يعرف عن الإنسان أنه مخلوق يتعلم من تجاربه وتفاعله مع من حوله، وهذه الميزة التي تميز بها بنو البشر اعتبرها علماء الذكاء الاصطناعي مدخلاً بحثياً يمكن عن طريقه التوصل إلى برمجيات ذكية تعمل على حل المشاكل بنفسها من دون التدخل البشري. غير أن هناك مساراً آخر يتبعه علماء الذكاء الاصطناعي لسد النقص في محدودية ذكاء الحاسبات، وهو الاستعانة بالذكاء البشري بطريقة غير مباشرة لتحسين أداء برمجيات الحاسب. تتمثل الطريقة غير المباشرة في تسلية البشر بألعاب ظاهرها فيها التسلية وباطنها تعمل على تغذية الحاسبات بالمعلومات المطلوبة لتحسين ذكائها، كل ذلك من دون أن يشعر البشر بأن ذكاءهم يستنزف لتعليم الحاسبات. هذه الألعاب الفردية والجماعية والتي خرجت من رحم المعامل البحثية، ستساعد الحاسبات على تحسين قدرتها في البحث عن الصوت والصورة وأيضا تعليمها كيف تميز الصور وتعزز ذكاءها الاصطناعي. ومن منطلق الدعوة "للعب لجعل الحاسبات أذكى" قامت جامعة كارنجي ميلون بتطوير موقع يدعى (gwap.com) وهو اختصار لجملة (Games With a purpose) يطرح ألعاباً ترفيهية تعمل على القيام بالأعمال التي لا يستطيع أذكى الحاسبات القيام بها، مثل وصف الصور والأصوات وتحديد الأجسام في الصور. الموقع يحتوي على خمس ألعاب مسلية هي: لعبة وصف الصور بوسوم، لعبة تحديد الصورة الأفضل للمساعدة في ترتيب نتائج البحث، لعبة وصف المقاطع الصوتية، لعبة تحديد الأجسام في الصور لمساعدة الحاسبات على تمييز الأشكال. مشروع مماثل هو مشروع لعبة (galaxyzoo.org) والذي أتى نتيجة للتعاون البحثي بين جامعة أكسفورد وبليموث البريطانية مع مركز أبحاث جون هوبكنز الأمريكية. تستفيد اللعبة من ذكاء البشر في التعرف وتمييز النجوم في صور المجرات الكونية وتحديد مسافاتها، مما يساعد الحاسبات في التعلم وتحسين أدائها في هذا المجال. أما مشروع (recaptcha.net) والذي يهتم برقمنة الكتب القديمة الممسوحة عن طريق الماسح الضوئي، فهو يستفيد من الذكاء البشري وذلك بواسطة وضع مقاطع من الكتاب الممسوح على شكل كابتشا بحيث لا يمكن إرسال تعليق أو التسجيل في موقع ما من دون إدخال الكلمات الموجودة في الكابتشا. فكرة الكابتشا مستخدمة بكثرة في مواقع الويب وذلك لمنع البرامج الحاسوبية التطفلية من أتمتة العمليات مثل ملء الاستمارات الخاصة بإنشاء بريد الكتروني واستخدامها فيما بعد لإرسال رسائل دعائية وغير مرغوب بها. وأخيرا، هناك مشروع لعبة (fold.it) من جامعة واشنطن وهي لعبة مخصصة لحل لغز البروتين المكونة لخلايا جسم الإنسان، وذلك للمساهمة في تحسين البرمجيات التي تعمل على فهم الأمراض الخطيرة مثل الايدز والسرطان والزهايمر. تدور فكرة اللعبة في المحاولة لفك التعقيدات المكونة للبروتين وذلك بطرح عدد من الألغاز على اللاعبين، وعند حلها ستتعلم برمجيات الحاسب من الطريقة التي حل الإنسان بها الألغاز مما يؤدي إلى مساعدتها في حل تركيبات البروتين للأمراض الشهيرة.