تبث قنواتنا العربية هذه الأيام المزيد والمزيد من المسلسلات التركية التي تحكي الواقع الحقيقي للمجتمعات المكسيكية اللاتينية، لكن بثياب مشرقية تركية تنسج خيوطها الرومانسية الحالمة على عقول مجتمعاتنا العربية البائسة التي أرهقتها الحروب والمشاكل الاقتصادية الخارجية والداخلية والتي كانت السبب في المزيد من سنوات الضياع والظلام لتقضي على ما تبقى في مجتمعاتنا من قيم ومبادئ أخلاقية وإنسانية عامة في كل الأديان السماوية الثلاث وفي جميع المجتمعات الغنية منها والفقيرة فهي أعطت نموذجاً جيداً وقادراً على إلغاء كل ما هو سليم وبنَّاء إلى ما هو سيئ وهدام يقضي على شرف وقيم المجتمع والعائلة متحولاً بها إلى حظائر همجية تلغي مفهوم الأسرة وأسس بنائها العظيمة والمتينة لتعطي فكرة خاطئة وسلبية تصر على تكرار المواقف المخجلة التي تدعو المجتمع كي يكون محلاً للرذيلة والجريمة المنظمة بعلم ورضا القريب والبعيد هذا ما تناولته أحداث المسلسلات التركية في طياتها. فما لاحظناه جميعاً هو أن أطفال المسلسلين جميعهم أطفال غير شرعيين، كما وأن العلاقة الجنسية الرخيصة باتت ممكنة وعادية قبل الزواج علناً وعلى الملأ بكل وقاحة أٍقصد بكل "حضارة" بعلم الأهل وبرضا تام دون تأنيب أو توبيخ.. ومع الأسف الشديد جاء هذا الطرح المرير وبكل افتراء على أنه يعكس طبيعة وحياة المجتمع التركي تماماً، فالمجتمع التركي الأصيل والشريف ليس بهذا المستوى الأخلاقي الهابط الذي يدعو لإقامة العلاقات غير الشرعية وغير الشريفة في مجتمعهم بل وإنني أراهن على أن المجتمع التركي غير راض عن هذه المسلسلات الهزلية التي لا يعرف مخرجوها معنىً للقيم الدينية والحضارية بل ما زاد الأمر أسفاً أنهم جعلوا من مدينة اسطنبول مدينة الحضارات والتاريخ الإسلامي العريق وعاصمة أكبر الدول الإسلامية القديمة منطلقاً لبث هذا الفكر السييء عن المجتمع التركي وجعلوها المكان والعنوان لذلك ونحن نعلم أن مدينة اسطنبول مدينة العراقة والجمال بكل تاريخها الحافل ومتاحفها الأثرية ومناظرها الخلابة بأنها بلد سياحي جميل بريء مما صورتها تلك المسلسلات والعجب كل العجب أن المتفرج العربي يشجع أبناءه الأطفال والمراهقين منهم على المتابعة والإعجاب بهذه المسلسلات التي أصبحت حديث المجالس ونغمات الهواتف وقدوة المعجبين..!!