تهدد سلسلة فضائح مالية بشركات كبرى في دبي بإحباط طموحات الإمارة في أن تصبح مركزا عالميا للأعمال إذا لم تتصد الحكومة للفساد. ولطالما سعت دبي التي انطلقت إلى أضواء الشهرة العالمية بمشروعات براقة مثل أطول برج في العالم لتحويل نفسها إلى لاعب عالمي وذلك جزئيا عبر طمأنة المستثمرين بأن لديها نظاما قانونيا من الطراز الأول فضلا عن عدم فرض أي ضرائب. غير أن أربعة تحقيقات على الأقل بدأتها الشرطة هذا العام مع مسؤولين بشركات عقارية ومالية كبرى ترتبط بالحكومة أثارت مخاوف من أن ضعف اللوائح والشفافية قد يضر بثقة المستثمرين. وقال كريستيان كوتش مدير الدراسات الدولية لدى مركز الخليج للابحاث "هناك تسليم بأنه في تلك المعاملات التجارية يمكن للأنباء السلبية أن تكون ذات عواقب ضارة"، "الثقة في الاقتصاد وخططه للمستقبل والشفافية ومكافحة الفساد جميعها مرتبطة." ويخضع نائب رئيس شركة استثمار العالمية وهي صندوق استثمار حكومي لتحقيقات بشأن مخالفات مالية مزعومة خلال توليه منصبه السابق بشركة تمويل. وكانت شركة نخيل التي تقوم بإقامة جزر صناعية على شكل النخيل قد أعلنت يوم الجمعة أن أحد موظفيها الحاليين يخضع للتحقيق للاشتباه في قبوله رشى. وعلى خلاف قضايا سابقة تورط مواطنون اماراتيون للمرة الأولى وهو ما يجعل القضايا تحظى باهتمام واسع من وسائل الإعلام الأجنبية والمحلية وتهدد بتشويه صورة دبي الناصعة. وقال كوتش "لا يمكن ترك مثل هذه القصص معلقا إذ أن الأضرار والنتائج النهائية ستكون أسوأ بكثير." وارتفع الناتج المحلي الإجمالي لدبي إلى 53.9مليار دولار في 2007ويبلغ متوسط معدل النمو السنوي ثمانية بالمئة. وبدأت دبي تدرك أنه لا يمكنها الارتكان إلى تلك الإنجازات إذا كانت ترغب في الاحتفاظ بلقبها كعاصمة للأعمال بالخليج. وقالت الحكومة إن التحقيقات الأخيرة جزء من قرار اتخذ على مستوى رفيع لمكافحة الفساد. وإثر الكشف في الآونة الأخيرة عن مخالفات مالية قال بيان نادر أصدره مكتب حاكم دبي الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم إنه لا حصانة لأي موظف يستغل منصبه لتحقيق مكاسب غير قانونية. وتزامن ظهور تلك القضايا مع تعزيز دور دائرة الرقابة المالية في بداية عام 2007بمنحها المزيد من السلطات وجعلها ترفع التقارير مباشرة إلى الشيخ محمد. وتراجع الادارة نحو 250كيانا سنويا في دبي تشمل جميع الشركات التي تملك فيها الحكومة حصة لا تقل عن 25في المئة وتحيل المخالفات إلى مكتب النائب العام. وقال ياسر اميري المدير العام لدائرة الرقابة المالية "عندما تتوسع ويزدهر النشاط تحدث بعض الأخطاء." وبين عددٍ متنام من الشركات الداعمة لتلك التوجهات بشكل علني هناك شركات تسيطر عليها حكومة الإمارة مثل شركة دبي للاستثمار وإعمار العقارية أكبر شركة تنمية عقارية عربية. وقال محمد العبار رئيس إعمار "تبنوا أفضل الممارسات الدولية وهي ستطمئن المستثمرين في المنطقة وخارجها." وتهدف تلك الرسائل لطمأنة مجتمع دولي ينتابه القلق بالفعل بعد أزمة الائتمان العالمية. ويقول محللون إن أحد أكبر مخاوف دبي يتمثل في فقدان المصداقية الدولية التي اكتسبتها كملاذ مالي آمن. وفقدت أسهم شركة تمويل التي تملك استثمار العالمية حصة 21.6بالمئة فيها نحو ربع قيمتها منذ تكشفت الفضيحة وكان أكثر البائعين من الأجانب. وقال ماريوس ماراثيفس رئيس بحوث المنطقة لدى بنك ستاندرد تشارترد إن ندرة البيانات الاقتصادية المنتظمة مثل ارقام التضخم الشهرية أو التصريحات الغامضة لشركات مدرجة تزيد من الشعور بالقلق. وأضاف أن حل مثل تلك القضايا الأساسية سيحقق الشفافية في اقتصاد دبي سريع النمو. غير أن مسؤولين يقولون إن الفساد في دبي ليس أكثر منه في أي دولة تقريبا في أنحاء العالم. وقال فوزي تميم المستشار لدى دائرة الرقابة "هذا يحدث في جميع انحاء العالم وإذا قارنت حجم دبي بحجم الفساد فستجد أنه ضئيل جدا." وفي أحدث مؤشر للفساد أعدته منظمة الشفافية الدولية سجلت الإمارات العربية المتحدة نتيحة فوق المتوسط بلغت 5.7نقاط من عشر نقاط لكنها حلت في مرتبة أدنى من قطر المجاورة ودول أخرى مثل أستونيا ومالطا. وقال كوتش "لا يوجد تصور مثالي ... يحاول المرء أن يقول كل شيء على ما يرام في الإمارات لكن يجب أن تقبل أن السلطات تتعلم وهذا جزء من عملية التعلم."