وافق الاثنين الماضي ( 12محرم 1429ه) مرور 8سنوات على تأسيس الهيئة العليا للسياحة التي صدر قرار مجلس الوزراء في 1421/1/12ه بتأسيسها بهدف الاهتمام بالسياحة في المملكة وتنميتها وتطويرها والعمل على تعزيز دور قطاع السياحة وتذليل معوقات نموه باعتباره رافداً مهماً من روافد الاقتصاد الوطني. وقد سعت الهيئة خلال الفترة السابقة إلى تبني وتنفيذ عدد من البرامج والمشاريع والفعاليات والأنظمة الهادفة إلى دعم قطاع السياحة في المملكة، والقيام بإتمام عملية البناء المؤسسي والتنظيمي للمناطق، وتبني استراتيجية لتنمية السياحة في المملكة العربية السعودية خلال السنوات العشرين القادمة، وأخرى خمسية توصف ب (مرحلة العناية المركزة) تكثف فيها الجهود وتحشد الطاقات، وتتلخص رؤيتها في إحداث نقلة عميقة في قطاعات السياحة، وإعادة هيكلة الصناعة جذرياً من خلال إعادة تنظيمها وتأسيس الشراكات وبناء الشركاء. كما تم إعداد برنامج العمل اللازم لتحويل رؤية السياحة ومهمتها في المملكة إلى واقع ملموس وحقيقة ماثلة للعيان. وقد بذلت الهيئة بعد إتمام عملية التأسيس جهوداً تثقيفية وإعلامية ومعلوماتية لنشر الوعي بالسياحة في المجتمع ومن ذلك عدد من البرامج التي نفذتها وما زالت تنفذها منها برنامج (لا تترك أثراً) الهادف إلى ترسيخ الوعي بالسياحة البيئية وبرنامج (سكوبا) للغوص حيث قامت الهيئة من خلال هذين البرنامجين بتنفيذ العديد من الدورات والمسابقات والفعاليات والبرامج، وبرنامج التربية السياحية المدرسية (ابتسم) بالتعاون مع وزارة التربية والتعليم، الهادف إلى غرس الثقافة السياحية لدى الطلبة. كما تقوم الهيئة بتدريب وتأهيل العاملين في القطاعات السياحية من خلال المشروع الوطني لتنمية الموارد البشرية السياحية (يا هلا) والذي عمل أيضاً على إطلاق برامج التدريب والتوظيف في قطاع السفر والسياحة. وفي مجال المعلومات: أسست الهيئة أول مركز معلوماتي متخصص للمعلومات والأبحاث السياحية (ماس) والذي يصدر تقارير ودراسات وإحصاءات علمية دقيقة لم تكن متوفرة في السابق. أما في مجال المهرجانات: فقد أسهمت الهيئة بشكل فاعل في دعم المهرجانات السياحية وتنظيمها وتدريب وتأهيل العاملين عليها من خلال برنامج دعم وتطوير الفعاليات. وفي المجال الاستثماري: اعتمد المجلس الاقتصادي الأعلى النموذج الاستثماري لمشاريع المدن السياحية المتكاملة وقد بدأت الهيئة العليا للسياحة خطواتها العملية الأولى لإنشاء أول وأكبر وجهة سياحية بحرية في المملكة عندما دعت شركات التطوير العالمية للمنافسة على مشروع تطوير وجهة العقير السياحية والذي يعد من أهم المواقع التي تضمنتها الاستراتيجية العامة لتنمية وتطوير السياحة الوطنية المعتمدة من الدولة، كما أنه من المتوقع الإعلان عن تطور وجهات سياحية أخرى على ساحل البحر الأحمر خلال هذا العام ضمن برنامج تطوير الوجهات والمواقع السياحية الذي أطلقته الهيئة منذ مطلع عام 1426ه ويتضمن خطط واستراتيجيات لتنمية السياحة في كل منطقة من مناطق المملكة. وفي المجال التنظيمي: إضافة إلى تشكيل مجالس للتنمية السياحية في المناطق وتأسيس أجهزة فيها لإتمام التوجه اللامركزي الذي تنشده الهيئة والقناعة بأن السياحة تنبع من المناطق، وذلك بوضع خطة لتحول مركزية إدارة وخطط التنمية السياحية إلى مجالس التنمية السياحية في المناطق وإقرار الاستراتيجية والهوية السياحية لكل منطقة، بدأت الهيئة الترخيص للمجموعة الأولى من منظمي الرحلات السياحية والذين يعدون الذراع الأهم في نظام التوزيع السياحي، كما قامت الهيئة في هذا المجال بإعداد تصنيف الفنادق في المملكة بما يتوافق والتصنيف العالمي والذي تم