خسر مستثمرون في قطاع تأجير وتقسيط السيارات، أموالا طائلة وصلت حسب التقديرات الأولية إلى نحو 3ملايين ريال سعودي، نتيجة التلاعب بالوثائق الرسمية وتزوير رخص القيادة وبعض المستندات الحكومية التي تخولّ للأفراد الاستئجار أو شراء السيارات بالتقسيط. وقال مستثمرون: "ان الخسارة وصلت إلى أرقام مقلقة خلال فترة الثلاثة أشهر الماضية فقط، مؤكدين ان التلاعب بالوثائق أصبح يهددّ استثمارات وممتلكات شركات تأجير وتقسيط السيارات". وارتفعت القوائم المالية المتعثرة لدى الشركات في وقت قصير، في حين بدأت 25شركة سعودية التظلم أمام جهات الاختصاص بعد أن تكبدت خسائر فادحة نتيجة تأجير مركبات فارهة لمزورين تلاعبوا بالوثائق . وأكد سعود النفيعي رئيس لجنة النقل البري بالغرفة التجارية الصناعية بالرياض: "الأمر بات خطيرا، ونراه يزداد خطورة بعد شكوى تلقيناها عبر لجنة النقل بغرفة الرياض من إحدى شركات تأجير السيارات، أكدوا فيها اكتشافهم سيارة تتبع لهم كانت قد اختفت منذ حوالي الشهر بعد استئجارها بأوراق مزورة، حيث تفاجؤوا بها وهي معروضة للبيع علانية في أحد معارض السيارات شرق الرياض، وعند حضور مندوب عن الشركة للمعرض للمطالبة بالسيارة التي تتجاوز قيمتها ال 400الف ريال، تفاجأ بصاحب المعرض وهو يبرز له أوراقا رسمية تثبت ملكيتها لشخص آخر، مع العلم أن السيارة المعنية تغيرت هويتها بالكامل عبر مالك جديد وأرقام لوحات جديدة". وزاد : أن ذلك ما دعا شركة التأجير لأخذ تعهد على ذلك المعرض عن طريق أحد أقسام الشرطة بعدم التصرف بالسيارة أو بيعها لحين مراجعة الجهات المختصة للنظر في إشكالية أوراقها المزورة، إلا أن صاحب المعرض قام ببيعها بعد ذلك وبسعر يقل كثيراً عن سعرها الحقيقي . وتساءل النفيعي "هل يعقل أن يبيع صاحب معرض سيارة فاخرة قيمتها بمئات آلاف الريالات بمبلغ أقل بكثير دون سبب ما .. ولماذا تغيرت أرقام لوحاتها بعد خروجها من المعرض مباشرة". وطالب النفيعي بفتح تحقيق عاجل للنظر في كيفية وصول السيارة لهذا المعرض وكيف قام ببيعها، مطالباً بإصدار قوانين أكثر صرامة فيما يتعلق بنقل ملكية المركبات تسد الطريق على العابثين بأموال الناس، مؤكداً أن المبالغ التي خسرتها شركات التأجير بحسب الشكاوي التي وردت منهم فاقت ال 3ملايين ريال . وقال أن الشكاوى التي وردت للجنة النقل وتتعلق بتضررها وتكبدها خسائر مادية جراء تزوير الوثائق بلغت 25شركة تأجير . وقال النفيعي ان السيارات المخصصة للتأجير لا يمكن شطبها أو نقل ملكيتها لفرد إلا من خلال خطاب من وزارة النقل، متسائلا عن الكيفية التي تمت بها نقل ملكية هذه السيارات، مطالباً إدارة المرور بالنظر لما يعانيه القطاع، وإعادة استحداث كافة الأنظمة المتعلقة بنقل الملكية والتشدد من حيث اكتمال الأوراق والإثباتات الخاصة بنقل الملكية . وطالب النفيعي بالتشدد في متطلبات نقل ملكية السيارات المخصصة للتأجير، من حيث عقد مبايعة من معرض سيارات وخطاب من وزارة النقل يؤكد موافقتها على شطب السيارة من نشاط التأجير ونقل ملكيتها لمالك آخر، مضيفاً أن ذلك لا بد أن يكون مدعوماً بخطاب مصدق من الغرفة التجارية ومن مؤسسة معتمدة بنقل ملكية سيارات التأجير إلى ملكية خاصة، مؤكداً أن عدداً من السيارات نقلت بعقود مزورة . وكشف النفيعي عن أن توصيات لجنة النقل بغرفة الرياض في اجتماعها الأخير تتجه لرفع خطاب لسمو أمين منطقة الرياض يلتمسون فيه تمكين قطاع التأجير وقطاع نقل البضائع عبر الشاحنات من استئجار بعض المواقع التي خصصتها الأمانة كمواقف للسيارات وبأسعار رمزية. وقال ان هذه المواقع لها دور في إلغاء معاناة مكاتب التأجير من سرقات حصلت لسياراتهم من أمام مكاتبهم، وقال ان الكثير من مكاتب التأجير منشآت صغيرة ولا تملك قدرة على شراء أو تأجير