سطر أبناء سنابس تلك البلدة القابعة على ضفاف الخليج العربي في الجزء الشرقي من جزيرة تاروت بمحافظة القطيف ملحمة بطولة يوم الجمعة الماضي حينما حققوا بطولة الأمير فيصل بن فهد للدوري الممتاز لكرة اليد، متفوقين في ذلك على من يفقوهم مالا وعدة وعتادا. لقد اثبت لاعبو النور أو ( نواخذة سنابس ) ان الإرادة تصنع المعجزات فهؤلاء الأبطال الذين خرجوا من رحم بلدة صغيرة لا يتجاوز تعداد سكانها 15ألف نسمة تفوقوا على من يفوقونهم في العدد والمال، كيف لا وقد أزاحوا من طريقهم فرقاً بحجم الأهلي والوحدة والخليج والقادسية وهي التي تتسلح بالملايين وبأفضل المنشآت الرياضية. ويبقى السؤال كيف حقق هؤلاء الأبطال ذلك، وسط منافسة شرسة لا تعترف بالصغير.. والإجابة تتلخص في حب الكيان. رئيس ذهبي يجمع أبناء نادي النور على ان عودة النور لمنصات التتويج ليست مستغربة فهذا الفريق سبق له وان حقق بطولات محلية لا تزال سجلات الاتحاد السعودي تسجلها بمداد من ذهب وأخرى خارجية، لكن ذلك لا يخفي حقيقة ان الفريق غاب عن المشهد البطولي فترة من الزمن لكن ما أن قيض الله للنادي رئيسا هو عباس درويش إلا وبدأت رحلة العودة الى ساحة البطولات حيث عمل بلا كلل أو ملل رغم ضيق ذات اليد لهذا النادي، إلا أن عزيمة الرجال قهرت المستحيل حتى عاد النور بطلا متوجا ليس في لعبة كرة اليد وحسب بل في العاب أخرى كلها تشهد لهذا الرجل بالنجاح مع أعضاء إدارته. السيهاتي والعمل بصمت ولا يخفى على احد الأدوار التي لعبها الجهاز الإداري للفريق بقيادة عبدالله الصفواني وحسن السيهاتي وعزيز الدغام حيث كان هذا الثلاثي كخلية نحل تعمل ليل نهار، ساعده على ذلك إخلاصه إذ لم يسع لوجاهة أو إعلام بل كرس عمله لخدمة الكيان، فوفروا كل متطلبات الفريق حتى ليشعر الزائر للنور في تدريباته انه أمام فريق ينتمي لتلك الأندية التي تتدفق عليها الملايين من كل حدب وصوب حيث وفرت الإدارة ومعها الجهاز الإداري كل متطلبات الفريق فكان العمل احترافيا بكل ما تعنيه الكلمة. العليوات نجم لا يأفل لا يوجد رياضي حقيقي في المملكة لا يعرف البطل عبدالعظيم العليوات هذا النجم الذي أهدى وطنه صنوف الانجازات في لعبتي كرة اليد وألعاب القوى حيث كان واحدا من نجوم النور والمنتخب الوطني في كرة اليد وحقق معهما انجازات توجته كأحد نجوم الجيل الذهبي للعبة، وفضلا عن ذلك فالعليوات هو نجم في لعبة رمي الرمح حيث كان بطلا سعوديا يشار له بالبنان في هذه اللعبة، ويحسب للعليوات أيضا انه كان قائد النور في عصره الذهبي حيث حقق معه بطولاته المحلية والخارجية وأهمها بطولتي الخليج والعرب، ولقد اثبت العليوات انه نجم يرفض الأفول ففي كل عمل يوكل إليه تجد النجاح حليفه وآخرها قيادته للفريق لتحقيق هذا اللقب الكبير حيث لعب دورا كبيرا في تتويج فريقه باللقب متفوقا في ذلك على المدربين الأجانب في الفرق الأخرى لاسيما في الأدوار النهائية حيث واجه مدرستين عريقتين في لعبة كرة اليد هي المدرسة التونسية متمثلة في سامي العوام مدرب الأهلي والمدرسة الجزائرية متمثلة في مراد أبو سبت مدرب الخليج، ليثبت العليوات ان المدرب الوطني لا يقل عن أقرانه في الدول العربية. أغلى من الذهب يحق لأبناء النور ان يفاخروا بلاعبيهم الذين يثاقلون بالذهب، ويحق لهم ان يجدوا أسماءهم مسطرة في سجلات تاريخ ناديهم بمداد من ذهب، فهؤلاء اللاعبون كانوا على قدر المسؤولية بدءا من حراس المرمى محمد سالم وناصر الضامن وجاسم الحداد مرورا باللاعبين قصي آل سعيد ونبيل العبيدي وسلطان العبيدي وهشام العبيدي ومهدي سالم ومصطفى الحبيب وفتحي الخضيمي وعدنان آل حجي وعلي العليوات والجزائري لعبان الطاهر. مدرب المنتخب وادوار خفية ومن كان قريبا من الفريق في إعداده الأخير لجولة الحسم كان يلمس العمل الجبار لمدرب المنتخب