تقديمه لوزارة التجارة والصناعة الجهة المشرفة على الفنادق في الوقت الحاضر، وبدأت الهيئة تأهيل المرشدين السياحيين السعوديين والترخيص لهم. وفي مجال الآثار شهد بداية العام الجديد 1429ه انضمام قطاع الآثار والمتاحف فعلياً إلى الهيئة العليا للسياحة بعد قرار مجلس الوزراء بضمه إلى الهيئة. وقد أعدت الهيئة عدداً من الخطط والمبادرات لتطوير هذا القطاع وربطه بالبعد الثقافي والإنساني والحضاري من خلال التعامل بطرق حديثة نحو استثمار المواقع التاريخية سياحياً وثقافياً. حيث أقر مجلس إدارة الهيئة العليا للسياحة استراتيجية تطوير قطاع الآثار والمتاحف وخطة تنفيذية مدتها خمس سنوات تبدأ عام 1429ه تتضمن جميع مشاريع التطوير الخاصة بالآثار. وتهدف هذه الاستراتيجية إلى إعادة تنظيم قطاع الآثار وتشخيص المعوقات التي تواجه العمل الأثري واقتراح الحلول والبدائل المناسبة للتعامل معها. ومن هذا المنطلق ركزت الاستراتيجية على جوانب عدة منها قضايا حماية الآثار والمحافظة عليها وترميمها، إضافة إلى التركيز على جوانب البحث العلمي المتمثلة في التوثيق والتنقيب عن الآثار واستكشافها، كما أولت الاستراتيجية جانب الاستفادة الاقتصادية من المواقع الأثرية ومواقع التراث العمراني وتهيئتها للسياحة أهمية بالغة، إضافة إلى التعامل مع القطع والمواقع الأثرية ومواقع التراث العمراني وإدارتها حيث سيتم إنشاء سجل وطني للآثار يتم من خلاله إدارة هذه المواقع وهذه القطع. كما ساهمت مع سبع جهات حكومية، منها وزارة المالية ووزارة الاقتصاد وهيئة الاستثمار، في التقدم باستراتيجية متكاملة لتأسيس قطاع اقتصادي للحرف والصناعات التقليدية، وهذه الاستراتيجية الآن بين يدي الدولة. وتستهدف الاستراتيجية رعاية الدولة لهذا القطاع لمدة خمس سنوات قبل أن ينطلق في مرحلة لاحقة بعد أن يكون قد تشكل وأصبح أكثر تنظيماً، وهو يشمل عدة طبقات بدءاً من التمويل للشركات والحرفيين والتوزيع الداخلي والتسويق الدولي، وكذلك الجودة والتصنيف، إضافة إلى المواد الخام. كما أن الهيئة العليا للسياحة ستتقدم أيضاً بمشروع متكامل لتأهيل المباني التاريخية للدولة في عهد الملك عبدالعزيز - رحمه الله - في جميع مناطق المملكة؛ لتعزيز وحدة القلوب المباركة التي تأسست عليها هذه البلاد؛ فتصبح لهم هذه المقار والقصور متاحف لعرض صور ومقتنيات ووثائق مراحل تأسيس البلاد في كل منطقة. وهذا المشروع سيكون بالتضامن مع وزارة الثقافة والإعلام ودارة الملك عبدالعزيز ومكتبة الملك عبدالعزيز العامة، وستبدأ فيه خلال هذا العام. كما تبنت الهيئة العليا للسياحة برنامج القرى التراثية، وذلك بغرض إيجاد مورد مالي يساهم في تنمية المجتعات المحلية في المحافظات والمدن والقرى لتقوية روح التكافل بين أفرادها من خلال تنمية الخدمات وتشجيع الاستثمار السياحي، وكذلك إيجاد فرص عمل جديدة لتوظيف فئات المجتمع المحلي وزيادة دخلهم، ورفع معدلات الإنفاق الداخلي للسياح. وهذا المشروع يتم تنفيذه بتعاون الجهات الحكومية والقطاع الخاص والأهالي، وتم البدء في مشاريع المرحلة الأولى التي انطلقت العام الماضي وتشمل: البلدة القديمة في الغاط، وقرية رجال ألمع، وقرية ذي عين، وبلدة جبة، وبلدة العلا القديمة. كما أن الهيئة وبالتعاون مع وزارة المالية وصندوق الاستثمارات العامة قد بدأت بدراسة الجدوى من تأسيس منظومة من الفنادق التراثية لتشغيل القصور والمواقع التراثية على غرار ما يحدث في عدد من دول العالم بطريقة رسمية تسهم في المحافظة على التراث العمراني الوطني العظيم ليكون متاحاً للمواطنين، وتساعد الإيرادات الناتجة عن ذلك في تغطية نفقات صيانة وتشغيل هذه المواقع.