس - رحمه الله - على نهج والدهم وأكملوا مسيرة العطاء والقيادة الحكيمة التي انتهجها، فلم يألوا جهداً في العمل من أجل إعلاء شأن المملكة ورايتها راية التوحيد، وأصبحت من الدول الإقليمية المحورية بل الأساسية التي لا يغفل شأنها أحد، وعم الامن والأمان والازدهار والرخاء قلب الجزيرة العربية بعد ان تنازعته الفتن والنزاعات ردحاً من الزمن قبل هذه الذكرى المباركة. واليوم، ننظر إلى مملكتنا مملكة الإنسانية وهي تتبوء أرقى وأعلى المراتب بين الدول المتقدمة وعلى جميع الصعد والمستويات، ونرى خيرها يعم الجميع، فقد تخطت رؤى قادة المملكة هموم المجتمع السعودي وأصبح همهم هو هم كل مسلم بل كل إنسان مظلوم أو محروم في أصقاع الأرض الشاسعة، فها هي المملكة وبتوجيهات من الملك الإنسان خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز - حفظه الله ورعاه - وولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبد العزيز - حفظه الله -، تتبرع ب (10) ملايين دولار كمساعدات لملايين الجوعى في القرن الأفريقي الذين يواجهون شبح المجاعة ويتهددهم الموت من كل جانب بسبب الفقر المدقع، بينما كانت الأنظار متوجهة نحو أزمة البورصات والأسواق المالية العالمية خطفت هذه المبادرة الأضواء وحولت الأنظار إلى هذا الجزء المنسي والزاوية المظلمة من العالم بعد أن غض العالم الطرف عنها وعن مآسيها التي أبت مملكة الإنسانية وراعيها خادم الحرمين الشريفين إلا أن تكون عوناً لهم وانتشالهم من غائلة الجوع والعوز. انطلاقا من مبدأ التكافل الذي يدعو إليه الإسلام ويحض عليه دائما، وتنادي به المبادىء والأخلاق الإنسانية، ناهيك عن عشرات بل مئات المكرمات السامية والمبادرات السخية التي لاتعرف حدودا جغرافية أو مادية والتي منّ الله على المملكة بها لتمنحها للشعوب الجائعة والفقيرة، لا تبتغي منها إلا رضوان الله ودوام نعمه على أرض المملكة بلاد الحرمين ومهبط الوحي والمشاعر المقدسة التي يفد إليها المسلمون من كل فج عميق ويصلهم كرمها إلى كل بقعة من بقاع الأرض مستفيدة من الطفرة النفطية التي درت عليها الأموال لتحقق أكبر موازنة في تاريخها بفائض بلغ 300مليار ريال في عهد خادم الحرمين الشريفين أطال الله لنا في عمره. وفي واحدة من مبادراته العديدة وكعادته في المواقف الصعبة والمحافل الدولية التي تحتاج إلى قرار شجاع وحكيم فاجأ الملك الإنسان العالم خلال اجتماع المنتجين والمستهلكين للنفط في مدينة جدة العام الماضي، بإطلاقه مبادرة (الطاقة من أجل الفقراء) مقترحاً إنشاء صندوق برأسمال مال مليار دولار لهذا الغرض كما وعد بتخصيص مبلغ 500مليون دولار لقروض ميسرة عن طريق الصندوق السعودي للتنمية لتمويل مشاريع تساعد الدول النامية على الحصول على الطاقة، هذه المبادرة الكبيرة الإنسانية من رجل كبير في إدراكه السياسي وحسه الإنساني وتلمسه الأبوي لمعاناة الدول الفقيرة التي تحتاج الى مثل هذه المبادرات الإنسانية لتحيا بها بلدان وشعوب فقيرة. وفي أحدث لمسة إنسانية من لدن خادم الحرمين الشريفين، وبحسه الأبوي الحاني جاءت لفتته الكريمة غير المستغربة بتخصيص مبلغ فاق المليار ريال سنوياً لزيادة مقدار الإعانة المالية المخصصة لجميع فئات المعوقين المسجلين على قوائم وزارة الشؤون الاجتماعية في المملكة والتي اعتبرت "عيدية" ملكية كريمة في مناسبة عظيمة تستهدف تشجيع أسرهم على عدم التخلي عنهم ورعايتهم في منازلهم. وهذا ديدن الرجل الكبير إزاء هذه المواقف العظيمة، وهذا عطاء من أياد بيضاء لرجل كبير، شيمته الكرم وديدنه الأخلاق وسماته التواضع والحكمة وحب الآخر ومساعدته.. وكل عام والوطن بخير. @ المدير الإقليمي لمكتب دبي