منى الناهض « كنت مشغولة بحياتي، لكن السرطان غيّر كل شيء» فاطمة الهجرس: فقدت جزءًا من جسدي، لكنني لم أفقد إرادتي هدى اللحياني : الأمل هو الدواء الحقيقي في معركتي مع السرطان نورة السعيد: لقد جعلتني هذه المعركة أكثر قوة وإصرارًا بمناسبة شهر أكتوبر الوردي، شهر التوعية بسرطان الثدي، تجدد الدعوات للتوعية بأهمية الكشف المبكر كوسيلة فعالة للوقاية والشفاء. حيث أن سرطان الثدي ليس مجرد مرض جسدي، بل هو معركة نفسية تخوضها النساء، وتعتمد قدرتهن على تخطي هذه المحنة بشكل كبير على الإيمان والدعم العائلي. لقد التقيت بعدد من النساء الشجاعات اللواتي تغلبن على المرض، وتجسد قصصهن روح الأمل والتحدي، مما يبرز دور الاكتشاف المبكر في إنقاذ الحياة. وفي هذا السياق، تأتي جهود المملكة لمكافحة سرطان الثدي، التي تتضمن إطلاق العديد من المبادرات والبرامج التوعوية. فعلى سبيل المثال، تُعد الحملات السنوية التي تُقام خلال شهر أكتوبر الوردي من أبرز هذه الجهود، حيث تشمل فعاليات في المستشفيات والمدارس والجامعات لتعزيز الوعي بمخاطر المرض. وتدعم هذه الحملات توفير مراكز فحص متخصصة، بما في ذلك الماموغرام المجاني، الذي يُقدم بهدف تشجيع النساء على إجراء الفحوصات الدورية. علاوة على ذلك، تقدم «الجمعية السعودية الخيرية لمكافحة السرطان» و»جمعية زهرة» الدعم النفسي والمادي للمريضات وأسرهن، بما في ذلك ورش العمل التثقيفية وحملات الفحص المجاني في المناطق النائية. وتُجسد هذه المبادرات أهمية التعاون في تعزيز الوعي بصحة المجتمع، حيث يمثل الكشف المبكر خط الدفاع الأول في مكافحة سرطان الثدي. ومع دخولنا شهر أكتوبر الوردي، يبقى هدفنا هو نشر الوعي وتشجيع النساء على إجراء الفحوصات الدورية والاستفادة من الموارد المتاحة، مما يسهم في تكوين مجتمع أكثر صحة وعافية. السرطان جعلني أقوى السيدة نورة السعيد – متقاعدة من سلك التعليم – تروي تجربتها المؤثرة مع مرض سرطان الثدي، قائلة: «في عائلتنا، النساء يعشن طويلًا. والدتي عاشت حتى 94 عامًا، وجدتي حتى 92 عامًا، لم أفكر يومًا في أنني قد أواجه مرضًا مثل سرطان الثدي، خاصة مع هذه الجينات القوية. لم أكن من المنتظمات في فحص الثدي، ورغم ذلك قمت به عدة مرات، ولم تظهر أي نتائج غير طبيعية سوى وجود «أنسجة كثيفة». تستكمل السعيد حديثها قائلة: «بعد إصابتي بفيروس كورونا، لاحظت تورمًا مؤلمًا تحت ذراعي. في البداية اعتقدت أنه مجرد أثر جانبي من الفيروس، ولكن مع مرور الوقت، لم يختف الألم بل زاد سوءًا. شعرت بأن هناك شيئًا غير طبيعي، ولكنني لم أخبر أحدًا. قمت بزيارة مستشفى وأجريت فحصًا بالموجات فوق الصوتية. بعد يومين، تلقيت الخبر الصادم: إنه سرطان الثدي.» بعد التشخيص، اتخذت قرار العودة إلى الرياض لأكون بالقرب من عائلتي. وتقول: «بدأت ابنتي، التي تعمل ممرضة، في البحث عن أفضل رعاية طبية لي. وكان الفريق الطبي الذي أشرف على حالتي من أفضل المتخصصين. خضعت للعلاج تحت أشراف استشاري