إن وضع الجمعيات العلمية في جامعة الملك سعود بحاجة إلى مراجعة جادة للوائحها أو على الأقل لتنفيذ لوائحها. كما أنها بحاجة إلى الانتقال بالجمعيات إلى مرحلة الإصلاح لتنقية الروح العلمية من أي محسوبية أو شللية. فضلاً عن الالتزام بالكثير من الشفافية في تعاملاتها العلمية والتنظيمية. فوفق اللوائح فإن اختيار رئيس مجلس الإدارة يتم بانتخابه من بين أعضاء مجلس الإدارة الذين تنتخبهم الجمعية العمومية، ويكون رئيس مجلس الإدارة هو رئيس الجمعية، وينتخب نائباً له أيضاً، وذلك لمدة سنتين قابلة للتجديد لمرة واحدة. والشرط الأخير، لسبب غير معروف، لا يطبق ولا يراجع من قبل الإدارة القانونية للجامعة إلى ما لا نهاية. فمثال الجمعية التاريخية السعودية يعد مثالاً صارخاً على هذا التجاوز. فرئيس الجمعية الحالي انتخب منذ عام 1414خلفاً للدكتور عبدالله الوهيبي رحمة الله عليه وما زال حتى الآن رئيساً بل وجدد له للمرة (فقدت القدرة على العد) لثلاث سنوات أخرى في القصيم الأسبوع الماضي عند انعقاد الجمعية العمومية. وحتى من ثلاث سنوات عندما فرض بضغط من النساء ومطالبة شعواء تمت وفقها موافقة الجمعية العمومية وجرى الترشح والتصويت. والذي ما لبث أن ألغي فيما بعد. وهذا يقودني إلى الحديث عن اجتماع الجمعية العمومية الماضية التي جرت من ثلاث سنوات في مكةالمكرمة 1426والتي شهدت لأول مرة ترشح عضوات نساء، بعد ضغط نسائي ومطالبة طويلة حتى تمت موافقة الجمعية العمومية وجرى الترشح والتصويت، وترشحت ثلاث وفازت واحدة في الانتخابات، هي كاتبة المقال، مع استمرار رئيس الجمعية الحالي كرئيس الذي سرعان ما اجتمع الأعضاء الرجال وهم وقوف خلال الاجتماع وقرروا أن يكون هو رئيسهم وفرض عليّ الأمر الواقع. وبعد مرور أسبوع وعودتنا إلى ربوع جامعة الملك سعود يصلني الخبر من رئيس الجمعية بأن الشؤون القانونية في الجامعة قد ألغت الانتخابات بناء على عدم نظامية إجرائها في ذلك اليوم. وكان حديثاً طويلاً لا أذكر تفاصيله غير المقنعة الآن ولكن زبدته كانت أن كل من رُشح ذلك اليوم باطلة ترشيحاتهم ولن يدخلوا مجلس الإدارة وعاد مجلس الإدارة السابق إلى القيادة. وقد راجعت لائحة الجمعية وفق ما هو منشور على موقع الجمعية الرسمي: http://www.saudihistoricalsociety.org/index.htm إلا أنه لا شيء يشير إلى الحالة التي استدعت إلغاء انتخابات. وبالمقابل فإن هذه الإدارة القانونية لم تعترض كما أرى على إعادة انتخاب رئيس الجمعية للمرة الرابعة أو الخامسة أو على بقية المخالفات القانونية في آلية الانتخاب والتصويت، أو على أن التجديد الذي يتم لثلاث سنوات وليس لسنتين كما في اللائحة. مع ملاحظة أن أسلوب الترشح والتصويت أسلوب لا صلة له بالانتخابات وأصولها. فكل ما يقوم به الأعضاء الرجال هو وضع سلسلة من الأسماء على لوح ثم طلب ترشيح تسعة أسماء من هذه القائمة من غير تقديم أي نبذة أو تعريف عن المرشح أو المرشحة أو عن برنامجه/ها الانتخابي مما يجعل العملية مسألة مرتجلة وغير قانونية من وجهة نظري، ووقتها على الرغم من تجهيزي للائحة انتخابية تحمل خطة عمل إلا أنه لم تتح لي فرصة تقديمها رسمياً فوزعتها على العضوات والأعضاء على الورق فحسب. فضلا عن ذلك هناك سوء فهم لمعنى التصويت بالإجماع والذي يتبناه بعض الأعضاء بالنيابة عن الجميع قبل أخذ أصواتهم بالفعل، في حين أنه يتطلب أن يكون غالباً اقتراعاً سرياً لرفع الحرج عن الآخرين. وإن كنت أريد أن أشيد بشيء خاص بما جرى في اجتماع الجمعية العمومية للجمعية التاريخية لهذه الدورة والتي انعقدت في القصيم، فهو انتخاب عضوة ممثلة في الدكتورة حصة الجبر، أستاذ مشارك بقسم التاريخ، جامعة الملك سعود، وآمل ألا يطرأ طارئ وتلغى العضوية أو تلغى الانتخابات مرة ثانية. إن الجمعيات العلمية هي جمعيات ذات شخصية اعتبارية وقورة وقانونية ينبغي ان تمثل الجهة العلمية التي تنتمي إليها، وأن تتسم بالشفافية والمصداقية والموضوعية وتمثيل قضايا التخصص الذي تنتمي إليه. أما ما يجري مع الجمعية التاريخية السعودية فهو بحاجة لكثير من المراجعة والتعديل.