منذ سنوات وهناك مداولات في الحكومة البريطانية حول الاعتراف بقانونية تعدد الزوجات. وكان الهم الأكبر للحكومة هو أنها إن اعترفت بقانونية ومشروعية هذا الزواج ستضطر إلى خسارة مبالغ طائلة من ميزانيتها المرصودة لمعونة العائلات التي تعيش على دخول منخفضة، وهذا يعني دفع نفقة إضافية من الدولة للمرأة الثانية وأطفالها والالتزام بكل ما يتعلق بالاعتراف بمشروعية هذا الزواج من تطبيقات متعلقة بالسكن والخدمات الصحية التي تشكل عبئاً على ميزانية الدولة. كشفت المصادر أن الرجل المتزوج بالسر يستطيع الآن كشف زواجه بعد أن كان الزواج للمرة الثانية يعتبر جريمة من وجهة نظر التشريع البريطاني وعقوبتها السجن لمدة سبع سنوات. هذا التشريع أدى لحرمان عدد كبير من الأسر المسلمة من حق العدل والمساواة نتيجة إخفاء الزواج خوفاً من فضح الأمر أمام السلطات التي تعتبر الزواج بأكثر من امرأة جريمة يعاقب عليها القانون. وهذا يعني أن الدولة الآن تعترف بحقوق المرأة الثانية وأطفالها. وأن العائلة الفقيرة تستطيع أن تطلب مساعدة مالية من الدولة للزوجة الثانية وأطفالها. الشرط الذي وضعته الحكومة البريطانية للاعتراف بهذا الزواج هو أن يكون قد حصل في بلد يعتبر فيه الزواج بأكثر من امرأة مشروعاً، ويستثنى من هذا الاعتراف من يتزوج بامرأة أخرى في بريطانيا أو دول الغرب. وهذا التقييد بحد ذاته يعتبر مشكلة لكثير من المسلمين الذين سبق وأن تزوجوا بأجنبيات غير ملتزمات أثناء شبابهم، وارتبطوا معهن بحياة أسرية وأطفال لكنهم اكتشفوا الهوة الكبيرة بينهم وبين زوجاتهم بعد سنوات من النضوج النفسي والاجتماعي، ويودون الزواج مرة أخرى من مسلمة دون التفريط بالزوجة الأولى وأطفالها، ولا يستطيعون السفر لإتمام الزواج في دولة إسلامية لأسباب مالية أو قانونية أو سياسية. قالت المصادر البريطانية أن الوزراء اعترفوا بأن هناك ما يزيد على ألف حالة تعدد زوجات بين مسلمي بريطانيا لكنهم لم يحددوا العدد بالضبط، لكن التوقعات أن العدد أكبر من هذه التوقعات بكثير. عملية تجريم الزواج من أكثر من امرأة دفع بكثير من الأزواج أن يخفوا زيجاتهم، وأن يدعوا أمام المجتمع أن هذه المرأة هي مجرد صديقته. لأن العلاقات خارج إطار الزواج مباحة قانونياً ومعترف بها اجتماعياً، بينما الزواج من امرأة ثانية يعتبر جريمة يعاقب عليها القانون. ن. س وهو مسلم يمني وهو أحد المتزوجين باثنتين قال: "لقد باغتوا بيتي الثاني ذات ليلة وكان لدي أصدقاء رجال على العشاء، ولأنني خشيت أن أسجن قمت بالهرب من الباب الخلفي، لكن أمري افتضح لأنهم يعلمون أن نساء المسلمين لا يضيفن رجالاً أغراباً في بيوتهن لدعوات الطعام. كنت قد وضعت نفسي وزوجتي وبناتي في موقف مذل لأنني لم أستطع الاعتراف بأنها حرمتي. لأنني لا أستطيع الانفاق على بيتين وكنت قد اتفقت مع زوجتي على أن تقدم طلباً على أنها مطلقة لتحصل على سكن من الحكومة، وهذا ما حصل". بينما ع. س وهو مسلم جزائري قال "عندما تزوجت بزوجتي الانجليزية كنت صغيراً في السن لا أزال في الثامنة عشرة من العمر، أتيت على ظهر سفينة مع مجموعة من الناس منذ سنوات طويلة. وفرحت أنني وجدت من ستتزوجني وتمنحني أوراقاً ثبوتية وجنسية. لكن بعد سنوات طويلة من العشرة النكدة ولدي أربعة من الأطفال وقد أصبحت ملتزماً بديني والحمد لله، قررت الزواج مرة ثانية لأنني مضطر لذلك لأسباب صحية تعاني منها زوجتي منذ 12عاماً. لكن بمجرد أن علمت بنيتي أحالت حياتي جحيماً لا يطاق، هددتني بفضحي للسلطات، وحرق مستقبلي تماماً لأن