جراحة الأورام أظهر لي تعاطفًا كبيرًا وساندني نفسيًا وجسديًا. بعد سلسلة من الفحوصات الدقيقة، تقرر إجراء استئصال كامل للثدي، فقد كان الورم عدوانيًا للغاية.» خضعت نورة لجلسات علاج كيميائي وإشعاعي مكثفة على مدار عدة أشهر. تصف هذه المرحلة بقولها: «كانت رحلة العلاج شاقة، خاصة العلاج الكيميائي، الذي استمر لأكثر من ستة أشهر. وبعد الانتهاء من العلاج، بدأت باستخدام دواء Verzenio الذي ساعدني على الاستمرار، رغم الآثار الجانبية الصعبة.» وتختم السعيد حديثها بتأملاتها حول تجربتها: «لم أكن أتوقع أن أمر بكل هذه التحديات، ولكنني أشعر بالامتنان لفريقي الطبي ودعم عائلتي. هذه الرحلة جعلتني أقوى وأكثر تقديرًا لكل يوم من حياتي. ورغم كل الصعوبات، أدرك أنني من المحظوظات. هذه المعركة، رغم قسوتها، منحتني الفرصة لإعادة اكتشاف قوتي وإعادة بناء حياتي من جديد.» لحظات مرعبة كان يومًا عاديًا لكنه أصبح نقطة تحول في حياتي، هكذا بدأت السيدة هدى اللحياني البالغة من العمر 54 عاماً وتعمل في أحد القطاعات الخاصة حديثها عن تجربتها مع سرطان الثدي:» لم أكن أفكر كثيرًا في أهمية إجراء هذا الفحص بانتظام، لكن ذلك تغير بعد أن انضممت للعمل في أحد المراكز الطبية الخاصة، حيث خضعت لفحص روتيني. لم أتوقع أي شيء غير عادي، ولكن بعدها تلقيت مكالمة تفيد بأن النتائج لم تكن طبيعية، مما استدعى إجراء خزعة من الثدي الأيمن. وهنا اكتشف الأطباء وجود مشكلة. شعرت بالخوف والقلق والغضب، لا سيما عندما قالت إحدى الممرضات في مركز فحص سرطان الثدي: «لم أرَ شيئًا مثل هذا من قبل». تلك العبارة صدمتني وأثارت مخاوفي أكثر، فقد كان واضحًا أن هناك شيئًا مقلقاً. وتواصل « بعد الخزعة، تلقيت اتصالًا من المركز يخبرني بأنني مصابة بسرطان الثدي. كانت تلك اللحظة مرعبة. ومنذ تلك اللحظة بدأت رحلتي مع العلاج. في ديسمبر العام الماضي، خضعت لتصوير بالرنين المغناطيسي للثدي الأيسر، واكتشفوا وجود ورم صغير بحجم 4 ملم، إضافة إلى سرطان آخر في الثدي الأيمن. كانت النتيجة استئصال الثديين بالكامل. وأوضحت اللحياني « في يوم الجراحة، شعرت بالخوف والقلق، لكنني قررت المضي قدمًا. عندما استيقظت بعد العملية، لم أجد ثدييّ وشعرت بالإرهاق والغثيان. بالرغم من كل الألم الذي مررت به، فإنني أستعد الآن لجراحة إعادة بناء الثدي في نوفمبر 2024. وتزيد: «خلال هذه الفترة، تلقيت دعمًا كبيرًا من جمعية زهرة، والذين قدموا لي المساندة والموارد اللازمة. ورغم صعوبة المعركة، أقول لكل امرأة: كوني شجاعة وقوية، وواصلي القتال مهما كان الأمر شاقًا. سرطان الثدي هو رحلة بالنسبة لي، وأنا مستمرة في الكفاح للعيش بأفضل صورة ممكنة. رحلة الأمل والشفاء تتجسد قوة الأمل في قصة منى الناهض، سيدة في الأربعين من عمرها، هي واحدة من الناجيات الشجاعات من سرطان الثدي. ، وهي أم لثلاثة أبناء . عانت منى في البداية من علامات غريبة، لكنها لم تُعِرها اهتمامًا كبيرًا. وتقول "كنت مشغولة بتربية أبنائي وعملي، ولم أعتقد أن هناك شيئًا خاطئًا»، تقول.