مواقف مع غلاء الأراضي . وأوضح النفيعي أن الاستثمار المتعلق ببيع أو تأجير المركبات، بات هاجساً يؤرق أصحابه ووصل لمرحلة أصبح الاستمرار أو الدخول فيه مخاطرة غير مأمونة العواقب، مؤكداً تراجع الكثير من المستثمرين عن الدخول في مشاريع مشابهة، مع انسحاب عدد من مالكي مؤسسات تأجير سيارات من السوق، مشيراً إلى أن ذلك يأتي بسبب تطور آليات التزوير بالنسبة للأوراق المقدمة عند تأجير أو شراء مركبة، لدرجة يصعب اكتشافها نهائياً بجانب غياب التشديد والتدقيق من قبل الإدارات القائمة على تسجيل ملكية هذه السيارات، بالإضافة إلى عدم استحداث أنظمة أكثر أماناً تتصدى لتطور آليات التزوير كانت وراء تدهور الأمر ليصل إلى ما وصل إليه . وعن قدرة بعض الأجهزة الخاصة بتعقب وإطفاء السيارة وتحديد موقعها والتي غزت الأسواق، كشف النفيعي أنهم بصدد انتظار أجهزة أخرى عبر شرائح مخفية لا يمكن الوصول إليها من قبل المستأجرين، مؤكداً أن الأجهزة المروج لها تعتمد على أريال ظاهري وتوصيل بالبطارية . من جهته، أكد خالد الجاسر رئيس اللجنة الفرعية للتقسيط بغرفة الرياض ومدير عام مؤسسة الجاسرية للتقسيط، أن قطاع التقسيط لم يكن بأقل تضرراً من قطاع التأجير جراء التزوير، مؤكداً وجود قوائم متعثرة لدى شركات التقسيط بسبب طلبات إقراض مزورة بطرق احترافية. وقال ان غياب التعاون بين شركات التقسيط والمؤسسات الممولة كانت وراء هذه المعاناة، كاشفاً عن آلية تعاون تبحثها حالياً لجنة التقسيط بالغرفة مع عدد من الجهات الأمنية ومراكز المعلومات، بهدف تعزيز ودعم المعلومات والبيانات الشخصية والمرورية والأمنية والخاصة بالمقترضين . ولم يعط الجاسر حجماً للمبالغ المتعثرة أو المعلقة والتي تتكبدها شركات التقسيط نتيجة عمليات التحايل، غير أنه أفاد أن هذه القضية تبقى معلقة ولا يمكن إعطاء رقم بشأنها طالما يجري متابعة تحصيلها باستمرار، مشيراً إلى أن الأمر كذلك يختلف من جهة إقراضية إلى جهة أخرى. وتابع "من الصعب تحقيق رصد دقيق للخسائر المالية جراء الوقوع في مصيدة تزوير الوثائق المقدمة لشراء سيارة أو أي أثاث أو خلافه لنشاط التقسيط الذي يتراوح حجم استثماراته أكثر من خمسة مليارات ريال"، لافتاً إلى أن التزوير درجات ويتفاوت بين تزوير تعريف بالراتب أو تزوير لأوراق شخصية . وأوضح مؤمن صلاح مسؤول مبيعات في إحدى وكالات السيارات الفارهة، أن خدمة بيع المركبة سواء بنظام التقسيط أو بنظام التأجير دائماً ما يكون هاجسا يؤرق القائمين على هذه الشركات نظراً لارتفاع ثمن هذه السيارات، مضيفاً أن نظام البيع بالآجل لسيارات من هذا النوع ربما يحمل من المخاطر ما لا يتوقعه شخص، وقال "نتحرز ونتوخى العميل المنتظم والذي يخلو سجله من أي سوابق أو مديونيات". وأوضح أن التعامل مع ضابط ورقيب ائتماني خاص بسجل تعامل الأفراد مع كل المنشآت التي تقدم خدمات بالآجل أو تمنح بالتأجير سيارة تم شراؤها بمبلغ كبير لا بد وأن تؤدي إلى إيجابيات كبيرة، غير أنه أوضح أن الأمر يستدعي إلزام كافة المؤسسات العاملة في قطاع التقسيط أو التأجير للاشتراك بقاعدة سجلات ائتمانية . وكان مركز الائتمان بالغرفة التجارية الصناعية بالرياض قد قام ولأول مرة في المملكة بطرح خدمة تبادل المعلومات الائتمانية بين منشآت تأجير السيارات، والتي تزودهم بسجلات ائتمانية عن عملائهم موضحة ما إذا كان على صاحب الطلب أي ملاحظات في تأجير السيارات أو مخالفات ائتمانية أو مديونيات معلقة أو متعثرة عند الغير بهدف دعم قرار التأجير . هذا ولجأت بعض أقسام الشرطة إلى إنشاء مكتب خاص داخلها يتولى بحث ومتابعة القضايا الخاصة ببيع وتأجير المركبات، وذلك بسبب توالي ورود قضايا حقوقية تتعلق باستئجار السيارات ولتراكم الشكاوى التي يتقدم بها مؤسسات خاصة بالتأجير.