إحباط عمليات التهريب وتوحيد الجهود وتكثيف العمل التوعوي تبادل المعلومات والخبرات وتطوير البرامج لمكافحة الآفة الخطيرة أدركت المملكة ومنذ وقت مبكر أن تجارة المخدرات تعد من أخطر التحديات التي تواجه المجتمعات على الصعيدين الإقليمي والدولي، ومن القضايا العالمية التي تؤثر بشكل كبير على الأمن والاستقرار في جميع أنحاء العالم، فهي لا تقتصر فقط على تهديد الصحة العامة وسلامة الأفراد، بل تمتد لتشمل تأثيرات مدمرة على الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي والأمني، مما يتطلب استراتيجيات فعالة للتعاون الدولي لمكافحتها. "الرياض" في قراءتها تستعرض جهود المملكة واستراتيجياتها الدولية في تطبيق استراتيجيات التعاون الدولي في مكافحة تجارة المخدرات، وتستعرض الأطر النظرية، الآليات الدولية، والتحديات التي تواجه التعاون الدولي، ودور المملكة في التعاون الدولي مع المنظمات الدولية المعنية بمكافحة تجارة المخدرات كمكتب الأممالمتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، ومنظمة الصحة العالمية، إضافةً إلى توقيع المملكة على العديد من الاتفاقيات الدولية والتعاون الأمني والتقني والمعنية للحد من تجارة المخدرات، ومواجهة التحديات التي تعيق فعالية التعاون الدولي. مسؤولية دولية وتُعد ظاهرة الاتجار بالمخدرات أحد أبرز التحديدات الأمنية التي تواجه المجتمع الدولي نظراً لتأثيرها على قيم ومصالح المجتمع الدولي الذي يسعى إلى حمايتها، كما أنها اتخذت أبعاداً خطيرة، حيث أصبح الاتجار غير المشروع يحتل الصدارة في اهتمام دول العالم، كما أن خطورة هذه الظاهرة تزداد بالنظر إلى حجم الاتجار والتداول، وفي المقابل فإن المنظمات الإجرامية أصبحت تعتمد على إمكانات ضخمة ومتطورة للتغطية على جرائمها، كما يؤكد الواقع أن جزءا من عائدات الاتجار بها أصبح يستخدم في تمويل أنشطة الإرهابيين، والحقيقة الثانية أن عولمة الاتجار بالمخدرات أدى إلى إبراز مبدأ المسؤولية الدولية المشتركة في هذا المجال، حيث كانت أولى الخطوات في مجال التعاون الدولي للحد من انتشار المواد المخدرة بعقد اللجنة الدولية للأفيون 1909م بمدينة شنغهاي الصينية التي صاغت مبادئ التعاون الدولي لمكافحة المخدرات، وتبعها اتفاقية لاهاي 1912م، وهو أو عمل قانوني دولي في مجال الرقابة على إساءة استعمال المواد المخدرة، بعدها توالت الاتفاقيات والبروتكولات والتي نصت كلها في مجال خلق رقابة وإشراف دولي أكبر على تجارة المخدرات، وصولاً إلى الاتفاقية الوحيدة للمخدرات 1961م، حيث كان لها الفضل في تجميع المبادئ والأُسس التي جاءت فيها الجهود الدولية لمراقبة المخدرات، كما أن هدف اتفاقية المؤثرات في إخضاع المؤثرات العقلية 1971م يتمثل في إخضاع العقاقير ذات التأثير الى الرقابة والإشراف. ضرورة مُلحة لقد باتت مكافحة الاتجار غير المشروع بالمخدرات ضرورة ملحة تمليها المحافظة على القيم ومصالح المجتمع الدولي، حيث اتجهت الجهود الدولية إلى التفكير في وضع سياسة جنائية عالمية لتحريم هذه الظاهرة وهو ما حصل