طالب المشاركون في لقاء الحوار الأسري واقعه ومعوقاته وسبل تفعيله الذي نظمه مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني مساء أمس بالرياض باشاعة الحوار الأسري في المجتمع مشيرين إلى ان الحوار الأسري مفقود في المملكة بسبب بعض العادات الاجتماعية الخاطئة التي لا تسمح للأطفال والبنات بالمشاركة في قضايا الأسرة أو الاستماع لآرائهم. وانتقدوا اتكالية كثير من الأسر على تربية الخدم لأبنائهم، مؤكدين ان غياب الحوار يسبب الرهاب الاجتماعي. وقد رفض أمين عام مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني فيصل بن عبدالرحمن بن معمر عند انطلاق اللقاء المدخلات التي تتعلق بالتجارب الشخصية ولا تخدم محاور اللقاء. وأوضح الشيخ صالح بن عبدالرحمن الحصين رئيس مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني خلال افتتاحه فعاليات اللقاء ان الحوار الأسري يمثل أهم القيم الأصيلة لبناء الأسرة الناجحة في حياتها خصوصاً في هذا العصر. وقال: ان العلم الحقيقي يساعد على اكتشاف القوانين الطبيعية التي تعتبر متوافقة مع طبيعة الإنسان، الذي لا يكون عدوا، بل يجب عليه الانسجام مع القوانين والتعامل معها، فالأحكام الشرعية تتواءم مع القوانين الطبيعية كالحياة الزوجية التي تعتبر قانونا طبيعيا لها قيمة واحدة مع اختلاف قانون الوظيفة. وأضاف: الإسلام يرى المساواة الكاملة بين الذكر والأنثى في جميع الآيات كما ان الطبيعة لا تفرق بين الرجل والمرأة، إلاّ في الفوارق التي بينها الشرع ومن خلال الحوار الأسري يسعى إلى تأسيس الحوار من داخل نواته الأساسية التي هي الأسرة. وأشار إلى ان الهدف الذي يجمع أفراد الأسرة كما ورد في القرآن ليس النسل فقط والحصول على لقمة العيش بل هي حياة شاملة يكملها كل فرد من أفراد الأسرة لتلبية جميع الاحتياجات وتحقيق الأمان والمتعة الحرة ونفي للحزن والخوف من المستقبل ونفى الخوف من الحاضر موضحاً ان القرآن بين أهمية الزواج وأهدافه لتخطي العوائق وتسعى أهدافه لتحقيق الهدف والمساواة التي تكون بالتكامل كما بين دور المرأة وما لها من حقوق وليس العمل هو الحق الوحيد بل الأمومة لها حق في ذلك، وقدم الحصين أهم مقومات الأسرة وهي ترتيبات الأسرة التي تراعي الحقوق الإسلامية في المجتمع، وأشار الحصين للنظام الأساسي للحكم والذي يضمن حقوق المرأة وفق النظام الأساسي مع مراعاة الحقائق والمعلومات المتكاملة كما ورد في المادة التاسعة من نظام الحكم السعودي. وشارك في اللقاء أكثر من 70مشاركاً ومشاركة من العلماء والأكاديميين والاختصاصيين في مجال التربية والتعليم والاجتماع، وتضمن ثلاث جلسات أدارها كل من الشيخ صالح بن عبدالرحمن الحصين، وعضو اللجنة الرئاسية بمركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني الدكتور راشد الراجح الشريف وأمين عام مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني فيصل بن عبدالرحمن بن معمر. وتناول اللقاء مجموعة من المحاور منها: واقع الحوار الأسري ومعوقاته والآثار المترتبة على الحوار الأسري وآليات تفعيل الحوار الأسري ودور مؤسسات المجتمع في تنميته وهدف اللقاء إلى تسليط الضوء على واقع الحوار الأسري في الأسرة السعودية ومعوقاته وابراز أهمية الحوار الأسري كقناة للتواصل بين أفراد الأسرة ودوره في مواجهة الانحرافات السلوكية والفكرية واشاعة ثقافة الحوار الأسري في المجتمع ومناقشة الطرق والأساليب الفاعلة في مجال الحوار الأسري. وشدد كثير من المشاركين والمشاركات على أهمية الحوار الأسري ودوري المركزي في التربية الصحيحة والسليمة وأنه المحور الأساسي لدور الوالدين داخل البيت، وارجعوا سبب كثير من المشاكل بين أفراد الأسرة إلى غياب ثقافة الحوار داخل الأسرة. وبينت الدكتورة بهيجة عزي آليات الحوار والثقافة الحوارية التي تضمن لنا نجاح حواراتنا وأثر العولمة في فشل الحوارات، وذلك بسبب ارتباط الأبناء بالإنترنت والوسائط المتعددة بكل أنواعها وتفضيلها على الاجتماع والحوار الأسري في كافة أنواعه، وقالوا ان كثيراً من المشكلات التي تواجه الأسرة والمجتمع في وقتنا الحاضر