تلتزم الاطراف المتنازعة في جورجيا بشكل عام وقف العمليات العسكرية رغم هشاشة الاوضاع ميدانيا رغم اعمال العنف الجديدة والتهجير والنهب في حين تتصاعد حدة التوتر محليا وعلى الصعيد الدولي كذلك. ورغم الهدنة الناجمة عن الوساطة الفرنسية ووافق عليها الثلاثاء الرئيسان الروسي ديمتري مدفيديف والجورجي ميخائيل ساكاشفيلي، واجهت روسيا انتقادات متصاعدة من الغرب بسبب هجومها العسكري. وقامت العربات الروسية المدرعة بدوريات في مدينة غوري الواقعة بين العاصمة تبيليسي واوسيتيا الجنوبية المنشقة، وهي في صلب النزاع. ودخل مئات من المتمردين من اوسيتيا الجنوبية يرافقهم بعض الجنود الروس الى المنازل في القرى القريبة من غوري. واضرموا النار فيها ونهبوا المباني، حسب شهود عيان. وشاهد مراسل فرانس برس جثة رجل تجمدت في فمه الدماء ملقاة في شارع في قرية دزاردزانيس، كما شاهد جثة رجل ملتح تحت شاحنة صغيرة منقلبة. وقالت مجموعة "هيومان رايتس ووتش" ان الباحثين التابعين لها في اوسيتيا الجنوبية رأوا الثلاثاء "مشاهد مروعة للدمار في اربع قرى كان يسكنها حصرا المتحدرون من اصل جورجي". وشوهدت نحو 60حاملة جنود مدرعة وغيرها من العربات تسير على الطريق المؤدي الى الشرق من غوري باتجاه تبيليسي. وشاهد مراسل فرانس برس الجنود الروس وهم يهتفون "تبيليسي، تبيليسي"، لكن وجهتهم لم تتضح. الا ان رئاسة اركان الجيش الروسي نفت ذلك. وقال رئيس الاركان اناتولي نوغوفيتسيني في تصريحات لوكالة انباء "انترفاكس" ان "الوحدات الروسية والمعدات العسكرية لا تتوجه الى تبيليسي". كما ذكرت الحكومة الجورجية انها لا تعتقد ان الدبابات متوجهة الى العاصمة، رغم ان ساكاشفيلي صرح لشبكة سي ان ان الاخبارية انه يعتقد ان روسيا تريد محاصرة عاصمته. واكد الجيش الروسي انه ينتشر في غوري لنزع الاسلحة الجورجية. وكان مدفيديف امر الثلاثاء بوقف الهجوم العسكري الذي بدأ ردا على هجوم جورجيا على اوسيتيا الجنوبية. واجرى الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي مفاوضات لوقف اطلاق النار مع مدفيديف وساكاشفيلي. واتهمت روسيا جورجيا بانتهاك الهدنة بعدم "انسحابها بشكل كثيف" من اوسيتيا الجنوبية. واعلن مساعد قائد هيئة الاركان اناتولي نوغوفيتسين خلال مؤتمره الصحافي اليومي ان القوات الجورجية باشرت الانسحاب من اوسيتيا الجنوبية انما ليس بشكل كثيف. وقال ان العسكريين الجورجيين "باشروا انسحابهم الى تبيليسي لكننا لم نسجل انسحابا فعليا" مبديا "مخاوف بشأن حشد القوات (الجورجية) قرب المنطقة الامنية" الفاصلة بين اوسيتيا الجنوبية وباقي الاراضي الجورجية. واعلن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الاربعاء ان التعزيزات العسكرية الروسية في جورجيا لن تنسحب الا بعد عودة القوات الجورجية الى ثكناتها. والغت الولاياتالمتحدة، اهم حلفاء جورجيا الغربيين، الثلاثاء مناورات عسكرية مشتركة مع روسيا كان من المقرر ان تجري الجمعة في بحر اليابان، فيما تدرس مجموعة خيارات رد اخرى ايضا. وقال مسؤول كبير في وزارة الدفاع الاميركية رافضا الكشف عن اسمه "بسبب هذا النزاع، من غير الممكن القيام بهذا التدريب المشترك في الوقت الراهن". وصرحت وزيرة الخارجية الاميركية "استطيع ان اؤكد لكم ان سمعة روسيا الدولية والدور الذي يمكن ان تلعبه على الساحة الدولية معرض للخطر". وأعلنت وزارة الدفاع البريطانية الاربعاء ان لندن عدلت عن القيام بمناورات بحرية مشتركة "غير مواتية" مع روسيا. واعلن ناطق باسم وزارة الدفاع ان "البحرية الملكية لن تشارك في التمارين الرباعية. ان ذلك غير موات في الظروف الحالية" في اشارة الى النزاع بين روسيا وجورجيا. من جانبه، قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الأربعاء ان الولاياتالمتحدة عليها ان تختار بين المشاركة مع روسيا وبين القيادة