بالفعل، حيث عمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة في جلستها المنعقدة في 19 ديسمبر 1988م بغرض اتفاقية الأممالمتحدة لمكافحة الاتجار غير المشروع بالمخدرات والمؤثرات العقلية والموافق عليها بفيينا بتاريخ 20 ديسمبر 1988م، وتهدف هذه الاتفاقية إلى النهوض بالتعاون الدولي حتى يمكن التصدي بمزيد من الفاعلية لمختلف مظاهر الاتجار بهذه الآفة الخطيرة. تضافر الجهود وأولت المملكة موضوع مكافحة المخدرات جزءا كبيرا من أولوياتها، فعلى الصعيد العربي أقرت المملكة القانون العربي الموحد النموذجي لمكافحة الاستعمال غير المشروع للمخدرات والمؤثرات العقلية الصادر عن مجلس وزراء الداخلية العرب في عام 1406ه /1986م بتونس، كما تم التوقيع على الاستراتيجية العربية لمكافحة الاستعمال غير المشروع للمخدرات والمؤثرات العقلية التي أقرها مجلس وزراء الداخلية العرب في عام 1999م بتونس، بالإضافة إلى عدد من الاتفاقيات الثنائية مع عدد من الدول العربية والصديقة، وعلى الصعيد الدولي، ونظراً لأن قضايا زراعة وإنتاج وتصنيع وتهريب وإساءة استعمال المخدرات والمؤثرات العقلية قضية تتصف بالعالمية، فإنه من الصعب بل يمكن أن يكون ضرباً من المستحيل أن تقضي دولة بمفردها أو تتصدى للقضاء على تلك الظاهرة، لذا فإن تضافر جهود جميع دول العالم هو السبيل الأمثل من أجل تحقيق نتائج إيجابية في التوصل إلى تحرير شعوب العالم من أدران سوء استعمال المواد المخدرة والمؤثرات العقلية؛ لذا تحرص المديرية العامة لمكافحة المخدرات على أن تكون طرفاً إيجابياً في كافة أنشطة التعاون على جميع المحافل الدولية، من خلال التوقيع على مذكرات التفاهم والتصديق على الاتفاقيات الثنائية والمتعددة الأطراف والدولية، ومنها على سبيل المثال الاتفاقية الوحيدة للمخدرات والصادرة في عام 1961م، اتفاقية المؤثرات العقلية والصادرة في عام 1971م، اتفاقية الأممالمتحدة لمكافحة الاتجار غير المشروع بالمواد المخدرة والمؤثرات العقلية، والتي أبرمت في فيينا عام 1988م. كبح تهديدها وفيما يتعلق بمجال التعاون الدولي في تبادل المعلومات، فإن المديرية العامة لمكافحة المخدرات تقوم بالتنسيق مع أجهزة مكافحة المخدرات في عدد من الدول التي تتم فيها زراعة أو إنتاج أو تجارة أو عبور المخدرات، ولقد أدى هذا التنسيق والتعاون المتبادل إلى تحقيق نتائج إيجابية أدت إلى إحباط عدد من محاولات التهريب والقبض على أولئك المهربين، وتأتي جهود المملكة في مكافحة المخدرات في إطار الجهود الدولية لمكافحة هذه المشكلة، حيث تتعاون المملكة مع العديد من الدول الأخرى لتبادل المعلومات والخبرات وتطوير البرامج المشتركة لمكافحة المخدرات، كما تشارك المملكة في العديد من المنظمات الدولية والإقليمية المعنية بمكافحة المخدرات وتبذل المملكة جهودًا كبيرة لتبادل المعلومات مع أكثر من 30 دولة؛ لمواجهة آفة المخدرات العالمية، وكبح تهديدها المتزايد، وتبادل المعلومات والرصد المستمر بالتوازي؛ لتحديد ومعالجة العقبات التي تسهم في الانتشار العالمي للاستخدام