تشير دراسات استعمالات الأراضي التي أعدتها الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض في الرياض، إلى أن أكثر من نصف المباني مخصص للأغراض السكنية، ما يشير إلى معدلات نمو السكان العالية، ويشير في الوقت نفسه إلى ضرورة تطوير مفاهيم الإسكان، وابتكار نماذج حديثة تستوعب الاحتياجات المستقبلية، وتتوافق مع القدرات التمويلية المتاحة، ويأتي ضمن هذا تطوير تصميم الأحياء السكنية وتخطيطها. ونظراً لانتشار الأحياء السكنية ذات الكثافة العمرانية المنخفضة في جميع الاتجاهات، تأكدت صفة مدينة الرياض كمدينة أحادية المركز، مع امتداد عصب رئيسي للأنشطة ينطلق من وسطها باتجاه الشمال بمحاذاة طريق العليا، وطريق الملك فهد. حيث تزداد كثافة المباني، وتتعدد استعمالاتها في وسط المدينة، ويسود الاستعمال السكني وخصوصاً نمط الفيلا بنسبة 45في المائة من المباني في أطراف المدينة وأحيائها الحديثة. من الأحادية إلى تعدد المراكز وسعى المخطط الاستراتيجي الشامل لمدينة الرياض الذي أعدته الهيئة، إلى تحويل المدينة من أحادية المركز، إلى نمط المدينة متعددة المراكز بتأسيس خمسة مراكز حضرية فرعية مساندة لمركز الوسط، وربطها بأعصاب أنشطة، تساهم في تطوير النقل العام، وتطوير اقتصاد المدينة. قيمة اقتصادية وجمالية وتشكل المباني والمنشآت العمرانية جانباً مهماً من القيمة الاقتصادية الإجمالية لأصول المدينة، فالمباني هي الأوعية الأساسية لمعظم النشاط البشري والسكاني في المدن، وهي المكون الأساس للمدينة وتعكس جودتها وحسن تخطيطها وكفاءة استخدامها، والمستوى الحضري الذي تتمتع به المدينة، وغالباً ما تحتفظ المدن بعمرانها القديم بدرجات متفاوته، ومنها ما يتحول إلى مكون ثقافي تراثي مهم، ومنها ما يكون محطة في تاريخ تطور عمران المدينة. حالة المباني ومستوى التخطيط تعكس الحالة العمرانية لمباني المدينة المستوى التخطيطي، وجودة الخطط التي تحكم نمو المدينة، ومدى نجاحها في أرض المواقع من حيث القابلية للتخطيط، والكفاءة في تحقيق الوظائف والإدارة، وإذا كان تصميم المباني وإنشاؤها في الأساس يرتبط بالوظيفة التي سيحويها المبنى، إلا أنها تتأثر بشكل بالغ بالتخطيط الحضري، وتنظيمات البناء واستعمالات الأراضي للجوار المحيط بالمبنى. ورصدت دراسة استعمالات الأراضي التي أجرتها الهيئة وغطت جميع المناطق الداخلة ضمن حدود حماية التنمية بمساحة بلغت خمسة آلاف كيلو متر مربع 367156مبنى في مدينة الرياض، أكثر من ثلثي هذه المباني مخصصة للسكني منها 188318فيلا سكنية، و 32052عمارة سكنية. وقد حدد فريق العمل في الدراسة 19استعمالاً أساسياً للأراضي، إضافة إلى شبكة الطرق، رصدت من خلالها التغيرات في استعمالات الأراضي في المدينة، فمعظم هذه الاستعمالات تتم داخل مبان خاصة، أو بالمشاركة مع استعمال آخر في المبنى نفسه، أو تستخدم المباني بشكل جزئي، أو في نطاق محدود. وشملت دراسة المباني في المسح تحديد أنواع المباني، وحالتها الإنشائية، وتصنيفها حسب مواد البناء، وركزت الدراسات التحليلية للمسوحات العمرانية على تحديد أعداد المباني ونسبها على مستوى المدينة، وهيكلية توزيعها على مستوى البلديات الفرعية. الملز والبطحاء وكثرة المباني تشير الدراسة إلى استحواذ بلدية الملز والبطحاء على أكبر عدد من المباني، بإجمالي 76054مبنى، تشكل 21في المائة من إجمالي مباني المدينة كما تتركز أعلى كثافة للمباني في وسط المدينة كبلديات الملز، البطحاء، الديرة، والعريجاء، حيث راوحت كثافة الوحدات بين 4و 8وحدات