االأمانة صفة عظيمة ومطلب أساسي وهي في أصلها حمل ثقيل أبت السموات والأرض والجبال أن تبؤ بحملها حين يقول الله عز وجل: (إنا عرضنا الأمانة على السموات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان إنه كان ظلوماً جهولاً) (الأحزاب - 72). ومع أنها حمل ثقيل الا انها يسيرة لمن يسرها الله عليه، فالداعية الذي يكون صادقاً في توجهه الى الله ويستعين بالله على أداء هذه الأمانة العظيمة فإن الله لن يخيب رجاءه. وقد يفهم بعض الناس أن الأمانة هي حفظ الودائع، مع أن حقيقتها في دين الله اعظم وأثقل. فعن أنس قال: "ما خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الا قال: لا إيمان لمن لا أمانة له ولا دين لمن لا عهد له". وللأمانة معان كثيرة منها: أن تنظر الى حواسك التي أنعم الله بها عليك، وإلى المواهب التي خصك الله بها، وإلى ما منحك الله من أموال وأولاد، فتدرك انها ودائع الله الغالية عندك، فيجب أن تسخرها في قرباته، وأن تستخدمها في مرضاته، فإن امتحنت بنقص شيء منها، فلا يستخفنك الجزع متوهماً ان ملكك المحض قد سلب منك، فالله أولى بك منك، وأولى بما أفاء عليك، وله ما اخذ وله ما اعطى.. والأمانة التي تدعو الى رعاية الحقوق، وتعصم عن الدنيا، لا تكون بهذه المثابة الا اذا استقرت في وجدان المرء، ورست في أعماقه، وهيمنت على الداني والقاصي من مشاعره.. وذلك معنى حديث حذيفة بن اليمان عن رسول الله: "إن الأمانة نزلت في جذر قلوب الرجال، ثم نزل القرآن، فعلموا من القرآن وعلموا من السنة". ومن معاني الأمانة صيانة الأسرار وحفظها، فقط جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال: "المجالس بالأمانة، الا ثلاثة مجالس: مجلس سفك دم حرام او فرج حرام او اقتطاع مال بغير حق". والأمانة فضيلة عظيمة وخصلة كريمة اعتنى بها الرسول صلى الله عليه وسلم عناية بالغة، فقد جاء رجل الى الرسول صلى الله عليه وسلم فقال: متى تقوم الساعة، فقال عليه الصلاة والسلام "اذا ضيعت الأمانة فانتظر الساعة" فقال: "وكيف اضاعتها، فقال عليه الصلاة والسلام "اذا وسد الأمر لغير اهله فانتظر الساعة". ومن معاني الأمانة وضع كل شيء في المكان الجدير به، واللائق له، فلا يسند منصب الا لمن يستحقه، ولا تملأ وظيفة الا بالرجل الذي ترفعه كفايته اليها. واذا تصدر الداعية منبر الاصلاح والتوجيه في المجتمع وكانت الأمانة من أبرز صفاته فسيكون تأثيره باذن الله قويا وواضحا وجليلا في مجتمعه. ومتى ما فقدت هذه الصفة في الداعية الى الله فان العواقب ستكون وخيمة والأضرار كبيرة. قال الله عز وجل: (ياأيها الذين آمنوا لا تخونوا الله والرسول وتخونوا أماناتكم وأنتم تعلمون @ واعلموا أنما أموالكم وأولادكم فتنة وأن الله عنده أجر عظيم) (الأنفال 27- 28). (@) عضو الدعوة في وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والارشاد