بدعوة كريمة من سعادة معالي الأستاذ صالح السليمان مدير عام المؤسسة العامة لصوامع الغلال ومطاحن الدقيق، قمت بزيارة للصوامع بالرياض، وباطلاع مباشر استغرق ما لا يقل عن ثلاث ساعات بجولة كاملة على كل الأقسام، كان جوهر اللقاء يتعلق بأزمة الدقيق والأعلاف من أين بدأت المشكلة ومن المسؤول وما هي الحلول. لكن قبل أن أبدأ بنقاش أزمة الدقيق والأعلاف، أتوقف أولا مع المواطن السعودي والموظف السعودي تفاجأت أن من يقوم على قوت كل انسان على هذه الأرض الطيبة هم سعوديون بالكامل، وأقول لكل من يقرأ هذه المقالة، كل رغيف خبز أو أي دقيق مر بين يديه هو من أيد سعودية، من بواب الصوامع إلى رئيس الصوامع نفسه، المهندسون سعوديون، المختبرات سعودية، الفنيون سعوديون بالصيانة سعوديون، عمل ثلاث ورديات باليوم أي أربع وعشرين ساعة طول السنة، لا يعرفون خميسا أو جمعة، عمل في بيئة صناعية حساسة وقوت شعب يومي لا يمكن أن يستغنى عنه فقير أو غني، لكن هل تعرفون أن هؤلاء الشباب السعودي الذي يدير الصوامع بالرياض وكل مناطق المملكة أنهم يعملون على بند 105أي وظائف مؤقتة، وعقود سنوية، البعض لهم سنوات تزيد على الخمس ولا زال على البند، وهذا البند لا يضمن شيء بآخر السنة ممكن يقال لهم مع السلامة لا تقاعد ولا تأمين طبي ولا شيء. لماذا وضع شبابنا السعودي بهذه الوضعية السيئة، فكيف يكون الولاء للوظيفة، كيف يكون العطاء، أحسست بالإحباط الشديد لديهم، أنهم في أهم موقع عمل لك أن تتخيل توقف الإنتاج ليوم واحد ماذا سيحدث؟ الصوامع ليست المسؤولة عن التوظيف إلا ما هو على البند كما فهمت، والترسيم لا يأتي إلا من الخدمة المدنية، وصلني رسائل واتصالات وشكوى من الموظفين حقيقة أنها مؤلمة وتدمي الجبين عن حالهم ووضعهم الوظيفي، فرغم أهمية عملهم الحساس جدا، إلا أنها رواتب متدنية ووظائف غير رسمية. وحين تتحدث عن التأمين الطبي لهم ولأسرهم فهو غير موجود رغم أن عملهم صناعي وينطبق عليه ما ينطبق على المصانع. العمل في الصوامع معقد وليس سهلا كما تصورت، فهناك تركيبات للأعلاف والدقيق وتنوع عشرات الأنواع، ولنعرف أهميتها، انظروا ما حدث حين أزمة "نفوق الإبل" استنفر كل شيء والسبب "خطأ في تركيبة غذاء الإبل" فحدثت كارثة كلفات عشرات الملايين. إذا الموظف يحتاج الى حقوقه وإنصاف وعدل لكي يكون مركزا بعمله، ولا يعني أن ما حدث للإبل مشكلة موظفي الصوامع أبدا، ولكن لأوضح أهمية وحساسية عملهم. الموظف يحتاج أمانا وظيفيا وهذا غير موجود لموظفي الكادر في الصوامع ومنهم على بند 105، رواتب متدنية والدليل الدوران الوظيفي عال جدا فلا أحد يستقر والسبب مغريات لهم خارج الصوامع من شركات أغذية وشركات حلويات وغيرها. ولو وجد البقية الفرصة لغادروا فماذا سيفقدون لا حقوق ولا رواتب، من هنا أناشد وزارة الخدمة المدنية أن تنظر بعين الاهتمام لهؤلاء المواطنين أبناء الوطن وتنصفهم، وتنصف حقوقهم الوظيفة وترسمهم، فأي أمان بعمل بأي لحظة يقال له مع السلامة؟ وضع موظفي البند حقيقة مؤلم وغير منصف فمن ينصفهم؟! غدا نكمل ماذا عن الصوامع من الداخل .