تعتبر إيران إحدى الدول التي تنطوي على تعقيدات سياسية وثقافية كبيرة حيث تتضارب الأهداف الوطنية مع الأهداف الطائفية بشكل ملحوظ، ونرى هذا التضارب في السياسات الداخلية والخارجية مما خلق ديناميكيات معقدة تؤثر على استقرار البلاد وتطلعات شعبها. يسعى الشعب الإيراني بأهدافه الوطنية إلى الاستقلال الوطني للحفاظ على السيادة الوطنية وعدم التدخل الأجنبي في الشؤون الداخلية، وتعزيز النمو الاقتصادي من خلال تنويع الاقتصاد وتقليل الاعتماد على النفط، وتحسين مستوى المعيشة، كما يسعى الشعب الإيراني إلى تحقيق العدالة الاجتماعية بتحقيق العدالة والمساواة بين جميع أفراد المجتمع، وتوفير الفرص للجميع كما يعد التعاون الإقليمي والدولي أحد أهم الأهداف الوطنية التي تساهم في تحقيق استقرار سياسي ينعكس بشكل إيجابي على تحقيق الأهداف الوطنية للبلاد. تعارض هذه الأهداف مع أهداف طائفية جعلت من إيران دولة معزولة عن إقليمها المجاور والعالم، وتتلخص الأهداف الطائفية إلى تصدير الثورة بالسعي لنشر أيديولوجيا التشيع الثورية عبر دعم الجماعات السياسية والمسلحة في دول أخرى مثل اليمن والعراق وسوريا ولبنان مما ساهم بتحقيق العقوبات الدولية على إيران والتي بدورها أثرت سلبياً بشكل كبير على التنمية الاقتصادية وتسبب ارتفاعاً في معدلات البطالة والتضخم في البلاد. كما أن الهدف الطائفي بدعم الأقليات الشيعية في دول مجاورة والذي يعتبر تدخلاً صارخاً في الشؤون الداخلية لهذه الدول والذي سبب توترات إقليمية ونشر الفوضى في المنطقة وجعلها منطقة غليان أمني مستمر انعكس سلباً على الاستقرار الداخلي الإيراني وزادت من العزلة الدولية لها. ويعتبر تأمين النفوذ الإقليمي عبر استخدام الهوية الطائفية لتعزيز النفوذ الإقليمي، خاصة في مناطق مثل الشرق الأوسط أحد أهم الأهداف الطائفية الإيرانية التي تساهم في تعطيل الاستقرار السياسي الذي تسعى له الشعوب كهدف وطني لاستقرار بلادها، في الحقيقة إنه في ظل التناقض بين الأهداف الوطنية للتنمية والتطور ومساهمة الأهداف الطائفية بإحداث الفوضى والفساد وتعطيل التنمية في البلاد تحدٍ كبير يواجه الشعب الإيراني. التطورات الأخيرة في المنطقة هي انعكاس طبيعي لكل الأزمات التي صنعتها إيران خلال أكثر من أربعين عاماً، وها نحن اليوم أمام الإعلان الأخير لمغادرة إيران بمشروعها الطائفي لكل أركانها في المنطقة ولكن ما ينتظر إيران في الداخل هو تلك التوترات المحتملة بين الأهداف الوطنية والطائفية والتي سوف تطرح تساؤلات حول مستقبل إيران والصراع المتوقع بين عقل الثورة وعقل الدولة، وكيف يمكن أن يؤثر هذا التضارب على مسار البلاد في عالم سريع التغير، إيران حسابياً سوف تحتاج إلى أكثر من أربعين عاماً أخرى لتصحيح أوضاعها الداخلية بعد أن تهبط طائرتها الطائفية في طهران.