بعد فترة، شعرت منى بألم في صدرها، مما دفعها أخيرًا للذهاب إلى طبيبتها. وبالفحص، تم تشخيصها بسرطان الثدي في مرحلة مبكرة. «كانت تلك اللحظة كالصاعقة. شعرت بأن عالمي قد انهار. كيف سأخبر أبنائي؟» تذكر منى بصوت مليء بالحنين والضعف. خلال تلك اللحظات العصيبة، كان دعم عائلتها هو الملاذ الذي تلجأ إليه. والدتها، التي عانت أيضًا من نفس المرض، كانت بمثابة مصدر الإلهام لها. «كانت أمي دائمًا تشجعني على مواجهة الصعوبات برأس مرفوع، وتجعلني أدرك أنني لست وحدي في هذه المعركة»، تقول منى. كما لعب والدها دورًا محوريًا في دعمها. كان دائمًا يتواجد بجانبها، يساعدها في كل ما تحتاجه. «لقد كان قويًا مثل الجبل. كانت كلماته تحثني على الأمل، وتخبرني أن كل شيء سيكون على ما يرام»، تضيف منى. وزوجها أيضًا، كان أحد أعمدة قوتها. لم يتخلَ عنها، بل كان رفيق دربها في كل خطوة. «لقد كان لي سندًا، يساعدني في رعاية الأبناء ويمنحني القوة لأواجه العلاج. كان يذكرني دائمًا بأنني أم قوية، وأنني أستطيع التغلب على كل شيء»، تقول بنبرة امتنان. تبدأ رحلة العلاج، حيث تلقت منى جلسات من العلاج الكيميائي. كانت هذه الفترة صعبة للغاية، ليس فقط على صحتها الجسدية، بل على حالتها النفسية أيضًا. «كنت أواجه صعوبة في النظر إلى المرآة. شعرت بأنني فقدت جزءًا كبيرًا من هويتي»، تضيف. لكن رغم الصعوبات، بدأت منى في البحث عن طرق لدعم نفسها. انضمت إلى مجموعة دعم للناجيات من سرطان الثدي، حيث تعرفت على نساء أخريات يشاركنها نفس المعاناة. «كان وجودهن بجانبي مهمًا. ساعدتني قصصهن على رؤية النور في نهاية النفق»، تقول. مع مرور الوقت، استطاعت منى التغلب على المرض، وعادت إلى حياتها الطبيعية. لكن تأثير المرض ترك أثرًا عميقًا في حياتها. قررت بعد هذه الرحلة أن تكون صوتًا للناجيات، وأطلقت حساباً في مواقع التواصل الاجتماعي للتوعية بسرطان الثدي، وتسلط الضوء على أهمية الفحص المبكر. اليوم، تعتبر منى نموذجًا للقوة والأمل. تعيش حياتها بشغف أكبر، وتؤكد لأبنائها دائمًا أن الحياة قصيرة وأنه يجب عليهم الاستمتاع بكل لحظة. «لقد تعلمت أن الشجاعة ليست في عدم الخوف، بل في مواجهة هذا الخوف والتغلب عليه. شجاعة وإصرار في أروقة أحد المستشفيات الحكومية، حيث تسود روح التعاون والرعاية، تعمل فاطمة الهجرس، التي تبلغ من العمر ثلاثين عاماً، كأخصائية فنية في قسم الأشعة. تتمتع فاطمة بشغف كبير لمساعدتها للآخرين، حيث تعكس ابتسامتها الدافئة ودقتها في العمل المهني روح الأمل في كل من يتعامل معها. لكن حياتها الهادئة تعرضت لتقلبات غير متوقعة عندما اكتشفت، عن طريق الصدفة، أنها مصابة بسرطان الثدي. تروي فاطمة قصتها قائلة: «كنت أشعر بالقلق عندما لاحظت تغيرات غير طبيعية في جسدي. بعد إجراء الفحوصات، جاءتني النتيجة التي لم أكن أتوقعها: سرطان الثدي.» شعرت فاطمة بصدمة عميقة، لكن إيمانها بنفسها