تتميز معظم المناطق التاريخية بالمملكة بأصولها الموغلة في القدم، وقد شهدت على مر تاريخها الطويل تعاقب حضارات على قدر كبير من التطور والرقي في شتى مجالات الحياة ومنها العمارة والتخطيط. فتميزت هذه المناطق بطابع معماري ونسيج عمراني متميز. وتطور هذا النسيج العمراني بتطور الزمن وتوالي الحضارات، وتأثر بكافة جوانب الفلسفة للحضارات المتعاقبة فكان خير معبر عن تطور المدينة. إن تطور المدن في عصرنا الراهن، ونموها بشكل متسارع وبدون تخطيط مسبق في كثير من الأحيان، وتغير الظروف والمفاهيم، أدت إلى تأثر المناطق التاريخية بالظروف المستجدة، وتعرضها في أحيان كثيرة للتعدي عليها والهدم بشكل كلي أو جزئي والإساءة الاستخدام والإهمال أحيانا أخرى، كما أن مفاهيم وأسس التخطيط العمراني والتصميم المعماري قد تغيرت كثيرا وتأثرت إلى حد بعيد بنماذج مستوردة لم تخضع لدراسة وافية لمدى ملاءمتها لمدننا السعودية. ومن الملاحظ أن الطريقة التي نمت بها مناطقنا التاريخية لم تراع خصائصها العمرانية المميزة، ولم تؤد إلى الحفاظ على طابعها وشخصيتها، وكان في حالات كثيرة على حساب العناصر الحضارية والتاريخية. فمن الأجدى من الهيئة العامة للسياحة والآثار التفكير في عقد ندوات أو مناظرات من أجل حماية ما تبقى من نسيج المناطق التاريخية والعمل على إعادة الحياة إليه بترميمه، وإعادة استخدامه ضمن إطار معاصر ومناسب لوظائفه الأصلية، بحيث يعود بالفائدة على المناطق التاريخية وساكنيها، واستقطاب العناصر المفكرة لبلورة الدراسات والأبحاث المتعلقة بحماية التراث الحضاري وترميمه وصيانته، والمحافظة على المعالم القديمة في هذه المناطق. وذلك لتحقيق أهداف نجملها في تجديد الملامح الأساسية لطابع المناطق التاريخية ومكوناتها الشخصية.و التعرف على العوامل المختلفة التي أثرت على نمو المناطق التاريخية والمرتبطة بالتراث الحضاري. مع دراسة قوى التغير التي تجتاح المناطق التاريخية في الوقت الراهن، واستشراف الصورة المستقبلية لوضعها. والاهتمام بدراسة سبل ووسائل الحفاظ على خصائص المناطق التاريخية وتراثها. ودراسة سبل ووسائل التوفيق بين متطلبات المدينة العصرية والحفاظ على طابع المناطق التاريخية وشخصيتها. ومواكبة التقنية في التعرف على الأساليب والتقنيات الحديثة في مجال إعادة بناء المناطق التاريخية، والحفاظ على العناصر التراثية فيها وأساليب التشغيل والإدارة. ولضمان نجاح التطوير لهذه المناطق حث القطاع الخاص والمنظمات غير الحكومية والجمعيات على المشاركة في مشروعات التطوير. ولابد من التواصل وتبادل التجارب بين المختصين والفنيين وإداريي المناطق التاريخية في مجالات إعادة الإعمار والتطوير. فإذا كان هذه المناطق التاريخية تتجاذبها أقطاب الأصالة والمعاصرة فإلى أي حد يمكن توظيفها في تنمية سياحية محلية يا هيئة السياحية والآثار؟. @ باحث بالتصميم العمراني