ان ارتباط سعر صرف الريال السعودي، بالدولار الأمريكي، والبالغ 3.75ريالات لكل دولار له تأثير مباشر، ايجابا او سلباً، ففي حالة ارتفاع سعر صرف الدولار اتجاه العملات الآخر كاليورو والباون الإسترليني والفرنك السويسري والين الياباني، وغيرها من العملات الحرة، والتي لها علاقات تجارية مع المملكة، ففي هذه الحالة، تكون قوة شراء الريال مرتفعة، وتصل السلع والخدمات في المملكة بأسعار مناسبة. اما في الحالة الثانية، حالة انخفاض سعر صرف الدولار، اتجاه العملات المذكورة اعلاه، كما هو واقع الآن، فإن السلع المستوردة والمسعرة بغير الدولار، سترتفع اثمان هذه السلع والخدمات، نتيجة لضعف القوة الشرائية للريال المرتبط بالدولار، مما يؤثر مباشرة على مستوى معيشة الفرد في المملكة. لذا فقد انخفضت القيمة الشرائية للريال فأصبحت السلع والخدمات المستوردة من الخارج، اكثر تكلفة على المستهلك في الداخل بقدر نسبة انخفاض الدولار اتجاه عملات الدول المصدرة للمملكة. ؟ عند قراء جدول الواردات، نرى ان واردات المملكة من دول اوروبا الغربية، قد تضاعفت تقريباً، مابين عامي 2001م، 2007م. اما الواردات من امريكا الشمالية، فزيادة الواردات كانت طفيفة مابين عامي 2001- 2007م، اما الواردات من الصين، فالملاحظ ان هذه الواردات قد تضاعفت 4مرات. اما الواردات من اليابان، فقد زادت بنسبة تزيد على 90% مابين عامي 2001- 2007م، اما الواردات من كوريا الجنوبية، فقد زادت بنسبة تزيد على 50% مابين عامي 2001- 2007م. وهكذا في بقية الدول المدرجة في الجدول. اما اسباب زيادة فاتورة الاستيراد من الدول الآنفة الذكر، فتعود بالدرجة الأدنى لضعف قيمة الريال الشرائية، بسبب ارتباطه بالدولار المتراجع، وزيادة السكان، والمشاريع المنفذة من قبل القطاع العام والخاص. اما عند قراءة الجدول رقم (2) فنرى ان سعر صرف اليورو مقابل الريال قد زاد بنسبة تقارب من 60% مابين عامي 2001- 2007م. اما بقية العملات، فقد زادت قيمة صرفها اتجاه الريال، بنسب مختلفة بسبب ارتباط الريال بالدولار المتراجع. عند عملية حسابية سنرى مقدار الفرق، الذي خسره الاقتصاد السعودي، بسبب زيادة فاتورة الاستيراد مابين عامي 2001- 2007م. فالفرق بين سعر صرف الريال عام 2001، وسعر صرفه عام 2007م، كالتالي: 5.5095- 3.3078= 2.2017ريال لكل يورو، لذا فأن الفرق كما يلي: فأصبح الفرق بين تكلفة الاستيراد من اوروبا الغربية مابين عامي 2001-2007م: 25.492-13.541= 11.951مليار ريال خسارة الميزان التجاري السعودي، لصالح دول اوروبا الغربية، وهذا ينطبق بنسب مختلفة اتجاه الشركاء التجاريين للمملكة، حسب ما ورد في الجدول اعلاه. حلول مقترحة: اقترح مجتهداً ما يلي: 1- تعديل سعر صرف الريال، اتجاه الدولار الأمريكي البالغ حالياً 3.75ريال لكل دولار، الى 3.5ريال لكل دولار بنسبة تقارب 7%، على الأقل، وبالتالي ستترفع قوة الريال الشرائية بهذه النسبة مما يؤدي الى خفض مستوى التضخم (الغلاء)، الذي شمل العديد من السلع والخدمات. او تعديل سعر صرف الريال اتجاه الدولار، بحيث يصبح سعر صرف الدولار