لم تبد الفتاة أي اعتراض حين اعترف لها قبل عقد قرانهما بأنه مصاب بداء السكري، ولم تكن موافقتها تلك إيماناً بقضاء الله وقدره بقدر ما كانت جهلاً بالمرض وأثره على العلاقة الزوجية والتي لم تسلم بعد الزواج من تذمر صاحبه الشك من قبل الزوجة الجاهلة بالمرض. هكذا كانت الحكاية ببساطة في عمل (سيرة الحب) حيث كانت تتحدث عن جهل بعض الشباب بداء السكري. وكانت تلك القضية هي واحدة من مجموعة قضايا تقدم على شكل لوحات منفصلة تهتم بصورة كبيرة بقضايا الشباب، وهو عمل يشبه إلى حد ما عملين سابقين هما (أهل الغرام) و(ندى الأيام). وقد اختارت تلك الأعمال الثلاثة التي سبق ذكرها أن تكون علاقة الحب مدخلاً لطرح القضايا الشبابية، حيث تقدمها بقالب ممتع وبسيط وبعيد عن التكلف والتصنع، وهذا ما يوحي للمشاهد بأن هذه النوعية من الأعمال تحمل روح العصر بكل تفاصيله. حتى من جهة الأفكار المطروحة كانت تحمل سمة العصر أيضاً. فلم تكن بذلك التعقيد والتكرار الممل الذي عهدناه في الكثير من الأعمال خصوصاً المحلية والتي كثيراً ما تحصر قضايا الشباب على المخدرات واللامبالاة والعقوق وغيرها من القضايا المستهلكة. أذكر على سبيل المثال أيضاً إحدى القضايا التي طرحت في عمل "ندى الأيام" وكانت فكرة الحلقة تدور حول فتاة تعاني من النسيان هكذا هي القصة ببساطة النسيان وأثره على حياتها. ترى لو طرحت مثل هذه الأفكار مجرد طرح هل تجد القبول من المنتمين لوسطنا الفني.. أم أنهم سيرون أن مثل هذه الأفكار فارغة، لا تخدم المشاهد ولا تقدم له الرسالة المطلوبة منهم!. لما لا تفتح أعمالنا المجال لمثل هذه الأفكار البسيطة.. وتقدمها بطريقة الحلقات المنفصلة.. نريد أن نشاهد مثلاً شيئاً من حياة هواة التصوير الضوئي والعقبات التي تواجههم في الشارع السعودي، الفنان التشكيلي، هواة السينما، شخصيات من الوسط نفسه كالممثل المبتدئ أو المخرج أو الكاتب، أيضاً نريد أن نشاهد فكرة تجسد الفراغ الذي يعيشه الشباب، وعلاقتهم بالمسميات الجديدة للزواج كالمسيار والمسفار.. وغيرها من الأفكار التي تلمس واقع حياة الشباب حتى وإن كانت بسيطة لأن الفن لم يكن يوماً حكراً للقضايا المعقدة. نأمل أن تسعى أعمالنا مسعى سيرة الحب وندى الأيام وأهل الغرام ..وأن تستمد أفكارها من قضايا الشباب السعودي وهمومه حتى وإن كانت بسيطة.. والدراما المحلية بحاجة لمثل هذا التجديد في الطرح وفي الأفكار ولعل الخبر الذي أطلعتنا عليه "ثقافة اليوم" قبل فترة قصيرة حول تكرار فكرة بين عملين محليين ما هو إلا إشارة إلى أنها مازالت تسير بنفس الدائرة المفرغة.