غير المشروع للمخدرات. قانون قوي واستطاعت المملكة -بفضل الله- ثم بتوجيهات القيادة الرشيدة -حفظها الله- أن تصمد أمام تهديد المخدرات ودرء خطرها، وضبط مهربي ومروجي هذه السموم، وإحباط العديد من عمليات التهريب إلى داخل المملكة وتوحيد الجهود، وتكثيف العمل التوعوي، وتسعى جاهدة إلى الحد من انتشار المخدرات بين أفراد المجتمع، وتكوين وعي صحي واجتماعي وثقافي وقائي رافض لتعاطي المخدرات، من خلال تحقيق التناغم والانسجام، وتنسيق الجهود بين الجهات الحكومية والأهلية لتمكين المجتمع من المشاركة في مكافحته، ويعتبر القانون السعودي قويًا في مكافحة المخدرات، حيث يعد الحصول على المخدرات وترويجها واستخدامها جريمة يعاقب عليها القانون بالسجن والغرامة، ومن أجل تعزيز تنفيذ القانون تقوم وزارة الداخلية بكل ما من شأنه الإسهام في القضاء على هذه المشكلة الخطيرة، وكما تعمل على تطوير وتنفيذ السياسات الحكومية والبرامج والحملات الإعلامية لتعزيز الوعي المجتمعي بمخاطر المخدرات، والحيلولة دون انتشارها بين الأفراد وفي المجتمع، وتشمل برامج مكافحة المخدرات في المملكة تدريب رجال الأمن على تحديد وضبط وتدمير المخدرات، وتعزيز التعاون مع دول الجوار لتبادل المعلومات والخبرات في مجال مكافحة المخدرات، كما تقوم الوزارة بتنظيم الحملات الإعلامية والتثقيفية لتعزيز الوعي بمخاطر المخدرات. تتبع وإحباط وأسهمت جهود المملكة ممثلة في المديرية العامة لمكافحة المخدرات، العملياتية، في تتبع وإحباط نشاطات الشبكات الإجرامية الدولية، والتي نذكر منها أمثلة فقط وليس للحصر، حيث قامت المديرية العامة لمكافحة ا لمخدرات في تتبع وإحباط نشاط إحدى الشبكات الإجرامية الدولية التي تمتهن تهريب المخدرات إلى المملكة ودول العالم، ومنها إحباط محاولة تهريب 128 كلغم من مادة الكوكايين المخدر مخبأة داخل شحنة حاوية فاكهة الموز، بالتعاون مع الجهاز النظير في دولة ليبيا، وفي عملية مماثلة أسهمت وزارة الداخلية في إحباط نظيرتها العراقية محاولة تهريب سبعة ملايين قرص من مادة الإمفيتامين المخدر في العراق، مخبأة في شحنة بضائع ألعاب أطفال وطاولات كي ملابس قادمة من سورية مروراً بتركيا، وجاءت هذه العملية بفضل المتابعة الأمنية الاستباقية لنشاطات الشبكات الإجرامية، التي تمتهن تهريب المخدرات، وبناءً على معلومات قدمتها الداخلية السعودية ممثلةً بمديرية مكافحة المخدرات، لنظيرتها العراقية. متابعة شبكات وأسهمت الجهود الأمنية لمتابعة شبكات تهريب وترويج المخدرات التي تستهدف أمن المملكة وشبابها، بإحباط المديرية العامة لمكافحة المخدرات لمحاولة تهريب 11108998 قرصًا من مادة الإمفيتامين المخدر مخبأة في شحنة مواد غذائية بميناء الملك عبدالعزيز في الدمام، بالتنسيق مع هيئة الزكاة والضريبة والجمارك، وقبضت على مستقبليها بالمنطقة الشرقية، وهما مقيم من الجنسية الأردنية ومواطن، وفي عملية مماثلة أسهمت المتابعة الأمنية لشبكات تهريب وترويج المخدرات التي تستهدف أمن المملكة وشبابها، أسفرت عن إحباط محاولة تهريب (2465000 