المغارسة هي إحدى الأعمال التي زاولها كثير من المسلمين قديما ومفهومها يكون لأحد الناس أراض زراعية لكنه لا يستطيع زراعتها والقيام عليها واستثمارها لانشغاله أو لعدم قدرته المالية على استثمارها ويكون عند الآخر القدرة على العمل ولكنه لايملك الأرض الزراعية ولا الشجر أو يكون إنساناً ذا قدرة مالية أو مصرفا إسلاميا يقوم بالتمويل عن طريق إصدار صكوك إسلامية للمغارسة حيث يتفق كل من الطرفين على المغارسة سواء الفرد أو المصرف الإسلامي مع مالك الأرض الزراعية على مغارستها بواسطة عقد يتفقون عليه فيما بينهم، وتكون المغارسة عادة فيما له أصل ثابت من الشجر كالنخل والفواكه ونحوها، والمراد بالأصول الثابتة هي التي يطول مكثها في الأرض كالنخيل وجميع أنواع الشجر، أما غير الثابتة هي التي لا يطول مكثها في الأرض كالزرع والبقول فان هذه لا تصلح المغارسة فيها، لأن بقاءها في الأرض لا يطول، فلا تصلح الشراكة فيها، والمغارسة لا بد فيها من الشراكة في الأصول والأرض معاً دون غيرها، وتكون للعامل حصة معينة من الشجر والأصول التي يغرسها في الأرض حسب الاتفاق بين الطرفين مثل الربع منها أو النصف أو غيرهما من الحصص، فإذا أثمرت الأصول التي غرسها الفلاح أو المستثمر ملك من ثمرها بتلك النسبة التي اتفق عليها فيكون له الربع أو النصف من الثمر، وقد يشترط الطرفان أن تكون للعامل حصة معينة ومحددة من أصل الأرض نفسها، ومن الأصول الموجودة في الأرض قبل المغارسة عليها بالإضافة إلى حصته من الأصول التي غرسها وهذا على ما هو متعارف بين المسلمين في المغارسات التي تتم فيما بينهم ويمكن للمصرف الإسلامي ان يشتري الأرض ويقوم بغرسها ومن ثم بيع ثمرها والاستفادة من أرباحها وذلك يتم عن طريق إصدار صكوك مغارسة لعملاء المصرف الإسلامي الراغبين في ذلك، وصكوك المغارسة هي وثائق متساوية القيمة يتم إصدارها من قبل بعض المصارف الاسلامية لاستخدام حصيلة الاكتتاب فيها في غرس أشجار أو غيرها وفيما يتطلبه هذا الغرس من أعمال ونفقات على أساس عقد المغارسة، ويصبح لحملة الصكوك حصة في الأرض والغرس حيث أن( المغارسة) قد تشبع حاجات الفلاحين إذا تم تطبيقها وفق الشريعة السلامية الصحيحة ذلك لان التشريع الإسلامي يهيئ الفرص للمسلمين وعليهم استغلالها لصالحهم، ولكي تحقق رغبه وحاجات المزارعين أو المستثمرين من الأموال يجب حفظ حقوق جميع الأطراف وضبط وتطوير المعايير المحاسبية والمالية لعملية تمويل (المغارسة) وتأمين الشفافية بما يمكن المستثمر من التقييم الصحيح وأن يتيح للجهات الرقابية والإشرافية معلومات كافية تمكنها من تحقيق تطبيق الرأي الشرعي الصحيح حول (المغارسة) حيث ان تطوير هذا القطاع ما يزال بحاجة إلى جهود مخلصة من كافة علماء المسلمين، وعلى المؤسسات المالية الإسلامية التركيز على الدراسات والبحوث لتقديم المبادرات في مجال (المغارسة) وفقا لمقاصد الشريعة الإسلامية وعلى المصارف الإسلامية تثقيف عامة المسلمين بأصول المعاملات المالية الإسلامية وأهميتها، وتأثيرها على حياة الفرد المسلم، وكذلك مطالبتها بتمويل المشروعات الخيرية، وللحديث بقية نستكمله في مقال الأسبوع القادم بإذن الله عن تعريف وشروط عقد (المغارسة) والله الموفق. @ مستشار مالي عضو جمعية الاقتصاد السعودية