اتجاه الريال= 3ريالات لكل دولار، بنسبة تقارب 20%، وهذه الخطوة فعالة في القضاء على التضخم (الغلاء)، بسبب زيادة قوة الريال الشرائية، كذلك ستساهم هذه الخطوة، برفع قيمة الأموال المنقولة وغير المنقولة للدولة، والمواطنين والمقيمين، وأيضا ستساهم هذه الخطوة المهمة بتعويض الخسائر التي لحقت بالمساهمين بسوق الأسهم، بعد انهيارفبراير 2006م، كذلك يعد هذا التعديل بمثابة خطوة تمهيدية مهمة بشأن اصدار عملة خليجية موحدة نهاية عام 2010م كما هو مقرر، خصوصاً وأن واردات الدولة المالية من الصادرات النفطية في نمو مستمر. 2- هناك دعوات بفك ارتباط الريال بالدولار، واستبدال هذا الارتباط، بسلة عملات حرة من بينها الدولار، لكن يبدو ان هذا الأمر مستبعد حالياً، بناء على التصريحات والبيانات الصادرة عن المسؤولين، فإذا كان هذا صعباً لاعتبارات يراها هؤلاء المسؤولون، ولكن مع هذا فإن الأمر يدعو للاستعداد لهذه الخطوة فالمؤشرات الحالية لا تدل على تحسن قريب للاقتصاد الأمريكي ولكن يبدو الآن ان رفع سعر صرف الريال اتجاه الدولار قد يكون أكثر قبولاً خصوصاً وان الدولة قامت عدة مرات سابقاً برفع وخفض قيمة سعر صرف الريال اتجاه الدولار، تبعاً للأحوال المالية للدولة. 3- رفع مستوى المرتبات والأجور: الوسيلة الطبيعية لمواجهة التضخم في أسعار السلع والخدمات هو رفع مستوى المرتبات والأجور بنسب تراعي أصحاب الدخول المنخفضة إذ ليس من العدل رفع مستوى المرتبات والأجور بنسبة واحدة للجميع فأصحاب المرتبات أو الأجوردون 5000ريال شهرياً ليسوا كالذين تتخطى مرتباتهم 30ألف ريال شهرياً على سبيل المثال كما ان الفئة الأولى هم الأكثر عدداً وعند إعطائهم نسبة أعلى تتناسب مع دخولهم ستساعدهم على مواجهة متطلبات الحياة. هناك دعوات بعدم رفع مستوى المرتبات والأجور بحجة ان هذا الرفع سيؤدي إلى زيادة الغلاء والتضخم وهذه دعوة باطلة لأن ارتفاع أسعار العديد من السلع والخدمات ليس محلياً بل عالمياً بسبب ارتفاع مستوى الدخل لدى العديد من الدول خصوصاً الدول الكبيرة كالصين والهند والبرازيل مما أدى إلى زيادة استهلاكهم كما أدت الظروف المناخية إلى نقص في إنتاج السلع الغذائية الرئيسية في العالم، كالقمح والرز كما ان لجوء الدول لاستخراج (الوقود الحيوي) من تقطير بعض المنتجات الزراعية، كالذرة في البرازيل، ساهم في قلة المعروض من المنتجات الزراعية. فالحل ليس بتجميد الأجور والمرتبات وليس الحل أيضاً بأن تقوم الدولة بدفع اعانات لاستيراد السلع والخدمات من الخارج، بغرض خفض أسعارها، لأن ذلك يتطلب من الدولة جهوداً مضنية تتطلب كادراً إدارياً وتفتيشياً كبيراً لمراقبة الأسعار وأيضاً المبالغ المصروفة من قبل الدولة على دعم الأسعار والجهاز الإداري والتنفيذي قد تفوق بكثير الزيادة في الأجور والمرتبات خصوصاً إذا ما عرفنا ان ارتفاع أسعار السلع والخدمات بحسب تصريحات مسؤولين دوليين، ستستمر حتى عام 2015م وليس معنى ذلك ان الأسعار ستنخفض بعد هذا التاريخ، فقد تستقر قليلاً ثم تستأنف ارتفاعها خصوصاً ما تشهده اقتصاديات العديد من دول آسيا من نمو وارتفاع في مستوى دخل مواطنيها نتيجة لنموها الاقتصادي المضطرد والمرتفع معاً. 