أجازت الشريعة الإسلامية بيع السلم، نظراً لحاجة الناس إلى مثل هذا النوع من المعاملات الاسلامية، حيث يبيع المرء سلعة محددة الوزن والعدد والنوع والجنس مع تحديد مكان التسليم على أن يدفع المشترون الثمن نقداً في المجلس ويستلموا المبيع مستقبلا عندما يحصد المزارعون زراعاتهم ومحاصيلهم، فأباحت لهم الشريعة أن يبيعوا مثل هذه المحاصيل التي لم تجمع بعد بموجب عقد السلم السابق ذكره فينتفع البائع بالثمن وينتفع المشترى بالسلعة عند استلامها، وبذلك تتحقق المصلحة لطرفي العقد دون غبن على أحدهم وقد يكون لعقد السلم بعض المواصفات المتعلقة به وتميزه عن عقود البيع المعهودة التي تسلم فيه السلع للمشترى في الحال ويدفع ثمنها للبائع بناء على عقد البيع المبرم بين طرفيه أو تسلم فيه السلع مع تقسيط الثمن على آجال حسبما يتفق عليه بين طرفي العقد وهذه المواصفات الخاصة بعقد السلم نابعة من طبيعة ذلك العقد حيث إنه عقد بيع يقع على سلعة غير موجودة وقت التعاقد وغير مشاهدة للمشترى ولكن وجودها ممكن في الزمن المستقبل مثل بيع التمر والقمح والأرز والذي لم يأت بعد حين حصاده وجمعه، وقد أصبح بيع السلم أداة تمويل في المصارف الاسلامية حيث يحصل المشتري وهو المصرف الممول على السلعة التي يريد المتاجرة بها في الوقت الذي يريده فتنشغل بها ذمة البائع الذي يجب عليه الوفاء بما التزم به ويستفيد المصرف من رخص السعر إذ ان بيع السلم ارخص من بيع الحاضر غالبا وقد طبق ذلك بالمصارف الإسلامية وتعددت مجالات تطبيق عقد السلم في المصارف الاسلامية، بحيث يصلح عقد السلم لتمويل العمليات الزراعية، والصناعية حيث يتعامل المصرف الإسلامي مع المزارعين الذين يتوقع أن توجد لديهم السلعة في الموسم من المحاصيل التي يمكن أن يشتروها ويسلَموها عن طريق إمدادهم بمعدات وآلات أو رأس مال سلم مقابل الحصول على منتجاتهم وتسويقها كما يمكن استخدام بيع السلم في الإنشاءات العقارية عن طريق بيع الوحدات قبل إنشائها وتسليمها بعد الانتهاء منها وتمويل المصانع عن طريق شراء إنتاجها وتوفير سيولة نقدية للمصنع ويظهر في هذا النوع من البيع اهتمام الشريعة الاسلامية بتأمين حاجات الناس، كما حددت القواعد لتضبط العقود وتحقق العدالة بين الأطراف، وتمنع النزاعات والاختلافات والمشقة بين الناس، وجاء الشرع ليمنع بيع المعدوم ورخص في السلم، لذا جاءت أحكام السلم لتحقيق المصلحة العامة للناس وتأمين عيشهم وتسهيل أمور حياتهم دون إرهاقهم بقروض وديون يعجزون عن تسديدها في المستقبل. فالإسلام هو دين الرحمة والتكافل بين الناس ويلاحظ أن دور المصارف الإسلامية ما يزال محدودا في هذا المجال ويعتبر بيع السلم من الأساليب الجديدة التي تطبقها المصارف الإسلامية وينتظر منها اعتماده حتى يخرج بيع السلم كأداة تمويل إسلامية معتمدة مثل أدوات التمويل الاسلامية الأخرى وفقاً لمقاصد الشريعة الإسلامية السمحة، ولكي يكون القارئ على معرفة بهذا النوع من المنتجات الإسلامية سوف نقدم له في مقال الأسبوع القادم إن شاء الله نبذة موجزة عن تعريف بيع السلم وأركانه،وشروطه والله الموفق. @ مستشار مالي عضو جمعية الاقتصاد السعودية