المستقبل ليس أمرا يمكن تأجيله للقيام بما هو مطلوب الآن، بل هو المدخل للتخطيط للاستثمار الأمثل، فنحن بصدد حياة جديدة، لم يعد القياس على الماضي أو الحاضر يفيدنا في فهم ظواهرها أو التعامل معها. لذلك فإن استشراف المستقبل والتعايش معه هو المدخل لسلسلة من المبادرات العقارية الناجحة. وقبل أن نبدأ سلسلة المستقبليات، قد يكون من المفيد طرح بعض الحقائق التي نستند إليها في استشراف مستقبل العقار، ومناطق الريادة والابتكار. @ الذى نحن فيه ليس مجرد تطور للمجتمع الصناعي، الذي ساد لما يزيد على قرنين من الزمان، فمجتمع المعلومات الذى نمضي فيه يقوم على أسس ومفاهيم جديدة، تتناقض في معظمها مع الأسس والمبادئ والعقائد التي قام عليها المجتمع الصناعي. @ أقرب سابقة يمكن الاعتماد عليها في فهم ما يجري، هي مرحلة التحول من الزراعة إلى الصناعة، وكيف نسخ زحف الصناعة أسس الحياة الزراعية. @ كان اختراع الآلة البخارية هو رأس الحربة في قيام المجتمع الصناعي. لقد قاد إلى الإنتاج والاستهلاك على نطاق واسع، مما قاد بدوره إلى قيام السوق بالمعنى الذي نعرفه، بكل ما اقتضاه من أسواق مال وعمالة، وتشريعات ونظم حكومية. @ كان التوصل إلى التكنولوجيا الابتكارية للآلة البخارية، هو السبيل إلى إقامة المصانع ذات المداخن، والتى تطورت مع الوقت إلى صناعات كهروميكانيكية، مما يعني أن توصل البشر إلى اختراق تكنولوجي ابتكاري، يكون عاملا حاسما في انتقاله من شكل حياة إلى شكل آخر. @ كما كانت الآلة البخارية رأس الحربة في الاقتحام الصناعي، جاء الكمبيوتر وما يتصل به من تكنولوجيات رقمية وتكنولوجيات اتصال متطورة ليصنع رأس حربة في الاقتحام المعلوماتي، لتقوم الحياة الجديدة على أساس التكنولوجيات المعلوماتية الابتكارية، التي تقود إلى أسس جديدة في العمل والعمالة والإنتاج والسياسة والاقتصاد والإدارة والأسرة والتعليم والثقافة (راجي عنايت، الابتكار والمستقبل). @ والعقار من أهم القطاعات التجارية، كونه ذا علاقة مباشرة بكل شرائح المجتمع تقريبا، إضافة إلى قدرته على استيعاب المتغيرات الجديدة. فالعقار ليس مسكنا أو مكتبا، بل هو المدينة كلها والناس. المرفق الخدمي الرابع وعلى المطور العقاري مراجعة المفاهيم العقارية الثابتة عن البنية التحتية، ومرافق الخدمات. البنى التحتية الآن صارت بنى شبكية تعتمد على بروتوكول الإنترنت، وتعمل بطريقة تقلب المفاهيم التقليدية لإدارة وإنشاء المباني عبر إحداث التكامل بين نظم تقنية المعلومات ونظم المباني في بنية موحدة، لتعمل المرافق العامة للمعلومات أو المرفق الخدمي الرابع إلى جانب مرافق الغاز والماء والكهرباء. وتوفر البنية الشبكية مجموعة من الحلول التي تمكن صناعة العقارات من التغلب على مختلف التحديات المرتبطة بمستوى الإنتاجية، وتعقيدات نظم الاتصال القديمة، وتكاليف الطاقة، وفقدان بعض مصادر الدخل (د. بدر بن الحمود البدر). الجيل الثالث للإنشاءات العقارية إن نظام الجيل الثالث يقوم على توفير بنية تحتية تعمل عبر بروتوكولات الإنترنت في المبانى الإدارية والمنتجعات السياحية والمنازل لتوفر خدمات نقل البيانات والإنترنت مع التلفزيون والهاتف من شبكة واحدة بجودة وسرعة فائقة. كما تتكامل هذه الشبكة مع باقي احتياجات المنزل والأجهزة العاملة به مثل جهاز التكييف ونظام الإنذار، يقول الأستاذ يسري زغلول مستثمر عقاري: بدأنا نعمل على شبكة موحدة تعمل على بوتوكولات الإنترنت في منظومة واحدة على مشروع واحد، فبدأنا بالتليفزيون مع التلفون والإنترنت، وعندما عملنا في هذا المشروع بدأنا ندخل في خدمات أخرى وصلت إلى 16خدمة. والمبادرة الآن متاحة للانتقال بالسوق السعودي إلى الجيل الثالث والرابع في الإنشاء العقاري، للدخول بالمباني الإدارية والمنشآت السياحية إلى مستوى جديد من الخدمات التي تتواكب مع التطور العالمي. كما تتوفر الفرص لعديد من الشركات المتخصصة في تقديم الحلول لإنشاء وتشغيل وصيانة المباني الذكية في مجال الاستثمار السياحي والفندقي والمباني الإدارية. المدن الذكية وتجدر الإشارة هنا إلى مدينة المعرفة الاقتصادية، التي تمتد على مساحة خمسة ملايين متر مربع، وكانت الحكومة السعودية قد أعلنت عن خطط لاستثمار ما يزيد على 8مليارات دولار لتطوير المدينة الذكية. ويهدف مشروع المدينة الذكية إلى استقطاب الشركات العالمية في قطاع تقنية المعلومات والاتصالات، والراغبة في إطلاق أعمالها، وتأسيس مراكز للبحوث والتطوير، الأمر الذى سيوفر ما يزيد على 20ألف فرصة عمل جديدة ضمن المدينة. وتتوفر للمدن الذكية بنى تحتية عالمية المستوى لتوفير خدمات القيمة المضافة للشركات والمقيمين بالمدينة. إن سكان المدينة الذكية سيستفيدون من مزاياها العديدة، حيث أنها توفر لهم بيئة تفاعلية، مزودة بكافة مستلزمات وتقنيات التواصل الاجتماعي. كما تجدر الإشارة إلى الدور الكبير الذى تلعبه الابتكارات التكنولوجية في تطوير مدن جديدة كليا قادرة على اجتذاب جميع قطاعات المعرفة والاستثمار، والحد من نفقات الإدارة والتشغيل في آن واحد (ويم إلفرينك، مبادرات العولمة). ليست مجرد تقنية إن البنية التحتية الشبكية ليست مجرد وسيلة اتصال، بل هي منصة تفاعلية لخبرات حياتية مختلفة تماما، فنحن نفعل أشياء.. نعمل.. نلعب.. نتعلم.. نعيش، لكن حين نفعل نفس هذه الأشياء (معا) من خلال حلول الشبكات تبدأ الأشياء العظيمة في الحدوث. لذلك سوف تغير البنى التحتية الجديدة الطريقة التي نعمل ونعيش ونلعب ونتعلم بها، وتدفع في اتجاه تطوير أفكار ومشروعات وصيغ جديدة في العمل والحياة. الآن.. لدينا الكثير لنفعله في مدن وأبنية ذكية توفر البنية التحتية لمجتمع معلومات جديد. مستشار الابتكار المؤسسي