كان الأرق يقتل عينيه المتقرحتين من طول السهر وكانت شفتاه بيضاوين متشققتين من الظمأ لأنه كان يسهر طويلاً طويلاً جداً حتى لا يمكننا التصديق انه لم ينم منذ يومين كان يقطع ليله الطويل غير آبه بالغد وماذا سوف يحدث المهم لديه ان ينجلي هذا الليل القاتل حتى يتمكن من رؤية (اشراقة الصباح) حيث انه كان بالأمس يرقد في نفس المكان ولكنه احس ان اليوم اطول بكثير وكأن ظلامه كان ادمس من الأمس. لا لشيء ولكنه كان ينتظر صديق الأمس حيث كان له صديق يرفرف من حوله ويناجيه بصوت شجي وقد كان يداعب الندى الذي يلامس خدود الورد المخملية الناعمه في الحديقه التي في الجوار ولم يكن هذا الصديق يقصد الندى ولكنه كان يريد اضفاء ابتسامة على محيا صاحبه حتى ولو كانت ابتسامة باردة لالون لها ولا رائحة ولكن هذا ماكان يستطيع فعله بينما كان فادي يخاف حيث اقترب المساء وبدأ الظلام يزيد من برودة الابتسامة شيئاً فشيئاً حتى غطاها صقيع الليل. دائماً يأتي الليل وتزداد معه الأوجاع حاول فادي إبقاء صديقه معه لكن الزجاج كان اقسى واقوى من ارادة فادي وعندما نسج الليل خيوطه الظلماء استسلم الصديق لأمر الزجاج وتأهب للرحيل، يالدناءة هذا الزجاج عديم الأحساس فكم يحمل من القسوة رغم شفافيته؟. رحل الصديق وهو لا يريد الرحيل ولكنه يخاف الليل ولا يستطيع النوم إلا في اليافه. يعود فادي مرة اخرى لمحاربة الظلام بكثرة التفكير، وقتل الوقت بالصبر، وقهر الملل بالتمني والانتظار، يسأل فادي نفسه هل كان يعنيني؟ وهل هو يحبني كما احببته؟ يجيب فادي نفسه نعم نعم كل تصرفاته تعني ما اقول، وقبل بزوغ الفجر في آخر انفاس الليل الكالح يزعج فادي صوت نقير يأتي من ناحيه النافذة يحاول فادي معرفة هذا الصوت ويشغل نفسه في محاولة البحث عن افترضات ليقطع آخر انفاس الليل، بينما كان يأتي بالاحتمالات وإذا بالصوت يزداد ينظر إلى النافذة يرى ملامح ابتسامة عريضة في وجه السماء تكبر شيئاً فشيئاً ببطء إنها (إشراقة الصباح) يهيم معها لبضع دقائق، فجأة إذا بالصوت يزداد يحدق اسفل النافذة ماذا يرى؟ ياللهول انه صديق الأمس ذلك العصفور الوفي، وغمرت فادي مشاعر عارمة جياشة تخللتها فرحة اللقاء تارة، وحزن كبيرتارة اخرى واحساس بالذنب لأنه لم يتوقع أن مصدر الصوت من الصديق الوفي، الذي اتى قبل موعده من شوقه ولهفته وكم تكبد من الأخطار، جلس فادي للحظات يفكر كيف ان هذا الصديق الجديد أكثر وفاء من اصدقائه القدامى أو بالأحرى الذين كان ذاهباً اليهم وقت وقوع الحادث حيث كانوا يزورونه وهم على عجل وكان يريد الذهاب إليهم على عجل والنتيجة طول انتظار وملل. عزيزي القارئ يناشدك فادي بكل ما تحمل الإنسانية من معان هادفة أن تطلق صديقاً جديداً لمريض آخر الم تستطع أن تكون صديقاً وفياً مثل هذا العصفور الجميل. وليد محمد الدخيل