ما أن يظهر هلال شهر رمضان الكريم حتى تطلب كل المخلوقات مغفرة للإنسان، الشمس والقمر والنجوم، الزرع والحيوان، كل ما فوق الأرض وفي عنان السماء، فلا يبقى أمام الإنسان إلا أن يصوم. وبرغم أن أبواب السماء مفتوحة دائما أمام المسلم، للمغفرة وطلب الرحمة والرزق، فانه تبقى هناك أيام مباركة يستجاب فيها الدعاء، في مقدمتها أيام الشهر الكريم وليلة القدر على وجه الخصوص، الأمر الذي تعددت معه صيغ الدعاء في رمضان على مر العصور، وآخر ما قرأت من هذه الصيغ للدعاء ما حملته إلي مطبوعة ل "إمساكية شهر رمضان"، يقول الدعاء: "اللهم لا تشمت أعدائي بدائي، واجعل القرآن العظيم دوائي وشفائي، أنت ثقتي ورجائي، واجعل حسن ظني بك شفائي، اللهم ثبت علي عقلي وديني، وبك يارب ثبت لي يقيني، وارزقني رزقا حلالا يكفيني، وابعد عني شر من يؤذيني، ولا تحوجني لطبيب يداويني، اللهم استرني على وجه الأرض، اللهم ارحمني في بطن الأرض، اللهم اغفر لي يوم العرض عليك، بسم الله الرحمن الرحيم طريقي، والرحمن رفيقي، والرحيم يحرسني من كل شر يلمسني، اللهم أعوذ بك من شر النفاثات في العقد، ومن شر حاسد إذا حسد، بفضل قل هو الله أحد يا أرحم الراحمين". أعجبني في الدعاء حرص صاحبه على تطويع صلة العبد بخالقه للسجع البلاغي، حتى وإن تكررت المطالب في الدعاء، وهو ما يعطي الصياغة جرسا موسيقيا يساعد على حفظ الدعاء واستذكاره، كل أشكال الدعاء جائزة، فالأساس في الدعاء صفاء النية وعمق الإحساس بقدرة الخالق وحده على تلبية الدعاء عز وجل، وهو ما يشفع لتلك الفطرة التي وضعت هذه الصيغة للدعاء إلحاحها في الطلب أحيانا خاصة ما يتصل بالمرض مما قد يعكس وضعا خاصا لصاحبه المريض غالبا "لا تشمت أعدائي بدائي - دوائي وشفائي - شفائي - ولا تحوجني لطبيب يداويني - الخ" فإن كان للمرء أن يقصر دعاءه في هذا الشهر الفضيل على احتياجه، ربما أضفت للدعاء: "اللهم ألهمنا صبرا جميلا على زماننا، وصفحا جميلا عن كل الذين أساءوا إلينا... في فساد ذمم الموظفين، وفي غياب الضمائر التي أفسدت التعليم، أو زيفت شرف الكتابة والكلام، وفي جشع التاجر الذي رفع الأسعار، وفي جرم مبتكري الوقود العضوي الذي قدم أهمية السيارة على أهمية طعام الإنسان، وألهمنا قدرة على الخروج من ضعفنا لمواجهة أعدائنا وأعداء الإنسانية، الذين أراقوا دماء الأطفال في فلسطين وحرموا روحا بريئة من حق الحياة، والذين صوبوا بندقية الأخ إلى صدر أخيه في عراق جريحة، والذين جاهروا بالظلم وأمرونا بالطاعة". وضع بعد هذه الزيادة كل ما يعن لك، فنحن في هذا الشهر الكريم - كمسلمين - نملك ما ليس يملكه غيرنا، سماء مفتوحة وجاهزة للاستجابة للدعاء بإذن الله.