ترجع إلى افتقاد الحوار والتواصل بين الوالدين وأبنائهم في وقت يزداد الحاجة فيه ذلك في ظل العولمة وثورة الاتصالات وانتشار القنوات الفضائية ووسائل الإعلام المختلفة. وقال أحد المشاركين: مدى نجاح الحوار الأسري يعود إلى مدى إرشاد وتأهيل الزوج والزوجة قبل الدخول في عش الزوجية، واقترح تفعيل الحوار البناء في كل منزل وفي كل صحيفة لضمان نجاح إشاعة ثقافة الحوار وحل جميع المشكلات، مستغرباً طريقة الحوار داخل بعض الأسر الذي يعتمد على أسلوب التهديد وأن نتيجته ضعف شخصية الأبناء وفقدان ثقتهم بأنفسهم وعدم قدرتهم على التعبير عن آرائهم. وقال مشارك آخر إن خلق الهيبة لأحد الوالدين في الأسرة لا ينبغي أن يكون من خلال الاستبداد والضرب بل من خلال الحوار العقلاني الهادئ، مؤكداً أهمية زرع الثقة في نفوس الأبناء واحترام آرائهم. وذكرت مشاركة إن أهم معوقات الحوار تكمن في تحطيم نفوس الأبناء ورفض آرائهم، مشيرة إلى أن المرحلة الابتدائية أهم مرحلة لزرع الثقة في نفوس الأطفال ومساعدتهم على تنمية مهاراتهم الحوارية والتعبير عن أفكارهم وآرائهم وإن كانت بسيطة. وأكد الدكتور عبدالعزيز الفوزان أن إشاعة ثقافة الحوار عبادة عظيمة، وقال: لدينا قصور كبير في إشاعة هذه الثقافة وأن الاعتراف بالمشكلة بداية للحل ومساعدة في تحقيق نتائج أفضل من خلال هذا الحوار، وذكر أن الدين هو دين الحوار ودين العبادة وأولى الناس بحق الحوار هم أفراد الأسرة، وانتقد الفوزان غياب الحوار في المدارس وفي الاجتماعات. وقال بعض المشاركين أن هناك مصطلحات اجتماعية تقتل مبدأ الحوار في المجتمع وبين أفراد الأسرة، كما أن غيابه يؤدي أيضاً إلى حدوث مشكلات أسرية، بل يعد افتقاد التواصل داخل الأسرة أحد العوامل الأساسية في نشء أفكار منحرفة بين الشباب كالتطرف الديني والذي عانى منه مجتمعنا، ناهيك عن الانحرافات السلوكية والمشكلات النفسية. وأجمعوا على أهمية دور الأسرة في غرس ثقافة الحوار في نفوس الناشئة منذ الصغر وتعويدهم على الحوار مما سينعكس إيجاباً على اتجاهاتهم وسلوكهم في تعاملهم مع الآخرين في المجتمع، هو ما يحرص عليه مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني كجزء من رسالته في نشر ثقافة الحوار، على أهمية الحوار الأسري الذي بدوره يساعد في مواجهة المشكلات والانحرافات الفكرية والسلوكية وفي زيادة الترابط والعلاقة بين أفراد الأسرة. وتم التطرق خلال اللقاء إلى الدراسات التي تؤكد أن الترابط الأسري له أثر كبير جداً في تكوين شخصية الأبناء، وأن فقدان الحوار والتواصل بين أفراد الأسرة يساهم في نشوب المشاكل بكافة أنواعها. ودعا الطلبة المشاركين وأولياء الأمور بأهمية مجالسة أبنائهم عدم الانشغال بالأعمال الخاصة عن لقاء أفراد الأسرة وتفقد حاجاتهم الفكرية والمادية، وقالوا إن الحوار الأسري من أهم آثار الحوار الإيجابي وفيه إنصاف لجميع أفراد الأسرة ويساعد في تبادل الحب والمودة والاحترام فيما بينهم. وقال وزير التربية والتعليم الدكتور عبدالله العبيد خلال مشاركته إن الأسرة عبارة عن روابط وضوابط وقيم أسرية وليس أفراداً كل يكمل الآخر فقط، وهذه الأسرة امتداد للمجتمع ككل، مؤكداً اللقاء الحواري الأسري بداية مهمة وجيدة لنشر ثقافة الحوار الأسري. وشدد أمين عام مركز اللك عبدالعزيز للحوار الوطني فيصل بن عبدالرحمن بن معمر، على أهمية إقامة مثل هذه اللقاءات، مرحباً بجميع المشاركين في الحوار الوطني. وأوضح بن معمر خلال قراءة البيان الختامي أن المشاركين والمشاركات توصلوا إلى مجموعة من النتائج، من أهمها: أن غياب الحوار داخل الأسرة نابع من ضعف الوعي بثقافة الحوار الأسري، وافتقاد مهاراته لدى الآباء والأمهات، أهمية دور المدرسة في غرس قيم وثقافة الحوار لدى الناشئة، لما له من أثر إيجابي في تنمية الحوار داخل الأسرة، يترتب على غياب الحوار الأسري آثار اجتماعية وسلوكية سلبية تؤثر على بناء الأسرة وقيامها بوظائفها، إنشاء المجلس الأعلى لشؤون الأسرة يمثل إساهماً في تنمية الأسرة السعودية واستقرارها، أهمية إنشاء مركز متخصص لإجراء الدراسات حول قضايا الأسرة السعودية.