ربما من قبيل الصدف أن أكتب اليوم عن "الأغنية" بعد مقالة الأسبوع الماضي والتي تناولت رأي الدكتور عبد الله الغذامي بالفنانين طلال مداح ومحمد عبده، أنا لست محرراً فنياً، وأيضاً لست متابعاً جيداً لعالم الغناء والطرب، ولكن استوقفني خبر نشر بأغلب الصحف عن الفنان عاصي الحلاني الذي غنى عن سعودية ماتت بعد زواج زوجها عليها، توقفت كثيراً عند "عن سعودية" أنا لا يهمني الأغنية أو الفنان، ولكن بدأت أتساءل منذ متى لم يغن فنان عربي عن "السعودية" وبالطبع أقصد بالسعودية الوطن وليس المرأة، نتذكر أحياناً كثيرا من الأغنيات التي تتحدث عن مدن ومناطق المملكة، هل يتذكر أحدكم أغنية فهد بلان عن المنطقة الشرقية "هيا ياربعي هيا للمنطقة الشرقية"، أو أبوبكر سالم "يا مسافر على الطائف طريق الهدى"، أو أغنيات هيام يونس العديدة ومنها "أه في أبحر" و"قلبي فدى قروى"، أو فدوى عبيد "صباح الخير يا بريدة ويا عنيزة"، و"ياريم وادي ثقيف" و"طوف في الطائف وأسأل عليهم"وربما سمع أحدكم طلال يغني "يا مسافر للرياض لا تطول البعاد"، ومحمد عبده اسمع الناس "مثل صبيا" و"أهل الجنوب"، وعبد المجيد "آه يالرياض"، و"جدة ياعروس البحر الأحمر"، وبكل تأكيد هنالك أغنيات تداعب مشاعر كل من يحب الوطن والأرض، تلك الأغنيات الوصفية ربما جاءت وفق سياق زمني خاص، وربما أوبريت الجنادرية كان إلى حد ما بديلاً، ولكن فعلاً لماذا لا تستغل تلك الأغنيات سياحياً، هي نافذة جيدة لتسليط ضوء على مكان ما مدينة أو قرية، وكل فنان يريد أن يسوق أغنياته لأكبر شريحة من الناس، لذا لا نستغرب عندما تنشر أغلب الصحف خبر أغنية عاصي الحلاني، قد تكون أغنيته جيدة، ولكن ألا ترون ذلك الزخم الكبير من الرداءة بدأ يغزو آذان وذائقة الشباب بجنسيه وهي فئة كبرى تتابع أغنيات كلماتها فجة ولحنها صاخب ونشاز وأداء أصوات منكرة، تلك الرداءة تطالعنا عبر كثير من القنوات الفضائية التي تعتمد على إبهار "الفيديو كليب"، وكذلك بعض محطات الإف إم، أعود وأقول جميع الأغنيات الوصفية والتي ذكرت بعضها جزء من التراث الثقافي، أحياناً تبث الإذاعة مشكورة بعضاً منها، ولكن هل تم حفظها، لابد من المؤسسات الثقافية وعلى رأسها وزارة الثقافة والإعلام ومكتبة الملك فهد الوطنية أن تسعى لحفظ التراث الفني ليس الأغنيات فقط ولكن هنالك العديد من التسجيلات الفنية والتراثية التي ستكون عرضة للضياع إذا لم يتم حفظها بصورة جيدة.