حرب إعلامية فضائية إخبارية بدأت تظهر بالأفق مع إعلان عودة قناة "بي بي سي" التلفزيونية العربية للبث خلال الأيام القادمة، وكأن هذا السيناريو يعيدينا للخلف لسنوات عند انطلاق قناة الحرة الأمريكية والأحلام التي خطط لها الساسة الأمريكيون من خلال تصورهم ان الحرة كقناة ستكون صوت السلام والمصداقية للشعوب العربية من المحيط للخليج ..!! تأتي عودة ال "بي بي سي" العربية بعد توقفها عن العمل منذ سنوات لأسباب لا يجهلها الكثيرون، بالعودة المحفوفة بالمخاطر التنافسية، خصوصا في ظل فشل قناة الحرة، وتقهقر قناة الجزيرة، وريادة قناة العربية عربيا، مع انشغال الفضائيات اللبنانية بالداخل اللبناني - اللبناني، فالمؤشرات التي تسبق انطلاق عودة ال "بي بي سي" هي مؤشرات من وجهة نظري غير مشجعة مطلقا، فلم يساهم على سبيل الدعم السياسي والإعلامي الأمريكي لقناتهم "الحرة" في تبوئها مكان الصدارة الإخبارية العربية، رغم الهالة الكبيرة التي سبقت هذا المشروع الإعلامي ومئات الملايين من الدولارات التي صرفت عليه، حتى على المستوى الإخباري الإذاعي من خلال إذاعة "سوا" لم يفلح الأمريكيون للوصول بشكل كبير للأذن العربية والعراقية خصوصا أثناء الحرب الأمريكية على العراق، فليس من المعقول ان تعلن أخبار الإذاعة في ذلك الوقت عن غارة أمريكية على بغداد وضحية هذه الغارة عشرات القتلى من الأطفال والنساء وتتبع هذا الخبر الإذاعي المأساوي بأغنية للفنانة اللبنانية نجوى كرم "أنا ما فيه احبك أكثر من عينيه"..!! أثناء فترة الثمانينيات وبداية التسعينيات الميلادية وخصوصا أثناء الغزو العراقي للكويت، كانت إذاعة ال "بي بي سي" العربية لها شعبية كبيرة عربيا، رغم أن أكثر ما كانت تبثه من تحليلات سياسية وعسكرية غير واقعي في أحيان كثيرة، ولكن لأنها كانت الوحيدة في الساحة فهذا الأمر أتاح لها نسبة استماع كبيرة عربيا، وعندما انطلقت كقناة تلفزيونية موجهة للعرب، فشلت لان السياسة الإعلامية التي قامت عليها كانت تعتمد على المنشورات العربية السياسية التي تحتضنها الشوارع العربية في لندن وخصوصا ادجوارد رود وغيرها والتي لا تمثل إلا أصحابها، فهل تعود قناة "بي بي سي" العربية بصورة مغايرة وتعطي إعلاما متطورا تقنيا وخبريا، ام أنها ستعتمد فقط على أفكار موظفيها البالية والمنتقلين خصوصا من قناة العربية، وتقدم إعلاماً يعتمد على سياسة "خالف تعرف سياسيا" ومحاولة تهييج الشعوب العربية الذين أصبحت لديهم مناعة بهذا الخصوص،في ظل الانفتاح الإعلامي المتنوع بفضل التطور التقني الذي أصبح عليه المواطن البسيط ، أم تكون هذه القناة فقط مجرد تواجد للمؤسسة البريطانية الإعلامية العريقة، كتواجد الأمريكيين وحتى الروس والألمان في فضاء الإعلام العربي وباللغة العربية !! اخطر تعليق تنافسي رسمي قرأته عن عودة ال "بي بي سي" قول مازن حايك من مجموعة "ام بي سي": ان ما قامت به "بي بي سي" في إغراء عدد من المذيعين في قناة العربية للعمل معهم، هو ممارسة دون المعايير المهنية والأخلاقية المتبعة في "بي بي سي"!! أما أطرفها فتصريح بنايجل تشابمان مدير الخدمة الدولية في "بي بي سي" (أنهم سيبثون على مدار ال 24ساعة،في حالة إذا حدثت بالمنطقة العربية حرب كالحرب الأمريكية على العراق)!! ونحن مع تمنياتنا ان يستمر البث لقناتهم لمدة 12ساعة فقط في الفترة القادمة، لعدم تمنياتنا لحرب كبيرة في الشرق الأوسط بطبيعة الحال، رغم أنني أرى ان عودة "بي بي سي" التلفزيون العربي ستكون عودة إعلامية "كلاسيكية" ومجرد تواجد لإمبراطورية إعلامية تلفزيونيا في العالم العربي، لان الشعوب العربية أصبحت أكثر انسجاما مع برامج تلفزيون الواقع الترفيهية من غناء ورقص وهز وسط، والكل انشغل بالأحلام بربح الملايين، والتصويت لشاعر القبيلة ومفخرتها.. !!