لكل هكتار (عشرة آلاف متر مربع). ويرجع ذلك إلى طبيعة الظروف العمرانية التي شكلت وسط المدينة، حيث كان النسيج العمراني القديم مسيطراً من حيث حجم الشوارع واتساعها، وصغر المساكن، والمنشآت المعمارية، وهو يختلف عن كثافة المباني في أحياء الرياض الحديثة التي تكثر فيها الشوارع الواسعة، وتزيد فيها مساحة الوحدات السكنية على 500متر مربع، وكذلك الحجم الكبير - نسبياً - للمنشآت التجارية والاستعمالات المتعددة كالمراكز التجارية الحديثة التي قد يبلغ حجمها عدة هكتارات في بعض الأحيان. وتنخفض نسبة كثافة المباني في بعض البلديات والمحافظات لتتراوح بين 0.1و 0.3وحدة لكل هكتار، نظراً لانخفاض الكثافة السكانية في هذه المناطق، وكثرة المناطق المفتوحة والمزارع، كالدرعية، والجبيلة والعيينة والجنادرية، أو بسبب الاستعمالات الخاصة التي تمتاز بمساحاتها الكبيرة نسبياً مع انخفاض عدد المباني، مثل كلية الملك عبدالعزيز الحربية. مجموعات وظيفية للمباني صنفت الدراسة المباني من حيث طبيعة استخدامها إلى ست مجموعات وظيفية: المباني السكنية، التجارية، الصناعية، الإدارية الخدمية، متعددة الاستخدامات، والمباني غير معروفة الاستخدام. ضمن كل استخدام تصنيفات فرعية يسهل هذا التصنيف فرز استعمالات الأراضي حسب بلديات المدينة، وإجراء المقارنات، وتحديد عدد المباني وحالتها، كما يسهل فهم طبيعة الاستخدامات، والأنشطة البشرية في الأحياء. كفاءة المخزون العقاري تشير الدراسات إلى كفاءة المخزون العقاري في المدينة، إذ لاتتجاوز نسبة المباني التي تحتاج إلى إنشاء 3في المائة، ويتركز معظم هذه المباني في بلديتي الملز والبطحاء، نظراً لعمرها الطويل نسيباً، كما أن 70في المائة من مباني المدينة في حالة إنشائية جيدة. من جانب آخر تتركز المباني في طور الإنشاء في بلدية الشمال، وهو يشير إلى توجه التنمية العمرانية باتجاهي الشمال والشرق. رؤية مستقبلية ل 50عاماً مقبلة تكمن أهمية الرؤية المستقبلية لمدينة الرياض في تحديد ماهية الآمال والتوجهات للمدينة في المستقبل بهدف الوصول بمستواها في مختلف المجالات إلى أرقي النتائج وأكثرها إرضاء ونفعاً للأجيال المقبلة، وذلك من خلال تحقيق مبدأ الاستدامة في تخطيط وبناء مدينة المستقبل كواحة جميلة وسط الصحراء توفر الرفاهية، ورغد العيش لأجيال الحاضر والمستقبل في ظل مبادئ الدين الإسلامي الحنيف. فمن المؤكد أن مستقبل المدينة خلال الأعوام ال 50المقبلة لن يكون كما هو عليه الآن نظراً لكون المدينة جزءا من عالم متغير، وتعيش مرحلة نمو سريعة في عالم واسع الابتكارات والتطور، الأمر الذي سيؤثر بالضرورة في مستقبل المدينة كأي مدينة أخرى على وجه الأرض، ويستوجب بالضرورة أن يشتمل التخطيط للمستقبل على خيارات عديدة حول الطريقة التي يرغب في أن يعيش بها سكان الرياض والفرص الاقتصادية والوظيفية والتعليمية المتاحة لهم وكيفية التعامل مع البيئة والطبيعة المحيطة بهم وفرص تحسين أوضاعهم المعيشية والاستمتاع بالحياة العائلية والترفية . وعلى الرغم من استحالة ضمان تحقيق جميع التصورات والآمال المنشود تحقيقها على وجه الدقة نتيجة الظروف الخارجية ودخول عوامل جديدة على عملية اتخاذ القرار، إلا أن وضع رؤية مستقبلية للمدينة يوفر إطاراً واسعاً للقيم والتطعات التي تضع قاعدة ليست للتخطيط فقط، إنما لتقييم واختيار البدائيل الأكثر كفاءة لتحقيق المستقبل المنشود مع قابلية الرؤية المستقبلية للتعديل بحسب تطور الفهم لمضمونها ووفقاً لنتائج المعلومات التي تستقى آثار تطبيقها.