للأسف مفهوم زيادة الرواتب لدينا مربوط بزيادة التضخم أو الطفرة المالية ولكن غير مربوط بزيادة النمو الاقتصادي، وكل نمو اقتصادي هو نتاج زيادة إنتاج يقابله زيادة استهلاك تكون نتيجة ادخار ما يعني زيادة دخل الفرد كما تقول نظرية (هارولد دومار) الاقتصادية. والدولة هي أكبر مُشغل (مليون وثمانمائة ألف موظف في شتى القطاعات). مشكلة الاقتصاد السعودي بنظري أنه دائماً يعيش إما حالة طفرة، أو حالة أزمة؛ زيادة الطفرة هي توفير لمواجهة زمن الأزمة، والدولة عبر هذه الكمية من الموظفين والمشاريع الكبرى هي موجّه الاقتصاد لذلك تكون زيادة الرواتب بنسبة سنوية مركبة هي طريق النمو والتوسع في كل القطاعات يعني لو نسبة 2% فقط لمدة عشر سنوات سوف تكون 45% هذا بدون الترقيات والعلاوات يعني بنسبة قادرة أن تواجه أي أزمة مستقبلية. هذا خير من إجبار المواطن على القروض (التي شملت كل بيت) وخلقت ديناً مزعجاً، والمخاطرة في دخول استثمارات لا يحترفها المواطن (سوق الأسهم، العقار، التجزئة، السيارات المستعملة) والتي تثقل أسواقها بسيولة فوق احتمالها وقد تنهار (كما حدث في سوق الأسهم)، وبالاضافة إلى ذلك بدأ الكثير من زملائي الشباب ينتابهم الخوف من العمل في القطاعات الحكومية لشعورهم باليأس من العمل هناك خوفاً من جمود الدخل. هذه الزيادة المدروسة سوف تكسر حاجز الخجل من طرح ضرائب تكون فقط على الشركات الكبرى وتكون مصدر دخل يعوض الإنفاق ولكن بعد ثلاث أو أربع سنوات، لأن لكل بيئة اقتصادية حاجات وضعية خاصة والضرائب أنواع وأشكال يمكن تطبيقها دون مساس بدخل الفرد البسيط ورب الأسرة. للأسف قرأت تصريحاً لعضو بمجلس الشورى يقول إن الدولة لا توزع الهبات على المواطنين، أقول له إن زيادة الرواتب للنمو وهي موجودة في دول أوروبا بشكل سنوي، وإن الدولة لا توزع الهبات فقط بل تصنع الحياة للمواطنين عبر دعم القطاعات المتوسعة لزيادة نمو الوظائف وتطور الجودة الطبية والتعليمية والحفاظ على القانون والوطن وسلامة أراضيه. سبق أن طرحتُ موضوع زيادة الرواتب بشكل آخر، وأكرر ذلك لكي لا يكون عالقاً فقط بظروف التضخم وأعلم أن دخل النفط لن ينزل سعره عن 70دولاراً - على الأقل لمدة ثلاثة أشهر - وقد أكون أول كاتب سعودي ذكر ذلك عبر مقالين الأول: (زيادة أسعار حالة نمو وليس أزمة) والثاني بعنوان: (سيظل الدخل السعودي قوياً). هذا هو زمن الطفرة وقد مررنا بطفرات قبل ذلك وظننا أنها لن تعود وقلنا وتمنينا لو عادت تلك الطفرات لفعلنا كذا.. وكذا، وهذا أيضاً زمن الأزمة والتضخم (أكثر من 8% مثل الصين) وزادت الديون على المواطنين لذلك لابد من خطة لزيادة الرواتب ولمدة عشر سنوات نلحقها بثلاث سنوات ضرائب على الشركات الكبرى، فالاقتصادي المميز مثل الفلاح يلزمه الصبر وهو يسقي الشجرة حتى تخرج ثمارها والمواطن هو الشجرة وثمره هو الباقي بعد زوال النفط. @ محلل مالي سعودي .. ببروكسل