الوطني علي العليوات والذي قاد المنتخب لنهائيات كاس العالم في كرواتيا حيث عمل جنبا الى جنب في التدريبات الى جانب ابن عمه عبدالعظيم رغم ما يشاع عن وجود خلافات بينهما، وإذا ما صحت الشائعات فإن تعاونهما يجسد حقيقة الذوبان من اجل الكيان. ورغم ان علي العليوات قد فقد ولادته التي فاضت روحها الى بارئها ما غيبه عن الفريق قبل الجولتين الأخيرتين أمام مضر والأهلي إلا انه كان قريبا بدعائه وتوجيهاته، ولم يكن ذلك بغريب عليه وهو ابن هذا الفريق الذي قدمه لاعبا ومدربا يضرب به المثل. قصة الجزائري وللجزائري المحترف قصة اخرى، فقد استغرب الكثيرون تعاقد النور مع لاعب غير سعودي هو الجزائري لعبان الطاهر، ومصدر الغرابة ان النور لم يتعاقد مع أجنبي منذ مدة مواسم طويلة وذلك لضيق ذات اليد حيث شح الموارد المادية لكنه بادر هذا الموسم للفوز بالطاهر اللاعب الذي يلعب في الدوري الفرنسي وبمبلغ ليس قليلا قياسا بإمكانات النادي، ولا يعلم الكثيرون ان التعاقد معه جاء عبر قرض من احد البنوك يسدده رئيس النادي ومعه ثلة من المخلصين من جيبهم الخاص ضاربين بذلك أروع المثل. ولعل من المفارقات العجيبة ان الطاهر ظهر كواحد من أبناء النادي مخلصا وموجها وقائدا حيث كرس كل خبراته لخدمة الفريق. أخصائي علاج دولي شعرت إدارة الفريق خلال مباريات الإياب في جولة الحسم انه أمام مأزق الإصابات حيث توالت الإصابات على اللاعبين كسلطان العبيدي ونبيل العبيدي ومحمد سالم وغيرهم فسارعوا للتعاقد مع أخصائي العلاج للنادي الأهلي البحريني والمنتخب البحريني أيضا في تصرف احترافي رغم ان وضع النادي المادي لم يكن ليسمح بذلك حيث كان يتكفل بالأمر لاعب الفريق السابق عزيز دغام الذي اثر هذا العمل على ان يكون في الواجهة بحثا عن الفلاشات كما يعمل بعض المغمورين في الأندية الجارة.وحينما نقول ان التفكير الاحترافي هو الذي هدى إدارة النور لجلب أخصائي علاج محترف فليس ذلك مبالغة إذ سبق للإدارة ان وقعت عقدا استثماريا مع مركز التميز للعلاج الطبيعي وهو احد أهم المراكز الطبية في المنطقة الشرقية بحثا عن تأهيل اللاعبين والاهتمام بصحتهم. نجوم خطفت الألباب ثلاثة نجوم كانت هي الأبرز على الإطلاق في الفريق وذلك بإجماع النقاد إذ لعبت دورا كبيرا في تتويج الفريق وهم: @ مهدي آل سالم نجم لم يتجاوز 18عاما سجل اسمه كأحد أهم نجوم اللعبة إذ جاءت المفارقة في يوم الختام برفعه لدرع بطولة الناشئين كقائد لفريق النور ودرع الدوري الممتاز للكبار كأحد أفراد الفريق، ولم يكتف هذا النجم القادم بذلك بل رشحه النقاد كأفضل لاعب في الدوري يشاطره في ذلك مصطفى الحبيب زميله في الفريق. @ مصطفى الحبيب هذا النجم الذي يحق ان يكون خليفة لليزر هاني هلال في المنتخب الوطني حيث يتمتع بيد يسرى فولاذية استطاع من خلالها ان يخترق تحصينات الخصوم ليثبت انه النجم السعودي الأول حاليا لاسيما في الأعوام المقبلة حيث لازال في مقتبل العمر،ولم يكن بروز الحبيب في هذه البطولة مستغربا فبروزه يأتي امتداد لعطاءات استمرت ثلاثة أعوام متتالية. @ محمد لا سالم وهو الشقيق الأكبر لمهدي آل سالم وهو الحارس الأمين في كتيبة النواخذة حيث ساهمت عودته لشباك الفريق في إعطائه اطمئنانا أكثر بعد ان كان قد غاب في جولة الذهاب لدواعي الاصابة، فعودته رجحت كفة الفريق في أهم مباراتين أمام الخليج من خلال تصديه لجزائية في الثانية الأخيرة أهدت فريق نقطتين ثمينتين وبروزه اللافت في يوم التتويج أمام الأهلي، ويتوقع النقاد له ان يكون خليفة مناف آل سعيد في المنتخب الوطني وان يكون الحارس الأول بعد اعتزاله. جماهير لا تتثاءب وإن ننسى فلا ننسى جماهير النور، التي آزرت الفريق في حله وترحاله فوقت خلفه مساندة حتى تحقق اللقب، ويصدق على هذا الجمهور لقب الجمهور الذي لا يتثاءب.