لماذا تريد أن تكون شاعرا؟. * سألت الشاب الجالس أمامي قبل أن أقرأ القصيدة التي اختارها من بين مجموعة من القصائد التي كان يحتفظ بها في مغلف شفاف ، وقدمها لي لنشرها في الصفحة الثقافية التي اشرف على تحريرها. لم يجب على سؤالي بشكل مباشر، يبدو انه فوجئ به ففضل أن يجبل على سؤال آخر لم أسأله إياه ، قال أنها قصيدته الأولى ، ويحب أن تنشر في الجريدة ، وإنها قصيدة وطنية وأنها سليمة الوزن والقافية. كررت عليه السؤال وأنا ابدأ بقراءتها، فابتسم قائلا بتردد: يعني ...ولماذا لا أكون شاعرا؟ كنت لحظتها قد انتهيت من قراءة القصيدة التي لم تكن قصيدة على الإطلاق سوى أنها سليمة الوزن والقافية!! فضلت أن أحسم الأمر معه منذ البداية وقلت له: لماذا لا تكتب مشاعرك الوطنية الجميلة هذه بمقال؟ أفكارك لا بأس بها، وهناك بعض الصور الجميلة ولكنها ليست قصيدة. قال بتجهم : ألن تنشر؟ قلت : لا ...لن تنشر.ولكن هذا لا يعني أنني لن اقرأ بقية أوراقك ...فربما وجدنا فيها ما يصلح للنشر ..فالشاعر غالبا لا يعرف كيف يختار القصيدة المناسبة للنشر من بين قصائده الأخرى. ويبدو أنه فرح بلقب الشاعر الذي تضمنته عبارتي، وربما رأى فيه اعترافاً منى بكونه شاعراً بعد أن وصفت "قصيدته" بأنها ليست قصيدة. أنتظر قليلا قبل أن يسحب الورقة من أمامي وهو يقول : ولكن لماذا لا تشيرين إلى الأخطاء الموجودة في القصيدة لأصححها أو تساعدينني في التعديل ؟ أليس هذا دوركم كمشرفين على الصفحات الثقافية؟ لم أشأ أن أكمل معه الحوار لأنني شعرت بعجزي التام عن تحدي ذلك المنطق الذي يحدثني به ، ثم أنني لا استطيع أن أشير إلى "الأخطاء" الموجودة في "القصيدة" ...ففضلت أن انهي الموقف برمته مطالبة إياه أن يحاول مرة أخرى!!. وسؤالي ظل بلا إجابة حاسمة : لماذا يريد أحدهم أن يصير شاعرا إن لم يكن كذلك؟.