كل القضايا التي نخسرها، تأتي من تعالي أصوات الخلافات وعدم حسمها عربياً وقد فقدنا العديد من القضايا التي سجلناها بأنفسنا لتعاكس أهدافنا وتعيدنا إلى المعميات السياسية حتى ان مؤتمرات عالمية، وتجمعات أخرى مثل عدم الانحياز واللقاءات الإسلامية على مختلف المستويات، سجل العرب بها حضوراً باهتاً، إن لم نقل بدون وزن رغم أهميتهم الجغرافية والاقتصادية.. فقد انحاز البعض للشرق مشفوعاً بفكر طفولي ومراهقة أيديولوجية، وآخرون راهنوا على الغرب الذي لا يزال في حالة حرب معهم، وتبقى الدول التي طالما ناصرتنا في قضايانا في أفريقيا وآسيا، وأمريكا الجنوبية، تفتح أبوابها لإسرائيل معتمدة على تجاوز السياسات إلى المصالح، وهي الخسائر المضاعفة في فقدان دول ظلت معنا على نفس الخطوط.. بعد حادثة المدرسة الدينية وقتل مجموعة إسرائيلية من خلال أحد الفلسطينيين، قادت أمريكا كعادتها محاولة أن يدين مجلس الأمن تلك المذبحة، وهو أمر مقبول لولا القتل المضاعف آلاف المرات في غزة، وحصارها وقطع الكهرباء والمؤن، ولعلها المرة الأولى التي يقود العرب تجمعاً متفقاً على هدف في تعطيل مثل القرار وينجحون دون تباين في الآراء، وكنا نتمنى أن ينسحب هذا الاتجاه نحو مشاكل حادة وخطيرة في لبنان والعراق وفلسطين، وقبل انعقاد القمة التي لا يزال نجاحها ضبابياً بسبب المؤثر اللبناني تحديداً، والذي يبقى المشكل والحل في خلق انسجام أو تباعد عربيين.. موضوع التضامن فقد قيمته كشعار، لأن كل دولة لديها دعوى قضائية مؤجلة أو مفتوحة ضد أخرى، وحتى لا نفقد الأمل في تعليق أدنى المشروعات العربية أن نصل إلى الحد الأدنى في فهم بعضنا، لأنه من غير المنطقي أن يخرج مسؤول أو وسيلة عربية، تدين كل العرب عن الفوضى والحروب ولواحقهما من خلافات، وهي مسؤولية ضائعة لأن تحديد من يحمل تبعات هذه الأمور لا يحصر بدولة، إذا كانت منظمات ودول تقاد من خارجها بسبب نقص الهوية الوطنية وضعفها وتحويل الوطن إلى دكان حراج كلٌ يبيع فيه محرماته.. العرب قوة، لكن مخترقة وهزيلة، فقد عادينا بعض الأقليات والقوميات من أجل إعلاء عروبتنا، وبنفس الوقت ندعو إلى الوحدة، وهي حالة انفصام بين ما يقال وما تشكله المجتمعات من عناصر عربية، أو حتى مذهبية ودينية، فهل يمكن توحيد مجتمع توجد فيه أكثرية لا تعطي الحق للأقليات؟ ثم قدنا تجمعات دولية، ورسمنا معها خارطة عدم الانحياز ومنظمة "الأفرو - آسيوية" ثم وضعنا خطط تشكيل عالم إسلامي يدين بالسلام ويحاور الأديان على مستوى متقدم من الوعي الحضاري، لكننا فشلنا لنسدد فواتير الإرهاب بكل أشكالها، ونتحول إلى مجتمع تحاربه كل الدول، ولو تغيرت فقط حدود ما نريد لنؤكد من خلال تفاعلنا واجتماعنا على الأساسيات وتأجيل الفرعيات، لربما وصلنا إلى ما نعيناه من تضامن وتواصل مات بالسكتة الدماغية، لكن الظروف الخانقة جعلتنا أشباحاً بلا أرواح..