الجورجية التي وصفها بأنها "مشروع وهمي". وقال لافروف للصحفيين "نحن نفهم ان هذه القيادة الجورجية الحالية مشروع خاص للولايات المتحدة لكن سيكون على الولاياتالمتحدة يوماً ما ان تختار بين الدفاع عن مكانتها فيما يتصل بمشروع وهمي وبين المشاركة الحقيقية التي تتطلب العمل المشترك. أما المسؤول في وزارة الدفاع الروسية فقال إن قوات حفظ السلام الروسية أسقطت طائرة استطلاع جورجية من دون طيار فوق عاصمة اوسيتيا الجنوبية. ونقلت وكالة الأنباء الروسية "نوفوستي" عن المسؤول أنه "على الرغم من تأكيد الجانب الجورجي بانهاء العمليات العسكرية، فقد تم الكشف عن طائرة استطلاع من دون طيار فوق تسخينفالي، فأطلقت قوات حفظ السلام الروسية عليها وأسقطتها". وقال المسؤول إنه تم اسقاط الطائرة حوالي الساعة الخامسة والنصف عصراً وكانت هذه ثاني طائرة استطلاع يتم اسقاطها فوق الاقليم منذ الليلة الماضية. يشار إلى ان قوات حفظ السلام الروسية كانت رصدت ثماني طلعات استكشاف لطائرات جورجية من دون طيار الخميس الماضي. وأجرى وزير الخارجية الروسية سيرغي لافروف الاربعاء اتصالا هاتفيا مع نظيرته الجورجية ايكا تكيشلاشيفلي حول "التطبيق العملي" لخطة السلام التي اقترحهاالرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي، وفقا لوزارة الخارجية الروسية. وأعلنت وزارة الخارجية الروسية الأربعاء ان قرار جورجيا بإلغاء الاتفاقية الخاصة بتواجد قوة حفظ السلام الروسية في ابخازيا واعتبارها "قوة احتلال" يعد محاولة لتهيئة الظروف المناسبة لمغامرة عسكرية جديدة في ابخازيا. وذكرت وكالة الأنباء الروسية "نوفوستي" ان وزارة الخارجية الروسية أصدرت بياناً جاء فيه "ان تنفيذ المطالب السخيفة لساكاشفيلي الرئيس الجورجي بوقف مهمة حفظ السلام في ابخازيا سيعني تعميق الأزمة التي نشأت بسبب التطلعات المنحرفة للقيادة الجورجية". من جانبه، قال رئيس إدارة البناء في بلدية مدينة موسكو الروسية الكسندر كوسوفان الأربعاء ان سلطات المدينة تخطط للشروع بعد أسبوعين بالعمل على تنفيذ مشروع إعادة اعمار عاصمة اوسيتيا الجنوبية. وعلى الجانب الآخر نفى البنتاغون بشدة الاربعاء نية الجيش الاميركي السيطرة على الموانئ والمطارات الجورجية بعد تصريح للرئيس الجورجي ميخائيل ساكاشفيلي بهذا المعنى. وقال جيف موريل السكرتير الصحافي للبنتاغون "لا نحتاج ولا ننوي السيطرة على الموانئ او المطارات من اجل توصيل المساعدات الانسانية لضحايا النزاع". واضاف ان "ذلك ليس من متطلبات هذه المهمة، وليست امرا نسعى الى القيام به". وكان يتوقع الرئيس الجورجي ميخائيل ساكاشفيلي قد توقع ان تتولى الولاياتالمتحدة السيطرة على موانئ ومطارات البلاد، حسب ما صرح المتحدث باسمه لوكالة فرانس برس الاربعاء. وقال المتحدث فانو نونياشفيلي نقلا عن تصريحات ادلى بها ساكاشفيلي في وقت سابق الاربعاء ان "الرئيس قال ان الاميركيين سيسيطرون على الموانئ والمطارات الجورجية". وقال الرئيس الجورجي إنه لم يعد هناك اتفاق لوقف إطلاق النار مع روسيا، محملا القادة الغربيين مسؤولية جزئية عن الوضع الحالي في بلاده.وقال ساكاشفيلي في حديث مع شبكة "سي ان ان" الإخبارية الأميركية "هذا هو نوع اتفاق وقف إطلاق النار الذي أعلنوه على ما اعتقد في أفغانستان في العام 1979، ليس هناك اتفاق لوقف إطلاق النار. إن القوات الروسية تتقدم". وأشار ساكاشفيلي إلى أن القوات الروسية تتسلل نحو العاصمة، تيبليسي، في انتهاك واضح لهذا الاتفاق الذي لم تكن لديهم "النية في احترامه أصلاً".