قرص من مادة الإمفيتامين المخدر داخل شحنة أسمدة زراعية عبر ميناء جدة الإسلامي، بالتنسيق مع هيئة الزكاة والضريبة والجمارك، والقبض على مستقبليها بمناطق مكةالمكرمةوالرياضوالشرقية وهم مقيم من الجنسية السورية، ووافدان نازحان ومواطنان. إحكام الرقابة وأعلنت المملكة عن إحباط عملية تهريب كميات ضخمة من المخدرات، عبر منفذ البطحاء الحدودي، وذكرت هيئة الزكاة والضريبة والجمارك أن كوادرها في منفذ البطحاء تمكنت من إحباط محاولة تهريب 1364706 حبات كبتاغون، عُثر عليها مخبأة في شحنة واردة إلى المملكة عبر المنفذ، وأوضحت الهيئة في بيان لها سابق أنه وردت شحنة عبر منفذ البطحاء، عبارة عن أجهزة تكييف، وعند خضوعها للإجراءات الجمركية، والكشف عليها عبر التقنيات الأمنية، والوسائل الحية، عُثر على تلك الكمية من الحبوب مُخبأة ضمن الشحنة، وأكدت هيئة الزكاة والضريبة والجمارك أنها ماضية في إحكام الرقابة الجمركية على واردات وصادرات المملكة، وتقف بالمرصاد أمام محاولات أرباب التهريب، وذلك تحقيقًا لأبرز ركائز استراتيجيتها المتمثلة في تعزيز أمن وحماية المجتمع بالحد من محاولات التهريب، وكانت المملكة قد أعلنت إحباط عملية تهريب مخدرات من ذات المنفذ الحدودي مع الإماراتي، وأفادت الهيئة ذاتها في يناير الماضي أن الشحنة حينها كانت عبارة عن "منتجات إنارة LED"، وخضعت للإجراءات الجمركية الروتينية، حيث تم الكشف عليها باستخدام التقنيات الأمنية المتقدمة والوسائل الحية، ليكتشف وجود الكمية الكبيرة من حبوب الكبتاغون مخبأة بداخلها. مداهمة وقبض ومن الإنجازات الأمنية في مواجهة التصدي لتهريب المخدرات دولياً الى أراضي المملكة أعلنت المديرية العامة لمكافحة المخدرات في بياناتها أن المتابعة الأمنية لشبكات تهريب وترويج المخدرات التي تستهدف أمن المملكة وشبابها، أسفرت عن رصد عملية تهريب كمية كبيرة من المخدرات إلى المملكة، ومتابعة وصولها إلى الميناء الجاف في مدينة الرياض ونقلها إلى أحد المستودعات، حيث تمت مداهمة الموقع والقبض على المشاركين في تهريبها وعددهم ثمانية مقيمين، ستة من الجنسية السورية واثنان من الجنسية الباكستانية، بحوزتهم (46,916,480) قرصًا من مادة الإمفيتامين المخدر مخبأة داخل شحنة طحين، وذلك بالتنسيق مع هيئة الزكاة والضريبة والجمارك، وجرى إيقاف المتهمين واتخاذ الإجراءات النظامية الأولية بحقهم وإحالتهم إلى النيابة العامة، وأشارت المديرية في بيانها في حينه أن كمية المواد المخدرة التي ضبطت في هذه العملية، تعد الأكبر من نوعها التي تتم محاولة تهريبها إلى المملكة في عملية واحدة، مؤكدًه أن رجال الأمن مستمرون بعزيمة وإصرار وحزم في تنفيذ مهامهم لمتابعة نشاطات الشبكات الإجرامية، التي تستهدف أمن المملكة ومواطنيها بالمخدرات، والتصدي لها وإحباطها والقبض على كل من يشارك فيها لينال جزاءه الرادع. تدريب رجال الأمن على تحديد وضبط المخدرات المشاركة في المعارض والفعاليات لتوعية المجتمع الرقابة والمتابعة كشفتا المجرمين وقدّمتهم للعدالة قراءة - د.مناحي الشيباني