لا يوجد أساس اقتصادي للجدل الدائر على ميزانية 2009.كله سياسة. و سياسة صرف، وليس سياسة نقية. لنبدأ بالأرقام، لأنها هي الهامة: المالية وضعت على طاولة الحكومة مشروعاً لميزانية نفقات الحكومة للعام 2009بمبلغ 236.3مليار شيكل. ميزانية العام 2008كانت 235.7ملياراً، بما في ذلك الدعم المتتالي لتمويل فك الارتباط وحرب لبنان الثانية بحيث إن المالية تقترح في واقع الأمر زيادة نفقات الميزانية الحقيقية في العام القادم بمعدل 0.2في المائة. عمليا صفر. من أجل الدخول تحت هذا السقف المتصلب تقترح المالية تقليص 8.5مليارات شيكل من الصيغة الأصلية للميزانية. وعن 7.3مليارات منها غير مستعدة لان تجري أي جدال أو مساومة. هكذا فقط. وبالنسبة ل 1.2مليار فقط تبدي المالية سخاء ومراعاة للآخرين، فهنا تعترف بحق وزراء الحكومة في أن يقرروا ما الذي يضحون به الأمن أم الرفاه والتعليم. سواء كان صدفة أم لا، على جانبي الخيارين الأليمين يقف وزراء من حزب العمل. ليس هذا تشكيكاً بالنوايا، ولكن من الصعب ردع النفس عن الانطباع بان رئيس الوزراء ووزير المالية أرادا قصدا خلق شرخ وخلاف لدى شريكهم، بين وزير الدفاع ووزيري الرفاه والتعليم. حزب العمل ، لم يقع في الفخ. فهو مسنود بمكانة الرئيس الجديد للجنة المالية، البروفيسور افيشاي بريفرمن الذي قرر أن يقول لاولمرت: سيدي رئيس الوزراء، مشروع المالية متقشف لدرجة كبيرة. مع صفر زيادة حقيقية في نفقات الحكومة، فان هذا مشروع ميزانية هو الأكثر تقشفاً منذ 2003.ليس لهذا ما يبرره اقتصاديا بالذات في السنة التي ينتظر فيها ركود اقتصادي. ويقترح وزراء العمل لاولمرت، السماح ببعض التخفيف من شدة الحزام وزيادة ميزانية 2009بمليار وربع حتى مليار ونصف شيكل آخر. وهكذا ستحل مشكلة الخيار الصعب الذي نقف أمامه. الأمن لن يقلص لأكثر مما هو معقول، وتنجو ثماني خطط للرفاه كانت مرشحة للإصابة بالضرر. لا يمكن لأي اقتصاد جدي في البلاد أو في العالم أن يختلف على زيادة متواضعة كهذه في الميزانية. لا يمكن لأي اقتصاد جدي أن ينضم الى قول رئيس الوزراء بان ميزانية 236.3مليار شيكل هي رائعة للاقتصاد بينما 237.7مليار هي كارثة اقتصادية، عار وتقويض لانجازاتنا. هذه تهديدات عابثة. العجز الحكومي المتوقع للعام القادم يقدر ب 1في المائة من الإنتاج المحلي. إذا ما قبل الاقتراح الذي سينهي معضلة "الأمن أو الرفاه"، فان العجز سيصل الى 1.15في المائة من الإنتاج المحلي. فارق هامشي، لا تلتقطه الجداول الإحصائية. لا يمكن لأي شركة ترتيب اقتراضي في أرجاء المعمورة أن تتعاطى مع هذا العجز في الميزانية وتضفي عليه معنى اقتصادي سلبي. ولا سيما في ضوء الميزانيات العاجزة لكل الدول الغربية الرائدة. الميزانيتان، ميزانية اولمرت وميزانية العمل، مقتصدتان بذات القدر تقريبا. كلتاهما مناهضتان للتضخم المالي، كلتاهما تحافظان على الصندوق العام، كلتاهما تقللان النسبة بين الدين العام والإنتاج. ولكن الميزانية التي يقترحها العمل تحقق كل هذا بشكل أكثر عدلا من ناحية اجتماعية وتثقل أقل من ناحية اقتصادية. وعليه فان ميزانيته هي الجديرة بان تقبل في الحكومة. إذا ما حلت حكومة اولمرت بسبب 0.5في المائة من الميزانية، بسبب 0.15في المائة من الإنتاج، فإنها لن تحل على الإطلاق لهذا السبب، بل بسبب السياسة. (يديعوت احرونوت)