دائماً ما يشكل الماضي حضوره بالرغم من وجود الصور المختلفة التي تتمثل في العديد من الأنماط الحياتية، والتي من بينها انتشار المجمعات والمراكز التجارية الكبيرة، فما تزال الأسواق الشعبية القديمة تحتفظ بجاذبية كبيرة لكثير من الناس الذين يجدون في أرجائها نكهة القديم والبساطة والعفوية في عمليات البيع والشراء،وهنا في مدينة بيشة ارتبطت الأسواق الشعبية التي عادة ما تقرن بأسماء تحاكي أيام الأسبوع بتظاهرات رنانة لتسوق متنقل ترسبت فيها التقاليد الاجتماعية الموروثة،كطريقة ابتدعها التاجر القديم ليتغلب على مشكلة التضاريس المعقدة، وليسوق بضائعه المتنوعة إلى كافة المناطق ولتكون تلك الأسواق أول تجارة في محافظة بيشة. وفي تحول جذري لأهميتها أصبحت هذه الأسواق بمثابة قاعات تعقد فيها الصفقات وتحرر الأمور الاقتصادية، بل إنها كانت محل التقاء وتشاور وتخابر بين الوافدين من القرى والفيافي، حتى تحولت اليوم لوسيلة قوية لجذب الزوار في هذا الوطن، انطلقت من بين ردهاتها فنون الاقتصاد والتجارة إلى الأرجاء، فكان لها طابعها الخاص عبر قاعاتها إلى أن أصبحت تمثل دورا كبيرا في الالتقاء الاجتماعي ومجمعات تجارية ذات أهمية بما تحمله من مخزون تراثي يمتد في الموروث، وصولا أيضا للعادات والتقاليد، وتقام في محافظة بيشة تسعة أسواق موزعة على أيام الأسبوع في المحافظة والمراكز التابعة لها وهي أسواق شعبية وحديثة في نفس الوقت تعرض فيها أغلب البضائع، ففي يوم السبت من كل أسبوع يتجه الأهالي إلى سوق الفرع في تبالة، والذي يعتبر من أقدم الأسواق الشعبية في المحافظة، كما يقام يوم الأحد سوق مهر وهي إحدى القرى التابعة للمحافظة، ويوم الاثنين تقام أسواق الحازمي وصمخ، ويوم الأربعاء يقام سوق الروشن وسط المحافظة، وأما يوم الخميس فتقام أسواق نمران والنقيع وتعد الأشهر، كما يقام بوم الجمعة سوق الجنينة والجعبة وهي احد المراكز التابعة للمحافظة أيضاً . وفي هذه الأسواق يلتقي البائع والمشتري وأصحاب الرأي، ويتم البيع والشراء واستطلاع أخبار الأمطار والأسعار والتجار والمستجدات، وتعقد مجالس إصلاح ذات البين ويتم تناول الجوانب الاجتماعية المختلفة، وحل المشاكل الاقتصادية وغيرها، وكما هو معروف فإن نشاط هذه الأسواق منها ما هو مستقر ويستمر طوال الأسبوع ومنها ما هو نشاط أسبوعي وهو ما يجلب إلى السوق في يوم واحد من كل أسبوع وتشتمل على المواشي بجميع أنواعها، والقهوة العربية بجميع أنواعها وأصنافها وبعض من المواد الغذائية مثل الدقيق والأرز والتمر والحلويات الشعبية وفي مقدمتها ما يسمى الحمص والزبيب والطرح والعبايات النسائية والمصنوعات اليدوية وأدوات الحرث والري وشداد الحيوانات والمصنوعات الخشبية مثل الأجهزة الأساسية في الحرث والصناعة، المصنوعات الجلدية، والحديدية وجلب النباتات العطرية كالريحان والشيح والنعناع والكادي وجلب السمن البلدي والقطران والموافي، وعندما تتكلم عن السوق الشعبي للنساء في بيشة، فإنك تجد المكان الذي يمكنك أن ترى فيه النساء أكثر من أي مكان آخر أنماطا من الزينة فيما يبعنه ويشترينه، فالمرأة تشارك في هذا السوق منذ القدم وسط هذه الأسواق فتقوم النساء بنظم القلائد والعقود المصنوعة من الأحجار الكريمة، ومنها العقود المصنوعة من قطع الفضة القديمة أو الحديثة وكذلك بيع المقطوع المشتهرة به مدينة بيشة كذلك الحناء والبخور والمعمول والأقمشة الشعبية وغيرها كما يباع السمن البلدي كما تشتهر نساء بيشة بعمل "الميزب" وهو ما يوضع فيه المولود . وبهذا نجد أن للأسواق الشعبية دوراً اقتصادياً واجتماعياً مهماً في تنشيط الحياة الاقتصادية والاجتماعية في محافظة بيشة .