في الوقت الذي يسعى فيه معظم الشباب السعودي بعد حصولهم على الشهادات العالية إلى البحث عن الأعمال الإدارية ذات المكانة الاجتماعية والمكاتب الفارهة في جميع القطاعات الحكومية حتى يكلون من البحث دون فائدة وتجبرهم الظروف وتحرمهم من الحصول على الوظيفة المطلوبة بذنب أو بلا ذنب تجدهم يستسلمون لتلك الظروف ويبقون في المنزل معتمدين على شهاداتهم التي حصلوا عليها، في المقابل نجد بعض الأشخاص المعدودين الذين نسوا الشهادة وحاولوا المضي في طريق البحث عن عمل أو مهنة شريفة واخترقوا اسواره الشاهقة حتى وصلوا لمبتغاهم ومن هؤلاء الشاب مضحي قعدان فراج بن عبا الذي يمثل قمة الطموح والكفاح وتوجه إلى تربية وبيع وشراء الأغنام بعد فشله في الحصول على وظيفة رغم حصوله على الشهادة الجامعية بتقدير جيد ولمعرفة اسباب توجه مضحي لبيع الأغنام رغم مؤهله الجامعي وتوفر بعض الأعمال المهنية فتحنا معه هذا الحوار لما حواه من مواقف ومفاجآت: وقد سألته في البداية عن بطاقته الشخصية ومؤهله فأجاب قائلاً: اسمي مضحي قعدان فرج عبا البقمي حاصل على درجة البكالوريوس من جامعة أم القرى قسم تاريخ بتقدير جيد غير متزوج. وعن سبب إقدامي على مزاولة بيع وشراء الأغنام رغم تأهيلي جامعياً وتوفر بعض الاعمال المهنية في المدن فانه بعد تخرجي من الجامعة طرقت جميع أبواب الوظائف الحكومية لمدة أربع سنوات ولم يحالفني الحظ في الحصول على فرصة للعمل وبعد أربع سنوات قضيتها بين المنزل والبحث عن وظيفة قررت ترك العطلة التي كنت أعيشها بدون هدف وتوجهت إلى البيع والشراء في حلقة الأغنام بدخل بسيط اقترضته من شقيقي وبعض الأصدقاء وبعد عام من العمل الشاق تحت أشعة الشمس الحارقة في الصحراء اصبح لدي ولله الحمد اكثر من 160رأساً من الأغنام بعد تسديد ديوني. وبسؤاله هل واجهتك صعوبة في أداء عملك قال: في البداية واجهت العديد من الصعوبات التي من أهمها عدم وجود سيارة خاصة بي ووايت ماء والسكن في الصحراء بعيداً عن أسرتي لأني لم استقدم عاملا راعيا يقوم بالإشراف على الأغنام وحراستها من الذئاب واللصوص وكنت أغيب عن أسرتي فترات طويلة تصل إلى الشهرين. وعن سؤاله عن كيفية تقبل الزبائن له في حلقة الأغنام أجاب قائلاً لقد وجدت بعض المضايقات من العمالة الأجنبية في بداية عملي ولكن بعد مضي فترة استطعت ان اكسب ثقة الجميع من مرتادي الحلقة لأني أبيع وأشتري أجود أنواع الأغنام لدرجة ان الكثير منهم يتصل بالهاتف ويطلب مني إحضار ذبيحة الى منزله دون ان ينظر إليها. وعن أمانيه وتطلعاته المستقبلية للاستمرار في هذه المهنة قال: أتمنى ان احصل على وايت ماء (صهريج ماء) لأنني اشتري الوايت الكبير ب 200ريال كل 7أيام إضافة إلى انني اتمنى التوسع في مشروعي هذا وسوف اطلب منحة ارض وقرض سلفة من البنك الزراعي لإنشاء مزرعة إنتاج كبيرة تشتمل على الأغنام المحلية والمستوردة ولكن شروط الاقتراض ومنحة الأرض صعبة للغاية ولن استطيع الحصول عليها إلا بمساعدة ولاة الأمر حفظهم الله الذين يوجهون بكل ما يساعد الشباب على الالتحاق بالاعمال المهنية وغيرها. وعن المواقف الطريقة والمحرجة التي تواجهه قال البقمي: لقد حصل لي موقف طريف مع شيخ مسن وذلك عندما حضر إلى موقع سكني في الخيمة وعندما خرجت اليه قال لي "يا صديق مافي شوف غنم جا هنا" فأجبته تفضل يا عم فقال "لي ما شاء الله كم لك سنة في السعودية تعلمت علوم النشامى" فقلت له يا عمي انا سعودي وهذه الأغنام لي وأنا الذي ارعاها بنفسي فقال لا ولم يقتنع بكلامي إلا في اليوم الثاني بعد حضوره في الصباح ليتأكد بنفسه من صحة كلامي حيث وجدني اقوم بتعليف الاغنام فقال يا ولدي وفقك الله وهو يتابعني بإعجاب واما الموقف الطريف والمخيف في ذات الوقت حدث لي في احدى الليالي وذلك عندما هاجمني ثعلب مسعور وأنا أعد طعام العشاء في الخيمة ولولا عناية الله سبحانه وتعالى الذي جعلني اسمع صوته واخذ احتياطي حيث جرت بيني وبينه معركة ضارية انتهت بهروب الثعلب بعد ان تلقى عدت ضربات بعصا الرعي. هل من كلمات تريد ان توجهها لشاب اليوم خاصة الحاصلين على شهادات جامعية قال: انني ادعو جميع الشباب السعودي لكسر حاجز الخجل والعيب الاجتماعي ليعتمدوا على أنفسهم بدلاً من الوقوف مكتوفي الأيدي والالتحاق بالأعمال المهنية لاسيما الشباب الجامعيين الذين لم يحصلوا على وظيفة عليهم الالتحاق بأي عمل بدلاً من الاسطوانة التي يرددها كل منهم في كل مجلس (أنا جامعي) فبلادنا تتوفر بها جميع فرص العمل التي تحقق الثراء السريع.