(من فضلك قبل قراءة المقال اطفئ السيجارة) قررت الذهاب لوحدي لأحد المقاهي المشهورة بالرياض رغبة مني لأرى واتأمل ما يحدث في عالمنا نحن الفتيات. كان صوت الموسيقى صاخباً ويجلب الصداع.. المكان مصمم بشكل قاتم يحاكي مرتاديه! ووقعت عيناي على فتاة بنفس عمري تجلس وحيدة أحسست بها جسداً بلا روح حاضرة بجسدها غائبة بقلبها وروحها، كنت اتأملها وأقرأ ملامحها ونظراتها وشرودها وكأنها فقدت الاتصال بالعالم الخارجي.. وكأنني عرفت ماذا تنتظر وماذا تريد. حينها اخرجت من حقيبتها سيجارة غالية الثمن منتنة الرائحة.. كانت تمسك السيجارة برومانسية ومهارة وكأنها تعزف قيثارة! فزارتني خواطري في الكتابة: رأيتها تدخن السيجارة تلو السيجارة؟ وتنفث دخانها بمهارة! تحسب الحضارة في سيجارة؟ والغرب اخترعوا السيارة والطيارة ونحن لم نبرع إلاّ بفنون تدخين السيجارة! بعد كل هذه المقدمة استغرب من سلوك بعض الفتيات المتبجحات هداهن الله من المجاهرة بالتدخين!! ففتيات اليوم أصبحن يجاهرن ويتفاخرن بأنهن مدخنات! حتى انهن يعتبرن الفتاة غير المدخنة متخلفة ورجعية؟ ان الله سبحانه وتعالى أعطانا نعمة العقل والبصيرة وقبل ذلك كله شريعة دينية سمحاء لم تحرم ذلك البلاء (التدخين) إلاّ لسبب نحن لا نجهله بل نتجاهله! الم تقرأي يا عزيزتي المدخنة ماذا يسبب التدخين من أمراض أقلها سرطان الرئة واللثة؟ فهل تريدين ان يحقن جسدك الناعم بالأبر الكيميائية كل يوم؟ ان الله وهبنا العقل فلماذا إذا رأينا منكراً لا نغيره حتى بأقلامنا ونحاول ان نساعد من سقطت في شراك الادمان على التدخين بدلاً من لومها!! لقد انتشرت ظاهرة التدخين بين السعوديات بطريقة رهيبة وخطيرة وخاصة صغيرات السن التي تتراوح أعمارهن ما بين 14سنة فما فوق! فأصبح عدوى تسري كالنار في الهشيم. ولطفولتنا العذر في ذلك الذي نرجعه لعدم الوعي بعواقب ومضار التدخين الصحية وعدم الرقابة والتوعية من الأهل. ولكن أين عذر المثقفات وطالبات الجامعة وسيدات الأعمال اللائي انتشر التدخين بينهن بطريقة ملفتة ويرجعن سبب التدخين إلى الارهاق وضغوط العمل وكأن (السيجارة مسكن للصداع والمشاكل)!! وقد يصل الغباء بهن إلى التفاخر بأنهن مدخنات في الأوساط الاجتماعية ويدعين ان ذلك حرية شخصية وانفتاح ثقافي وسلوك راق ومطلب نسائي!! هل أصبحت مطالبنا وحقوقنا النسائية في ان نقود سيارة أو ندخن سيجارة؟ وكأن مطالبنا أنجزت ولبيت حتى تصبح هذه التفاهات أهم أولوياتنا! قال تعالى (ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة)!! سبحان الله أية شاملة وواضحة ولكن عقول أصبحت جامدة وعاجرة عن التفكير لتنطح الحجر وتتهشم رؤوسها!! لِمَ لا نمسك بدل السيجارة قلماً نعبر به عن احساسنا أو عن همومنا؟ لِمَ لا نمسك بدل السيجارة (المنتنة المهلكة) سبحة نسبح فيها بحمد الله ونشكره على نعمه التي لا تعد ولا تحصى؟؟ لابد من حملة توعوية وتثقيفية تندد بالتدخين وتعالج المدمنات عليه؟؟ كذلك لابد من فرض غرامات على أصحاب المحلات التي تبيعه.. والغريب ان الغلاء في الأسعار لم يطل أسعار السجائر! لابد من النهضة والصحوة والالمام بمضار التدخين وعدم الخجل من العلاج من الادمان عليه فالمصيبة ليست في الخطأ بل الاستمرار فيه. لقد أصبحت السعودية في المرتبة الرابعة على مستوى العالم في استيراد السجائر!! أما آخر احصائية ان نسبة السعوديات المدخنات 35% كذلك 15مليون سيجارة تستهلكها وتنفثها الأيدي الناعمة في السنة! فبالرغم من التحذيرات والأشخاص الذين يموتون سنوياً من جراء التدخين إلاّ أنه لازال مستمراً!! فهل يعتبر التدخين عقاباً نفسياً أم انتحاراً؟ أم شذوذاً؟ أم انحرافاً أم هروباً من ضغوط الحياة والعمل والواقع أم هو تقليد غبي ومحاكاة للغير؟ لا يوجد شيء ليس له علاج فالتدخين كأي داء يمكن الشفاء منه بإذن الله فقبل العلاج لابد من معرفة الأسباب التي أدت للانجراف في التدخين ومحاولة إيجاد حلول مناسبة له عن طريق الارشاد النفسي والاجتماعي. أيضاً هنالك أدوية ولصقات طبية أثبتت فعاليتها بالصبر وبالإرادة الحديدية قبل كل شيء في العلاج من ادمان التدخين. وفي الختام لماذا يا أمهات ومربيات الأجيال لا تكون لديكن إرادة للاقلاع عن التدخين رحمة بأنفسكن وبأطفالكن وبالمجتمع الذي انتن نصفه! فيداك يا سيدة النساء وأناملك الندية وشفتاك الوردية وجسدك الطاهر لم يخلق ليكون مرتعاً للأمراض الخطيرة وحقلاً لتجارب الأطباء.. كل ذلك بسبب ماذا؟؟ سيجارة!!! (اطفئيها للأبد) واجعليها آخر سيجارة. @ باحثة في شؤون المرأة والطفل