ذكر لي أكثر من شخص أن أطفالهم يقضون خلال أشهر الصيف لهذا العام ما يزيد على 12ساعة في اليوم لمشاهدة التلفزيون وأن تسع ساعات منها على الأقل تذهب لمشاهدة المسلسلات التركية خلال البث والإعادة وأنهم لا ينامون إلا بعد آذان الفجر وأنهم لا يصحون إلا قبل العصر بقليل وسألتهم ترى إن كنا ككبار نميز بين الصح والخطأ ونعرف الاختلاف بين الثقافات والديانات وبين ما هو طبيعي في مجتمعنا ونشاز في مجتمعات أخرى فما هو مصير أطفالنا وهم يرون ان الفتاة تستطيع الإنجاب بدون زواج وانها تستطيع التخلص من الجنين اذا لم تكن راغبة قي الاحتفاظ به وان الرجل والمرأة يستطيعان ان يعيشا اجمل ايام حياتهما معاً اذا تطلقا على الطريقة المهندية التي تنصح بقضاء ايام العدة بين الطليقين في سيرلانكا وان الزوجة تستطيع أن تستضيف صديق الزوج في بيت زوجها وان يقيما معاً رغم غياب الزوج الى غير ذلك من العادات التي لا يحللها ديننا ولا عاداتنا ولا تقاليدنا ومع هذا يتلقفها أطفالنا كل يوم بجرعات مكثفة خاصة وهم يشاهدون هذه الأعمال بلسان عربي ولا يعرفون ما هي الديانة التي تعتنقها المجتمعات المصدّرة لتلك الأعمال. من المسؤول عن كل هذا وما هو تأثير ما يشاهدون على تفكيرهم في المستقبل؟ فالطفل كالأرض الخصبة نضع فيها البذور ولكن لا نعرف أي شجرة تنبت ولا اي ثمار تثمر الا بعد ان يكبروا. يقول لي أحد الأصدقاء انه سمع حواراً بين طفلين من اقاربه كانت البنت فيه تقول للولد: "أنا عندما اكبر لن اتزوج ولكني سأسمي اطفالي كذا وكذا". أليس هذا تأثير ما يرون؟. كنا في السابق نخاف على اطفالنا من عنف افلام الكرتون حتى لا يقلدونها ويقذفون بأنفسهم من النوافذ أو الأسطح أما اليوم فنحن نقذفهم من النوافذ والأسطح بأنفسنا. هل يعيش أطفالنا طفولتهم كما ينبغي؟ سؤال لكل أم وأب؟ وحتى لا تكون الإجابة بنعم أو لا.. نسأل: ماذا تقدمون لأطفالكم بخلاف المسكن والمأكل والمشرب والتعليم؟. كيف يقضون ساعات فراغهم؟. ماذا يشاهدون وماذا يقرأون؟. اعتقد أننا مجتمعات تلفزيونات ومدن العاب ومطاعم وجبات سريعة ولهذا ننتج أطفالا ثقيلي الأوزان خفيفي التفكير. والعيب فينا ككبار لأننا للأسف لا نمنحهم ما يستحقون من الوقت ولا نوجههم التوجيه الصحيح!. ستنتهي شهور الصيف وسيأتي رمضان وهو إجازة هذا العام وسيقضونه في النوم من الفجر الى العصر وسيتابعون عشرات المسلسلات الجديدة من العصر الى الفجر. إنهم يتابعون الإعادات وكأنهم يرونها لأول مرة فما بالكم بالجديد. أين نحن من تغذية عقول ابنائنا عبر القراءة والانترنت ومصادر الثقافة الأخرى بعمومها وقبل كل هذا اين نحن من ساعة في اليوم في أشهر الإجازة لقراءة القرآن. إن صلاة أطفالنا ان لم تكن في المساجد فهي حركات رياضية سريعة.. تابعوهم وهم يصلون فالفاتحة كلمة والتشهد كلمة. اطرح هنا ولاشك قضية كبيرة تحتاج إلى تضافر الكتاب والمتخصصين للنظر إليها وتحتاج إلى تبصير الآباء والأمهات بدورهم في استثمار أوقات فراغ الأطفال وإبعادهم عن التأثيرات السلبية وتحتاج الى من يبصر وسائل الإعلام بحقوق أطفالنا عليهم وبأن يراعوا حقوق الله فيهم وخاصة أصحاب قنوات الجذب العائلي الذين حرموا أطفالنا من طفولتهم بما يبثون من اعمال ينظرون فيها فقط الى موارد الاعلان ويفسرون الكثير من الاعمال التى تحمل بين طياتها رسائل مضرة بالمجتمع وبالاطفال على وجه الخصوص على انها أعمال ناجحة. لقد انصرف الأطفال عن قنوات الاطفال واتجهوا الى قنوات الكبار. لقد هجروا الكرتون إلى نور ويبقى السؤال قائماً من حرم اطفالنا من طفولتهم؟.