لم يشنق لاب سينغ نفسه كما فعل والده وشقيقه لينتحرا بل عمد المزارع المثقل بالديون إلى ابتلاع المبيدات، مثل الكثير من مزارعي ولاية البنجاب الشمالية لانهاء حياتهم في بلاد تشهد ارتفاعا حادا في اسعار الاغذية. وقالت ساروج ارملة المزارع في قرية هاميرغار في البنجاب "لم يكن في المنزل ما يكفي من الطعام والديون كانت تتراكم بدون توقف". وكانت في منزل اهلها عند وقوع الماساة. وعندما علمت بالخبر الرهيب في تشرين الثاني - نوفمبر 2007، كان الاوان قد فات، وجثة زوجها احرقت. وسينغ واحد من آلاف المزارعين الذين غلبهم الياس بسبب اسعار المواد الاولية المستعرة (الحبوب والارز والعدس والقمح والزيت والغاز والوقود) التي تسحق العائلات الاكثر عوزا. وتشهد الهند تضخما قياسيا منذ ثلاثة اعوام ونصف، يغذيها ارتفاع الاسعار الحاد للمواد الغذائية، ما قد يؤدي في انتخابات 2009إلى تصويت مئات ملايين الفقراء ضد حكومة يسار الوسط. ويعتاش حوالي ثلثي عدد سكان الهند البالغ عددهم 1.1مليار نسمة من الزراعة في الارياف. وبالرغم من ظهور مئات الملايين من الاثرياء الجدد في المدن ما زال حوالى 300مليون شخص يعيشون باقل من دولار يوميا. ويوضح النائب السابق اندرجيت سينغ جايجي الذي يدير جمعية "التحرك ضد قمع الدولة" ان "الحكومة ترفض الاقرار بوجود ازمة هنا لان البنجاب كانت دائما واجهة النجاح الزراعي الهندي". وشكلت ولاية البنجاب احد محاور "الثورة الخضراء" التي سمحت للدولة العملاقة في جنوب اسيا في الستينات بتحقيق انجازات في امنها الغذائي وتجنب النقص. لكن من اجل حماية هذه المنطقة التي تشكل "مخزن الحبوب" الفعلي في لبلاد، منعت الحكومة اي تطوير صناعي فيها، ما يحرم المزارعين اليوم من اي امل في تنويع مصادر الرزق. وتزداد صعوبة احصاء عدد الانتحارات بسبب تصنيف الشرطة لها بانها وفيات طبيعية. واعتبرت جمعية سينغ ان البنجاب وحده شهد انتحار اكثر من ستين الف مزارع منكوب حتى الافلاس منذ ثلاثين عاما. وقال محذرا "اليوم ينتحرون غدا سيقتلون غيرهم اذا بقي الوضع على حاله". واعلنت نيودلهي في اذار - مارس في موازنتها ل2008- 2009انها خصصت مساعدة بقيمة 600مليار روبية ( 15مليار دولار) لالغاء ديون المزارعين. لكن الالغاء لا يشمل الا القروض المسحوبة من المصارف. غير ان اغلبية القروض تاتي من دائنين خاصين بنسب فائدة مرتفعة.