اسمها مسجل على جميع ممتلكاتي وأعمالي، كما هددتني بأخذ أولادي مني وهذا ما لم أطيقه. فاضطررت للإذعان لمشيئتها والتراجع عن نية الزواج، وها أنذا كبرت في السن، أولادي غادروا المنزل، وبت أسير هذه الحياة معها، تعاملني كما يعامل السجان سجينه، ولم أعد لائقاً بالزواج بأخرى على أي حال ولن يفيدني القانون الجديد بشيء". هذا القانون الذي تعمل الحكومة على تشريعه رفضه بشدة حزب المحافظين البريطاني، واتهموا الحكومة الحالية بأنها تحابي في معاملتها فئة معينة من الناس، وعبرت عن سخطها لهذا التغيير الذي قالت أنه سيعني بداية لسلسلة أخرى من التغييرات في القوانين البريطانية. التعليمات الجديدة المتعلقة بالمعونات المالية التي تقدمها الحكومة البريطانية في مؤسسة التقاعد والعمل تقول "في حال وجود زواج متعدد معترف به قانونياً، يحصل الشخص وشريك واحد من أزواجه على المبلغ المخصص للمعونة لزوجين .. والمبلغ الإضافي الذي يدفع لأي زوجة إضافية سيكون بقيمة 33.65جنيهاً استرلينياً في الأسبوع". بينما المعونة التي تقدم للعائلات التي تعيش على دخل منخفض سيتم تحويل المعونة إلى الحساب المصرفي باسم الزوج إن اتفقت العائلة على ذلك. وهذا ما يسبب مشكلة أخرى إذ أن هناك نسبة من الرجال يقبضون معونات أطفالهم ولا ينفقونها عليهم، مما يدفع بالزوجة إلى الشكوى للحكومة لتبدأ بمطاردة الزوج للتحقيق معه. وبتشريع هذا القانون أصبح من حق الزوج المتزوج بأكثر من امرأة تقديم طلب للحصول على معونة إضافية من الدولة لتوفير مساعدة مالية لإيجار السكن، ومعونة الضرائب لأنها سيشرف على عائلة أكبر حجماً. ولأن القانون الجديد سيكلف الحكومة البريطانية الملايين من الجنيهات، أطلق الوزراء حملة لإعادة تقييم ما تدفعه الدولة من معونات للعائلات منذ نوفمبر 2006.وخرجوا بنتيجة في ديسمبر الماضي بأن على الحكومة أن تستمر بدفع مساعدات لهذه العائلات لكن دون إشهار القرار للصحافة لما سيثيره من لغط. ولأن عقوبة الزواج بامرأتين في القانون البريطاني تصل محكوميتها إلى 7سنوات من السجن. ويقول ع. ك وهو خليجي "عندما أتيت لاستكمال دراستي الجامعية رفضت زوجتي ترك أهلها وبيتها وعملها والالتحاق بي، وعندما اضطررت للزواج هنا بحثاً عن العفة لم أجرؤ على إخبار أهلي كون زوجتي هي من أقاربي، لكن الآن زوجتي الأولى عدلت عن رأيها بعد أن وجدت أنها لا تستطيع حمل عبء الصغار وحدها، وتطالبني بأن تنضم هي وأطفالي لي هنا في بريطانيا، ولا أدري ما أفعل. إنني أخشى ما ستفعله بي زوجتاي أكثر مما أخشى من عقوبة الحكومة، وخصوصاً أنني لا أستطيع أن أعمل لها فيزا زوجة حسب القانون البريطاني لأنه لا يسمح بعمل فيزا لزوجة ثانية . وتهاتفني كل يوم متى ستنتهي الفيزا، أصبحت أبحث لها عن عمل لأستطيع إحضارها عبر فيزا عمل لكن وجود فرصة عمل لها هنا هو أمر من سابع المستحيلات. وإذا عملت لها فيزا زيارة أو سياحة ستكشف أمري السلطات لأن اوراقها الثبوتية تقول إنها زوجتي". اضطرت الحكومة البريطاني لبحث هذا القانون لأن المسلمين في بريطانيا الذين خشوا افتضاح أمر زواجهم من اثنتين اضطروا لتسجيل واقعة طلاق لإحدى الزوجتين لكنهم يعيشون مع زوجاتهم على أنهن صديقات لأزواجهن، ولديهم عقود زواج إسلامية يحتفظون بها سراً، لكنها غير موثقة أو معترف بها في مكاتب الحكومة البريطانية. وحسب القانون القديم في حال وقوع الطلاق أو وفاة أحد الزوجين تضيع حقوق المرأة وأطفالها لأنه لا يوجد من طريقة لتطبيق الشريعة الإسلامية وأحكامها قيما يتعلق بنسب الميراث.