ورغبتها في التغلب على هذا المرض دفعاها للبحث عن خيارات العلاج. بعد مناقشة مع الأطباء، تقرر إجراء عملية إزالة الثدي الأيسر، مما كان قرارًا صعبًا للغاية بالنسبة لها. تقول: «لقد كان من الصعب تقبل فكرة فقدان جزء من جسدي، ولكن كنت عازمة على قتال هذا المرض.» وبعد العملية، بدأت فاطمة رحلة العلاج الهرموني، حيث تلقت الدعم من عائلتها وزملائها في العمل، الذين كانوا دائمًا بجانبها. خلال فترة العلاج، واجهت فاطمة تحديات جسدية ونفسية. لكن بدلاً من الاستسلام، استخدمت هذا الوقت لتوعية الآخرين حول سرطان الثدي. بدأت بمشاركة تجربتها عبر وسائل التواصل الاجتماعي، مشجعةً النساء على إجراء الفحوصات الدورية. تقول: «أريد أن تكون تجربتي مصدر إلهام للآخرين، خاصةً الفتيات في عمري، ليكونوا واعين لصحتهم.»اليوم، بعد أن تجاوزت مراحل العلاج، تعود فاطمة للعمل بشغف أكبر من ذي قبل، مستفيدة من تجربتها الشخصية لمساعدة مرضى آخرين. وتقول «المعركة ضد سرطان الثدي ليست سهلة، لكنها جعلتني أرى الحياة من منظور مختلف. كل يوم هو فرصة جديدة.» الدعم النفسي تعتبر إصابة السيدات بسرطان الثدي من التحديات الصحية التي تؤثر بشكل كبير على حياتهن النفسية والجسدية. في هذا الإطار، نتحدث مع الدكتورة ندى العتيبي، استشارية الأورام، لتسليط الضوء على المراحل التي تمر بها المريضة، وطرق العلاج، وأهمية العلاج النفسي في هذه الرحلة. وتوضح « تبدأ الرحلة بتلقي الخبر الصادم عند التشخيص، حيث يُشخّص سرطان الثدي عادةً من خلال الفحوصات الذاتية، الماموجرام، أو الخزعة. وتشدد الدكتورة ندى على أهمية الفحص المبكر، الذي يمكن أن يزيد من فرص الشفاء بشكل كبير. بعد التشخيص، يتم تحديد مرحلة السرطان بناءً على حجم الورم وانتشاره إلى الغدد الليمفاوية. تشمل خيارات العلاج المتاحة جراحة استئصال الورم أو الثدي بأكمله، اعتمادًا على حجم الورم. بعد الجراحة، قد تتلقى المريضة العلاج الكيميائي، الذي يُستخدم لتقليص حجم الورم أو القضاء على الخلايا السرطانية. كذلك، يُعتبر العلاج الإشعاعي خيارًا مهمًا يُستخدم عادةً بعد الجراحة لتدمير أي خلايا سرطانية متبقية، في حين يُمكن أن يُستخدم العلاج الهرموني لمنع عودة السرطان. بعد انتهاء العلاج، تبدأ مرحلة المتابعة الدورية، التي تُعدّ من الجوانب الحيوية لرعاية المريضات. تركز هذه المرحلة على مراقبة أي علامات على عودة السرطان، بالإضافة إلى متابعة الحالة النفسية للمريضة. تؤكد الدكتورة ندى على أن الدعم النفسي يلعب دورًا محوريًا في رحلة الشفاء. حيث قد تعاني المريضة من مشاعر القلق والاكتئاب وفقدان الهوية، مما يجعل من الضروري توفير دعم نفسي مناسب. يمكن أن تتضمن أشكال هذا الدعم الجلسات النفسية التي تساعد المريضات على التعبير عن مشاعرهن وفهم تجربتهن بشكل أفضل. بالإضافة إلى ذلك، تعتبر المجموعات الداعمة خيارًا مثاليًا، حيث توفر بيئة آمنة للمشاركة مع مريضات أخريات والتواصل مع من يشاركنهن التجربة.