"أنسنة المدن" الرسالة التي أراد صاحب الجائزة أن تحمل مشعلها، حيث أكاد أجزم أن ما من أحد تتاح له قراءة كتاب (تعزيز البعد الإنساني في العمل البلدي.. الرياض أنموذجاً) لسمو الأمير الدكتور عبدالعزيز بن محمد بن عياف إلا ويتملكه إحساس بأن صاحب هذا المؤلف يحمل رسالة سامية في غاياتها وأهدافها عنوانها (أنسنة المدن) ومضمونها كنز لا يكاد ينضب من البرامج والمشروعات التي تتعدد وتتنوع في أوجهها وجوانبها، لكنها تلتقي عند محور اهتمام واحد هو (الإنسان) ساكن المدينة، حيث يشير سموه أنه في مسعاه المهني كان دوماً متشرباً بقناعة مؤداها أن (الإنسان غاية كل تنمية)، حيث ظلت مسألة الأنسنة تنشد إجابة طيلة مسيرته منذ أن كان عضو هيئة التدريس في كلية العمارة والتخطيط بجامعة الملك سعود، وقبلها طالباً في قاعات الدراسة بالجامعة، حتى تولى مسؤولية أمانة منطقة الرياض. يقول سمو الأمير في مستهل مؤلفة ضمن عبارات تحمل العرفان والتقدير لصاحب الفضل الأول بعد المولى عز وجل في دعمه لتحقيق أهداف رسالته التي حملها على عاتقة أميناً لمنطقة الرياض: "أتشرف ابتداءً أن أذكر بكل العرفان الدور الكبير لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، الذي كان أمير منطقة الرياض لأكثر من نصف قرن في الدفع باتجاه برامج الأنسنة ومشروعاتها، فلم يكن لها أن ترى النور إلا بفضل من الله، ثم بدعم ومؤازرة منه -حفظه الله-، لقد قدم للمدينة وسكانها على وجه العموم وللأمانة ولنهج الأنسنة على وجه الخصوص كل دعم واهتمام وتوجيه ومتابعة دؤوبه". كما يعبر عن مدى أصالة هذا المصطلح في مفهومه وأسسه، وإن ظهر بمسميات معاصره، حيث نرى شواهد ذلك في الأجزاء التاريخية من مدننا التي عايش خادم الحرمين الشريفين حفظه الله مراحل التحول التي مرت بها وآمن بمدى أهمية استعادة ما كانت تزخر به من قيم اجتماعية وثقافية تأسست عليها، حيث يقول: "أذكر بالتقدير أن خادم الحرمين الشريفين علمنا أن رياضنا الفتية، إذا تسير بخطى واعدة نحو مستقبل مشرق لن تجد مشقة في المزاوجة بين ماضيها التليد والقيم التي ترسخت في هذا المجتمع وتكويناته الاجتماعية والثقافية، وبين تطلعاتها لمستقبلها بوصفها مدينة حديثة تنافس غيرها من المدن العربية والعالمية الأخرى. وكان لهذا الفهم الواضح من جانبه لقضية التوجه للجمع بين الأصالة والمعاصرة أن يرسخ وعيي بضرورة بناء ما يعزز القدرة على بلوغ آفاق الحضارة الحديثة في مدينتنا دون التخلي عن روائع الماضي، وكان هذا ملمحاً مهماً يحيط بمعنى الأنسنة" ولعلي أختم هنا باستحضار العبارة التي سطرها في نهاية مؤلفه القيم، وقال ما نصه: "إن الإنسان في خلافته للأرض مأمور دوماً بالعمل، ولا يزيد من قدره شيء، بقدر السعي لعمارتها والإصلاح فيها، وجعل كل مكان يطؤه مثالاً يترجم هذه المهمة السامية، ويقيم فيها أعمدة التحضر والبناء"، فهذه العبارة توحي بكل تأكيد إلى منطلق سموه في تأسيس جائزة (أنسنة المدن) التي تحمل اسمه وتحتضنها المؤسسة العلمية التي نبتت فيها بذرة إهتمامه بهذا المسألة، لتكون هذه الجائزة المشعل الذي يحمل الرسالة التي ظل مؤمناً بها وهي أن (الإنسان غاية كل تنمية).