قبل خمسة أيام أعلنت شركتا صروح العقارية والدار العقارية وهما أكبر شركتين للتنمية العقارية في أبوظبي أن أرباح الربع الأول في 2008زادت إلى حوالي ثلاثة أمثالها بفضل ارتفاع المبيعات في عاصمة دولة الإمارات العربية المتحدة، عندما أسمع هذا الخبر وعندما أشاهد شركة اعمار العقارية في دبي وبروة في دولة قطر والعديد من الشركات الخليجية المتخصصة في المجال العقاري أتساءل متعجباً : لماذا شركاتهم متميزة وشركتنا متأخرة؟ ما الذي يحدث في شركاتنا العقارية في المملكة العربية السعودية؟ المراقب والمتأمل للقطاع العقاري في المملكة العربية السعودية خلال الفترة الماضية يدرك تماماً أن القطاع شهد ولا زال يشهد طفرة قوية لم يسبق لها مثيل من قبل، وكل من وجه استثماره نحو القطاع العقاري خلال الثلاث سنوات الماضية حقق أرباحا مجزية، إلا أن الغريب في الأمر والذي يجعلني أتساءل لماذا شركات القطاع العقاري لدينا لا تنمو أرباحها بما يعادل تلك الزيادة أو على الأقل تنمو نموا مقبولا نوعا ما؟ فالشركة العقارية السعودية انخفضت أرباحها بمقدار 10% عن 2007، الرياض للتعمير تعلن عن أرباح 18مليون ريال وبزيادة 10% فقط عن العام السابق بالرغم من أن رأس مال الشركة مليار ريال، شركة مكة للإنشاء والتعمير و برأس مال يقارب مليار وسبعمائة مليون تحقق أرباحا خلال تسعة أشهر 160مليون بزيادة 10% فقط عن العام السابق، شركة طيبة تحقق أرباحا صافية عن الربع الأول من عام 2008م 48مليون ورأس مال الشركة مليار ونصف المليار، جميع تلك الأرقام وإن كانت مقبولة لدى البعض ولكنها أقل بكثير من المتوقع خاصة إذا علمنا أن تلك الشركات تتمتع برأس مال قوي ولها أسبقية الدخول في سوق العقار في المملكة منذ فترة طويلة. لماذا هذا القصور في تلك الشركات؟ أين يكمن الخلل؟ أليست تلك الشركات تعمل في قطاع التطوير العقاري؟ أليس القطاع العقاري في المملكة يشهد نموا قويا كما هو في منطقة الخليج؟ لماذا لا تنمو الأرباح إذن بمعدل يوازي ذلك النمو؟ أسئلة حائرة في ذهني وفي ذهن الكثير من الناس وللأسف لم أجد إجابة حتى الآن. تجار العقار في المملكة وهم أفراد عاديون استفادوا جميعاً من تلك الطفرة العقارية، حتى بدون تطوير للأراضي أو بيعها فقيمة الأراضي تضاعفت وبالتالي حققوا أرباحا مجزية. نحن لا نتحامل على تلك الشركات بل على العكس نسعى للتطوير إلى الأفضل ولكنها شركات مساهمة عامة وأمرها يهم الكثير ممن لا تصل أصواتهم، فنحن نحاول إيصال تلك الأصوات وهدفنا السعي نحو النقد البناء. الشيء الجيد في الأمر هو أن أصول جميع تلك الشركات قد تضاعفت من جراء ارتفاع أسعار الأراضي وهذا شيء بالمناسبة يعود فضله لله أولاً ومن ثم لارتفاع أسعار تلك الأراضي ولكن دور الشركة والإدارة في التطوير وهو بيت القصيد والذي يميز الشركة عن غيرها لم يكن له وجود وهي السلبية التي تحوم حول شركاتنا الموقرة. الشيء الآخر، هو أن الشركات العقارية في الدول المجاورة كإعمار وصروح والدار وغيرها كان لها دور في مشاريع عملاقة ومميزة عملت قيمة إضافية لتلك المشاريع سواء كانت مشاريع تجارية أو سكنية وبالتالي أضافت شيئا جديدا للوطن وللمواطن وهو الشيء الذي نفتقده في مشاريعنا في المملكة والتي يشوبها نوع من العشوائية والفوضى. الشركات الحديثة في السوق السعودية وهي اعمار السعودية وجبل عمر للتطوير ودار الأركان للتطوير والشركات الأخرى والتي لم تدرج في سوق المال ينتظرها دور كبير فيما يسمى بالمشاريع المميزة والتي ليس لها وجود في المملكة حتى الآن، وأعتقد أن تلك الشركات سيكون لها مستقبل باهر فيما يتعلق بالأرباح، لأن بعض تلك الشركات لديها ميزة تنافسية ليست موجودة عند الغير وهي وجود مواقع إستراتيجية للتطوير مثل مشروع جبل عمر في مكةالمكرمة وبجوار الحرم الشريف ومدينة الملك عبدالله الاقتصادية والتي أكاد أن أجزم بأن الاستثمار فيهما قد يكون من أفضل الفرص في الوقت الراهن خصوصاً إذا ما علمنا أن أسعار تملك تلك الشركات لأراضي التطوير منخفضة مقارنة بأسعار اليوم، فهل يكون الاستثمار في تلك الشركات كمن قام بالاستثمار في اعمار دبي وصروح أبوظبي قبل سنوات؟ @ رجل أعمال وأستاذ الإدارة والاقتصاد وعضو جمعية الاقتصاد السعودية