من المفترض أن تكون المدارس المكان الذي يتعلم فيه المهاجرون الجدد اللغة العبرية ويلتقون مع أبناء البلد وينخرطون في المجتمع. ولكن يتضح من البحث الذي أجراه الدكتور ديمتري رومانوف رئيس الإدارة العلمية في المكتب المركزي للإحصاء بمناسبة عقد حلقة نقاش حول "التعليم والتفاوت الاقتصادي" في كلية روبين أن المؤسسة التعليمية في إسرائيل تساهم في استمرار الانعزال. وتكشف نتائج البحث أن المهاجرين يتركزون في بعض المدارس ويحولونها في الواقع الى معازل مغلقة تكرس التفاوت بين الطبقات السكانية المختلفة ووفقاً للبحث فإن المدارس التي يدرس فيها مهاجرون جدد من دول الاتحاد السوفييتي السابق ومن إثيوبيا سجلت عدداً كبيراً من هؤلاء التلاميذ مقارنة بعددهم بين السكان. فمثلاً كشفت البيانات أن الأطفال المهاجرين من دول الاتحاد السوفييتي السابق الذي يدرسون في الصفين الأول والثاني في مدارس التعليم الأساسي يشكلون 31.5% في المتوسط من مجموع التلاميذ في المؤسسة بينما تبلغ نسبتهم بين مجموع التلاميذ الذين يدرسون في هذين الصفين 10% فقط. والوضع مشابه أيضاً فيما يتعلق بالتلاميذ من أبناء الطائفة الإثيوبية حيث يشكل هؤلاء نسبة 24.8% من مجموع التلاميذ في المدرسة التي يدرسون فيها. بينما تبلغ نسبتهم بين إجمالي تلك الفئة العمرية 2.9% فقط. الصورة أكثر بشاعة في المدارس الثانوية حيث يتضح من نتائج البحث أن المهاجرين من دول الاتحاد السوفييتي السابق يشكلون ثُلث عدد التلاميذ في المدارس الثانوية رغم أنهم يُشكلون 13.4% فقط من إجمالي التلاميذ في الصفين الأول والثاني الثانوي على مستوى الدولة. وتصل نسبة الإثيوبيين في المدارس الثانوية الى 20% بينما تقل نسبتهم بين فئتهم العمرية عن 2%. وتتفاقم المشكلة في مدارس التعليم الفني. فالتلميذ المهاجر من دول الاتحاد السوفييتي السابق الذي يدرس في الصفين الحادي عشر والثاني عشر بالتعليم الفني يجد نفسه بين مجموعة تصل فيها نسبة المهاجرين الجدد الى 38% . ففي مدرسة "شيفح موفت" الثانوية في تل أبيب مثلاً تصل نسبتهم الى 80% من مجموع التلاميذ. ورغم أنه يُفترض أن يلتحق التلاميذ بمدارس التعليم الأساسي حسب التوزيع الجغرافي، إلا أن نتائج البحث توضح أن هذا لا يحدث في الواقع. فقد تحرى البحث هذه الظاهرة واتخذ بيانات المؤسسة التعليمية في مدينة "ريشون لتسيون" مثالاً على ذلك التي لا يُوزع التلاميذ فيها على المدارس وفقاً للتوزيع الجغرافي. يقول الدكتور رومانوف " لو تم توزيع المهاجرين في الدولة بالتساوي لوجدنا أن هناك تمثيلاً لهم بين كل فئات السكان، ولكن البيانات تثبت ان المهاجرين يعيشون في مجتمعات مغلقة". صحيح أن وزارة التعليم كانت تتبع حتى عام 2003سياسة توزيع التلاميذ المهاجرين على المدارس وفقاً لحصص معينة، وأن اللوائح كانت تنص على أنه ليس في مقدور السلطات المحلية قبول أكثر من 20% من التلاميذ الإثيوبيين في المدارس الأساسية الواقعة في نطاقها، إلا أن بلدية الخضيرة لجأت الى محكمة العدل العليا في هذا الشأن لأن اللوائح كانت تمنعها من استيعاب تلاميذ من الطائفة الإثيوبية في مدرسة "موريا" الحكومية الدينية في المدينة، وقبلت المحكمة الالتماس وأصدرت تعليماتها لوزارة التعليم بإلغاء هذه اللوائح.وقالت عضو الكنيست رونيت تيروش التي كانت تشغل في السابق منصب مدير عام وزارة التعليم " إن سياسة توزيع التلاميذ حسب حصص معينة لم تنجح في الاستمرار ولذلك لم نستطع تنظيم حركة التلاميذ المهاجرين في المدارس، وقيام محكمة العدل العليا بإعطاء الحرية لكل تلميذ بالدراسة في المدرسة التي يريدها يضر في نهاية الأمر بعملية الاندماج الاجتماعي". وقالت رئيسة كلية روبين البروفيسور شوش آراد إن البحث يعكس الواقع المؤسف السائد في كثير من مدارس الدولة، وأضافت آراد " أعتقد أن الكشف عن هذه الظواهر من خلال الأبحاث سيؤدي الى تحسين وضع المهاجرين". (صحيفة معاريف)