واتهمت وزيرة الخارجية الجورجية ايكا تكيشلاشفيلي في مقابلة الاربعاء لصحيفة "لو فيغارو" الفرنسية، روسيا بانها تريد "تدمير الى الابد" الديموقراطية في جورجيا و"ابعاد امكانية" انضمامها الى الحلف الاطلسي. وقالت الوزيرة الجورجية ان هدف روسيا هو "تدمير الديموقراطية الجورجية الى الابد وابعاد امكانية انضمام جورجيا للحلف الاطلسي". واضافت ان "جورجيا بحاجة الى مساعدة" المجتمع الدولي للدفاع عن وحدة اراضيها. وتابعت "اذا شكلنا سابقة وقبلنا بعواقب العدوان الروسي على اراض اجنبية فاننا سنخلق نظاما دوليا جديدا. ستشعر كل دولة بانها مهددة خصوصا الدول الاوروبية". من جانبه قال الرئيس الامريكي جورج بوش الاربعاء إن روسيا عرضت مسألة إندماجها في النظام الدبلوماسي والاقتصادي الدولي "للخطر" بسبب حملتها العسكرية في جورجيا. وأتهم بوش روسيا بمواصلة العمليات العسكرية داخل جورجيا رغم الاتفاق على وقف إطلاق النار الثلاثاء ودعا موسكو إلى ضمان السماح بدخول المساعدات الانسانية إلى جورجيا. وقال بوش إن المؤسسة العسكرية الامريكية بدأت بالفعل في نقل الامدادات جوا إلى جورجيا وإن البحرية الامريكية ستقوم في القريب العاجل بدور في المهمة الانسانيةلاظهار "التضامن" مع شعب جورجيا. وأضاف بوش أن الولاياتالمتحدة دعمت قيام روسيا بدور أكبر في الشئون العالمية ولكن روسيا "تعرض طموحاتها للخطر باتخاذها إجراء في جورجيا لا يتماشى مع مبادئ تلك المؤسسات". وقد تلقت وزيرة الخارجية كونداليزا رايس تعليمات بالتوجه إلى العاصمة الجورجية تيبليسي لاظهار التأييد لجورجيا بعد توقفها أولا في فرنسا لبحث وقف إطلاق النار الذي توسط فيه الرئيس نيكولا ساركوزي. وفي بروكسل، ناقش وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي الأزمة. وقال وزير خارجية بريطانيا ديفيد مليباند رن على الاتحاد الأوروبي إعادة النظر في العلاقات مع روسيا. وأضاف أن "القوة الروسية الشرسة التي تمت ممارستها وراء حدود أوسيتيا الجنوبية سببت الصدمة للعديدين (....) إن مشهد الدبابات الروسية في غوري يذكر بأوقات كنت أعتقد أننا تجاوزناها". وتابع: "إن مشهد الدبابات في غوري والدبابات الروسية في سيناكي والحصار الروسي لميناء بوتي الجورجي تذكر بشكل مخيف بأوقات كنا نأمل أنها لن تعود". وأعلن وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي أنهم مستعدون للمساهمة في أي قوة سلام دولية. هذا واعلنت متحدثة باسم حلف شمال الاطلسي ان الولاياتالمتحدة طلبت الاربعاء عقد اجتماع استثنائي لوزراء خارجية دول الحلف الاسبوع المقبل في بروكسل حول جورجيا. وقالت كارمن روميرو لفرانس برس ان "واشنطن طلبت صباح الاربعاء تنظيم اجتماع لوزراء خارجية دول الحلف الاطلسي لمناقشة الوضع في جورجيا، والمشاورات جارية لعقده مطلع الاسبوع المقبل". ونددت الدبلوماسية الروسية الاربعاء بما اعتبرته "قرارا خطيرا معاديا لروسيا" في اشارة الى قرار كييف تقييد تحركات الاسطول الروسي في البحر الاسود والمشارك في النزاع بين روسيا وجورجيا. واعلنت وزارة الخارجية في بيان ان "القادة الاوكرانيين اتخذوا قرارا جديدا خطرا معاديا لروسيا". من جانبه دعا الرئيس البولندي ليخ كاتشينسكي ونظراؤه في دول البلطيق الاربعاء حلف شمال الأطلسي (ناتو) بإقرار خطة عمل لصالح جورجيا قائلين إن عضوية الحلف هي السبيل الوحيد لمنع "الاعتداء والاحتلال" في المستقبل ، وذلك عقب الصراع الروسي الجورجي الأخير. كما وجه القادة انتقادا لاقتراح السلام الفرنسي الأخير بين موسكو وتبليسي ، قائلين إنه لا ينص صراحة على احترام "وحدة الأراضي" الجورجية. واعلنت اللجنة الدولية للصليب الاحمر الاربعاء في بيان انها بدأت ارسال مساعدات انسانية الى العاصمة الجورجية تبيليسي لمساعدة ضحايا النزاع الدائر بين روسيا وجورجيا. وقالت اللجنة في بيان تلقت فرانس برس نسخة عنه ان مساعدات انسانية خاصة باللجنة الدولية للصليب الاحمر يتم نقلها من عمان بواسطة الطائرات "لمساعدة الضحايا المتأثرين بالنزاع الدائر بين روسيا وجورجيا". واوضحت ان "اول طائرة من اصل خمس طائرات اقلعت (الاربعاء) من مطار عمان المدني (شرق عمان)".