4- ديون الدولة، حسب البيان الصادر من وزارة المالية عند إعلان ميزانية عام 1429ه/2008م بأن ديون الدولة انخفضت إلى حوالي 250مليار ريال.ولحل هذه المسألة، فمن الممكن إعادة جدولة هذه الديون، عن طريق تسريع عملية التسديد وبالتالي خفض الفوائد المترتبة عليها ويمكن تحقيق ذلك بسهولة خصوصاً إذا كانت الدولة لها مساهمة في المؤسسات المالية الدائنة والأخذ برفع سعر صرف الريال إلى 3.50ريالات كل دولار على الأقل إلاّ ان تتحسن الأوضاع المالية، حينئذ من الممكن زيادة سعر صرف الريال بصورة تتناسب مع الوضع المالي المتحسن. مستقبل الاقتصاد في المملكة العربية السعودية: كل المؤشرات تدل إن شاء الله على تحسن الوضع الاقتصادي للمملكة خصوصاً بعد ارتفاع أسعار النفط عالمياً نتيجة للطلب المتنامي لدول آسيا بصورة خاصة والعالم عموماً وانخفاض سعر الدولار والمضاربات على النفط معظم التوقعات تشير إلى ان سعر برميل النفط سوف يتراوح ما بين 120- 140دولاراً للبرميل إلاّ إذا وقفت أحداث دراماتيكية كالحروب، فقد يتجاوز سعر برميل النفط ل 150دولاراً خلال العام الجاري. الملاحظ ان الدول المصدرة للنفط، قد تأثرت بنفس نسبة انخفاض سعر صرف الدولار اتجاه العملات الحرة فمثلاً انخفض سعر صرف الدولار اتجاه اليورو حوالي 60% فعلى الدول المنتجة للنفط ان تدافع عن سعر برميل النفط، بحيث لا ينخفض دون مستوى المائة دولار، كي تحصل على دخل مناسب من صادراتها النفطية وخصوصاً وان النفط سلعة قابلة للنضوب ومازال السلعة الرئيسة في صادرات المملكة، والممول الرئيسي للميزانية. إن الاستمرار في توظيف هذه الأموال بتشييد البنية التحية اللازمة، للقيام بخطة تنموية تعم كل القطاعات، خصوصاً قطاع الصناعة، الذي سيعتمد عليه الاقتصاد مستقبلاً، فيجب استحداث وزارة خاصة للصناعة للاهتمام بهذا القطاع المهم. وقطاع الخدمات كالسياحة خصوصاً الدينية منها في مكةالمكرمة والمدينة المنورة، وتطوير خدمات النقل الجوي والبري خصوصاً السكك الحديدية، والاهتمام بقطاع التعدين، كي يساهم هذا القطاع مساهمة فعالة في تمويل ميزانية الدولة وفي قطاع الزراعة، التركيز على المنتجات التي تلائم مناخ المملكة وقلة المياه فيها، كالتوسع في زراعة النخيل وزراعة الحبوب كالشعير الذي يلائم الأوضاع المناخية والمائية وإعطاء اهتمام أكبر، بصيد الأسماك، واستزراع الروبيان كذلك الاهتمام بتطوير الأبحاث التي تساعد على اكتشاف واختراع المزيد من الاختراعات عن طريق رصد الأموال اللازمة للباحثين والمخترعين وتشجعيهم فهذه الاكتشافات أو الاختراعات، ستضيف تطوراً لكافة القطاعات وستساهم بتنمية الاقتصاد ورفاهية المواطنين مثل تشجيع الأبحاث المتعلقة بتطوير تحلية المياه المالحة وخفض تكاليفها وتوليد الكهرباء من الطاقة الشمسية وإنتاج السكر من التمور وغيرها من الأبحاث التي تطور مختلف القطاعات وتساهم بزيادة الدخل الوطني وبالتالي تحسين مستوى معيشة المواطن، هذا والله الموفق. @ باحث اقتصادي.